صحيفة المثقف

هكذا يعتدي جنود الاحتلال الإسرائيلي على العمال الفلسطينين..

بكر السباتينفإلى متى يختبرون صبرنا!

الدم الفلسطيني لم يخلق من ماء حتى يراق مجاناً دون أن يعبأ به العالم المجير للأقوى.. وكان صوت الدم مغموساً بلون العاصفة_ كما قال درويش- فإلى متى الصبر على الضيم الذي يعززه المطبعون من خلال رأسمالية متوحشة طاغية، جوهرها أن الغاية تبرر الوسيلة وفق ما جاء في كتاب الأمير لميكافللي.. والإنسان الفلسطيني ليس كائناً منقوص الكرامة حتى يُلْكَمُ فيُدمى وجهُهُ ويُداس عليه بعد أن يُلقى أرضاً؛ لمجرد أنه يلبى نداء الواجب الأسري ساعياً وراء رزقه بعد أن حاصره الفقر الناجم عن الاحتلال، ليطرق أبواب الرزق في أرضه السليبة، داخل الخط الأخضر، فلسطين التاريخية.. التي احتلتها العصابات الصهيونية عام ثمانية وأربعين.. وقد نَفَذَ إليها من خلال فسحات أحدثت في جدار الفصل العنصري كانت خاضعة للمراقبة الإسرائيلية بعد أن تم تخفيض الضغط عن الحواجز الرسمية توخياً لشروط الحظر الصحي بسبب كورونا.. فقد نشرت وسائل الاعلام الاسرائيلية الليلة الماضية ما فحواه أن فيديو جديد يُظهر اعتداءَ أفرادٍ من وحدات حرس الحدود الهمجية تعتدي بشكل وحشي على عمال فلسطينين تم القاء القبض عليهم على ذمة ناشر الخبر الذي لا ينطق إلا على هوى الجلاد الذي يجانب الإنصاف .. حدث ذلك في وضح النهار.. وكان يحدث هذا دائماً لولا شجاعة من قام بتصوير المشهد ليفضح همجية الجيش الإسرائيلي بوجهه القبيح بسبب ما اقترف من جرائم يندى لها الجبين منذ عام النكبة..

واظهر التقرير الذي نشرته قنوات اعلامية عبرية جنود الاحتلال وهم يعتدون على الشبان ويضربونهم بعصي ويقولون لهم متهكمين بعنصرية:

لماذا اتيتم الى هنا!

متناسين بأنهم لاذوا إلى أرضهم السليبة التي استحوذ عليها المحتل البغيض! ففي زمن الرياء هكذا تنقلب الأسئلة شكلاً ومضموناً.. فهل اكتفوا بذلك! طبعا لا.. فقد تفجر الحقد في أعماقهم، وانهالوا على العمال الآمنين بالضرب الوحشي كما أظهرهم الفيديو رغم أن أحد العمال وقد تلطخ وجهه بالدماء، كان يقول لهم إنه يحمل تصريح عمل موقع حسب الأصول، ويتوسل اليهم بتضرع كأنهم يمتلكون أسرار القدر.. إلا انهم إزاء ما قدم من استعطاف مهين كانوا يضحكون باستهتار كمن يعبث بدم الضحية من باب التلذذ والاستكبار.. كأنه فعل صهيوني منذور لطرد الخوف الذي يتحكم عادة بقلب الجاني.

التقرير الاسرائيلي اعترف أن جنود حرس الحدود قاموا ايضا بسرقة اموال من العمال الذين ظهروا في الفيديو بعد الاعتداء عليهم بوحشية وظهور الدماء على وجوه العمال، ولم يُذَكِّرِ التقريرُ المشاهدَ الإسرائيلي بسرقتهم لكل فلسطين التي يهان فيها أصحاب الأرض من الفلسطينيين المغبونين.

الاحتلال ادعى - كاذباً- أنه فتح تحقيقاً بالحادثة وأنه أوقف أفراد حرس الحدود عن العمل وأنهم يخضعون للتحقيقات.. إلا أن مصادر فلسطينية أكدت أن الاحتلال لطالما كان يكافئ جنود الاحتلال الذين ثبت تورطهم باعتداءات باتجاه فلسطينين في الماضي..

الصحفيون من جهتم حققوا مع العمال.. كانت قلوبهم الواجفة مرتعدة.. كأنهم عصافير سقطت في قبضات الصيادين.

 لقد اختبروا صبرنا طويلاً؛ لكن الاحتلال لا يدوم.. والدم الفلسطيني سيدمغ مسيرة النضال بالشموخ..

وفي الخاتمة نتذكر درويش وقد لامس بشعره الجرح الفلسطيني العميق.. كأنه شاهد على هذه الجريمة التي تخالف حقوق الإنسان حين قال:

"آه يا خمسين لحناً دموياً

كيف صارت بركة الدمِّ نجوماً وشجر؟

الذي مات هو القاتل يا قيثارتي

ومغنيك انتصر !"

لقد اختبروا صبركم وأنتم تهانون.. فما بعد الصبر إلّا الفرج..

 

بقلم بكر السباتين..

30 أوغسطس 2020

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم