صحيفة المثقف

دروسٌ فاتها الأوان

خالد الحليدروسٌ مرتبكة

اِعْتِقي أيّامَنا النابضةَ الألوانِ من وقتٍ مكبّلْ

و اِبعِدي أُرجوحةَ الأوهامِ عن حُلْمِ مؤجّل

طرّزي الأفقَ بأقواسِ قُزَحْ

وابصري كيف سيأتينا الفرحْ

حرّري أيامَنا المسلوبةَ الأحلامِ غَدْراً

واقطفيها وردةً ترقصُ عِطراً

اِزرعيها في مكانٍ لا تراه الريحُ يوماً

وانثريها في فضاءٍ يحتسي شمساً وغَيْماً

إنّهُ الدرسُ الذي قالتْهُ لي ريحُ الشمالْ

وهُوَ الدرسُ الذي باحتْ به ريحُ الجنوبْ

غير أنّا

قد جَرَعْنا

غُصَصَ الخيبةِ من باقي الدروسْ

فدروسُ الغربِ لا  تبعثُ ضوءاً

ودروسُ الشرقِ لا تعلنُ شيئاً

- 2 -

اِكتبي حُلْمَكِ بيْنَ النَبَضاتْ

اِرسمي وجهك فوقَ الكلماتْ

بعثري أوراقنا المرتبكةْ

واِسكُبي ضوءَ المحابرْ

فوق أوراقِ السنينِ الحالكةْ

 

أول .. وأخير

في درسِهِ الأوّلْ

قالَ لهُ الأستاذْ

إيّاكَ أن تظلّ نائماً

وتعبرُ السنينْ

إياكَ أنْ

تَسْبِقَكَ الأيامْ

سارقةً

من عُمرِكَ الأحلامْ

**

في درسه الأخيرْ

لمْ يَحضُرْ الأستاذْ

تخيّلَ الطالبُ أنهُ

يَسْمَعُ صوتَهُ

وهو يقولُ سارحاً

تلميذيَ المسكينْ

ما زلتَ بالسّرابِ حالماً

و في السّباتِ غارقاً

وتركضُ السنينْ

 

كان حُلْماً!

حُلْمٌ أتى في نومِها مرةً

كانَ هو الأجملُ في عُمْرِها

حين أفاقتْ فرّ من صَحْوِها

فهرولت تصرخُ

عُدْ لي تعالْ

لم يلتفتْ نَحْوَها

مرّت سنينٌ عبرتها عقودْ

ظلّتْ على دأبِها

تدعوه يوميّاً ولكنه

ما عاد مكشوفاً لها وجهُهُ

يأتي جريحاً خافتاً صوتُهُ

يقول : لا .. لن أعودْ

إجازةٌ في درس

 

قبلَ أنْ يبدأَ دَرسَهْ

حدّثَ الأستاذُ نفسَهْ

درسُنا الأولُ كانْ:

- كيف نبدأ؟

درسُنا الآخِرُ كانْ:

- هل بدأنا؟

ما الذي قلناه في باقي الدروسْ؟

ما الذي سوف نقولْ؟

لم يَعُدْ يعرفُ ماذا

ولهذا

اِستغربَ الطلابُ، قالوا له عفواً

هل تُرى أنتَ مريضْ؟

قالَ أنتُمْ أذكياءْ

ليكنْ يوميَ هذا

يومَ عطلة

ولتكونوا طلقاء

***

شعر: خالد الحلّي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم