صحيفة المثقف

فرعون

قصي الشيخ عسكرقصص قصيرة جدا

فرعون

أبو العبد لايجيد أي شغل، ولايفهم أية صنعه حتى أنه رفض عرض  أهل في أن ينضم إلى إحدى المنظمات في بيروت حارسا أو فراشا ليوفر على الأقل قوت يومه فرفض،وحين تم حصار المقامة وأرسلت بعدئذٍ الدول العظمى بوارجها وأساطيلها لإجلاء المقاتلين عن لبنان إلى بلدان أخرى وجد أبو العبد نفسه يقف نهاية أحد الطوابير التي كان أفرادها يصعدون إحدى البوارج وإذ جاء دوره وقبل أن يباشر بالصعود التفت فجأة نحو حاملة طائرات ولم يكن يعلم أهي أمريكية أم روسية ..رسم علامة النصر وتمتم : سوف يأتي يوم أعاملكم فيه عمل فرعون!

**

العنيد

آخر ما يروى من حكايات عن عناده الذي جبل عليه والذي لم تشذبه الأيام أنه اشترى كلبة ظنها كلبا فسكت الآخرون عنه  إلى اليوم المعهود حتى إذا حل وقت السفاد وتبعتها كلاب المحلة فرآى بأم عينيه ما تفعله بها استل مسدسه من جيبه غاضبا وصرخ وهو يصوب المسدس نحو رأس الكلب المزعوم: مت أيها الكلب العار!

**

لقاء عابر

تدفعني رغبة أليفة للابتسام بوجه أيِّ شرقي أقابله.

 ذات يوم في محطة " سفينة مولن " رد عامل التنظيف على ابتسامتي بوجه بشوش ثم توجه  إلي وقال:

قبل نصف ساعة كنت أنظف مكتب المحطة فجاءت سيدة وسلمت الإدارة مائة كرونة وجدتها على الرصيف بإمكانك أن تذهب الآن إلى المدير وتدعيها فنتقاسمها نحن الإثنين.

**

أسلحة

كان يكره جميع الاسلحة والآلات الجارحه ..بغضه  الشديد لها جعله يعرض عن لمسها فضلا عن هجره لسكين المطبخ التي تعد من ضروريات الحياة، وبعد أن مات صدمت الآخرين وصيته التي  خصص فيها جزء ا من ماله  يُصرَفُ على نحت مجسمات صغيرة  لطائرات ومدافع وبوارج وصواريخ ومسدسات  وقنابل وسكاكين ورماح وخناجر  تحيط بقبره!

**

فرهود

لم يفوِّت أيّة فرصة لنهب وسلب اليهود خلال نهاية الأربعينيات من القرن الماضي فيما عُرف بعام فرهود اليهود!

وخلال الحرب العراقية الإيرانية دخل الأهواز والمحمرة فكان يسرق قطعان غنم فرّ  أهلها ثم يأتي يبيعها في مدينة البصرة!

 وعندما احتل العراق الكويت رأيناه يعود ومعه بضاعة مختلفة من أجهزة تلفاز وساعات وأقلام وبعض السراويل والخواتم وأحمر الشفاة...

  في إحدى المؤتمرات الأدبية مطلع القرن الحالي رأيت الثلاثة مدعوين مع كبار المثقفين والأدباء: الجد والابن والحفيد. كنت على المنصة ألقي قصيدتي وأنا مشغول بالتأمل في تلك الوجوه الثلاثة!

**

آخر قبر

امتلأت مقبرة المدينة الوحيدة عدا قبرا واحدا ظلّ ينتظر من يموت في الأيام القادمة ،أمّا الموتى فيما بعد فسوف يُدفنون خارج المدينة عند تخوم الصحراء،كان كلّ واحد منّا في الوقت نفسه يودّ أن يكون وألا يكون أوّل من يموت في الأيام القادمة.

**

الفرّاش والمدير

توقّف فرّاش المدرسة عن تنظيف المكتب لحظات.كان يشير  إلى سروال المدير الذي انتهك عرضه قبل دقائق في البستان القريب وينبهه إلى بقايا تمر عالق في سرواله عند الركبة..

**

الأبله

كان يسرح ببقرة عمي كل يوم.يأتي فجرا فيقودها إلى المرعى ثم يعود بها وقت المغرب،وعندما ماتت البقرة بقيت زوجة عمّي تمنحه وجبات الطعام الثلاث كما لو أنه يعمل،وقد ظلّ على عادته يأتي عند الفجر يشدّ الحبل وراءه ويعود مع الغروب وإذ يذكّره أحدهم بموت البقرة يردّ مستهجنا أنّه  لا يأخذ طعاما دون مقابل.

***

قصي الشيخ عسكر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم