صحيفة المثقف

تبادل أدوار

اسماء محمد مصطفىكل شيء يمضي الى زوال بلعبة عبثية مكشوفة، حتى ذلك الطريق الذي اعتاد اجتيازه بسيارته الفارهة، رواحاً ومجيئاً، بين بيته ومؤسسته المهمة التي يديرها .

كلما جلس الى مكتبه، ماداً قدميه على مقربة من سلة المهملات يرتفع أنين مزدوج يصطدم بسجادة غرفته الفخمة دون أن يعرف مصدره، فقد انشغل، دوماً، برأسه الذي يخطط لعمله المؤسسي .

ـ يكرس كل إهتمامه برأسه .

تقول إحدى قدميه للأخرى التي ترد:

ـ ولايعير لأنيننا إهتماماً .. لمَ لا وهو لايُترَك مثلنا قرب هذه القمامة يومياً ؟!!

ـ ألا يكفي أنه يحشرنا في حذاء بينما يتمتع رأسه بظلال قبعة أنيقة .

ـ حريّ به أن يجلسنا في القبعة ، ويرمي فردتي حذائه فوق رأسه . هذا أقل مايستحق .. ليس صحيحاً أننا لانوازي رأسه عبقريةً .

ـ عبقرية رأسه تحجبها تلك القبعة التي لايخلعها مطلقاً .

تقرر القدمان الإطاحة برأسه .. هما ذكيتان اكتسبتا عقلاً بالعدوى من عشرات المقترحات المرفوضة والملقاة في سلة المهملات .

تتسمر عقارب الساعة عند موعد انتهاء الدوام . يغادر الرجل مكتبه حاملاً حقيبته الجلدية السوداء المتخمة بقرارات و .. إخفاقات شتى، وكلها سرية .

يبدأ بنزول السلم المؤدي الى خارج المبنى . تقوم قدماه بحركة خبيثة تفقده توازنه، فيتدحرج الى أسفل السلم حيث يسقط على رأسه . تتزحلق الحقيبة  من يده الى خارج المؤسسة، وتتطاير منها الأوراق السرية . يلتقطها صغار، ليصنعوا منها طائرات ورقية . تنظر القدمان من فوق الى الرأس باشمئزاز واحتقار . تتحرران من فردتي الحذاء الضيقتين، وتشتركان باحتلال القبعة .

لقد بدأت تواً مسرحية تبادل الأدوار .

***

أسماء محمد مصطفى

..................

القصة من مجموعتي القصصية (نحو الحلم) الصادرة في عام 1999

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم