صحيفة المثقف

ليلة سقوط الأقنعة

مصطفى عليوعلى ضِفافِ (السينِ) قد هَرِمتْ

رُؤى شيخِ الحداثةِ والنبوءةِ

بعدما  شاختْ خُطاهْ

 

مُتَرنِّحاً  إِذْ لا نبيذَ بِدَنِّهِ

لكنّهُ يهذي كما السكرانُ

من خَرَفِ الثمالةِ

عِنْدَ طاغيةٍ

تأبّطهُ بلا خجلٍ  إلٰهْ

 

أَوَ تعْجبينَ صديقتي

من نرْجِسِيٍّ واهمٍ

سَمّى غُروراً

نفسه ُ السكرى إلٰهْ

 

فَكَأنّما وَرَمٌ سرى في ذاتِهِ

وَأَناهُ كالأُنثى الجريحةِ

لَمْ تزلْ حُبلى

بما أنْساهُ أنّاتِ الجياعِ بِشامِهِ

دهرًا فلمْ تَنبُسْ لَهُ شَفَةٌ بِآهْ

 

فَمَتى إِذَنْ يبكي و لو كَذِباً

على سِرْبِ العصافيرِ

الذبيحةِ في (حَماهْ)

 

أُمِّ النواعيرِ التي قد قُتِّلتْ

بِفُؤوسِ مَنْ لا رِفْعَةٌ  في روحِهِ

أو قَسْوَرةْ

لكنّما ضَبْعٌ يسابقُ في الخنا

هَوَساً أخاهْ

 

ياشاعري ياساحِرَ الفِرْعونِ حتى

حينما أفنى حِماهْ

 

ألْقيْتَها فَإِذا بها تسْعى

وَتَرْقُصُ حَيَّةً

وَتَلقّفتْ ما حوْلها في لَحظَةٍ

فَتَعجّبَ المَلَأُ الذين تَوافدوا

من ساحرِ الفرعونِ

إِذْ ألْقى عَصاهْ

 

مُتَلوِّناً  مَنَحتْهُ حِرْباءِ (الجُبيْلةِ). سِرّها

فَتَشابَهَ الإِثْنانِ في طولِ اللسانِ

فَزالَ لَبْسٌ وإشتِباهْ

 

مُتَسوِّلاً سالتْ مَدامعُ ريقِهِ

شَبَقاً على دَبَقِ الجَوائزِ والشِفاهْ

 

ضيْفٌ  و شاشاتِ الفضاءِ مِنَصَّةٌ

فَبَدى كما الطاووسُ مَزْهوَّاً وَتاهْ

 

رَقَصَ المُخَضْرمُ وإنتشى مُتَصابِياً

بِمُدامَةِ التوْريثِ سُكْراً فعسى

هذا الوريثُ  المُرْتَجى

يُحْيي أَباهْ

 

لِيَذوبَ  لُؤمُ الثلجِ من حَدَقاتِهِ

فيصيرُ بحراً من دمٍ لا من مِياهْ

 

أَيُطرِّزُ الشعرُ المُعاصِرُ بُرْدةً

وَقِلادةً لبِطانَةِ السوءِ اللعينةِ

حيْثُ سَلْطَنةٌ و سُلْطانٌ وَجاه ؟

 

أَتُشيرُ بوْصلةُ القَدامَةِ والْأصالةِ

والغِنى نحْوَ الحداثةِ  مِشْعَلاً

أم ضيّعَ الرُبّانُ معنى الإتّجاهْ

 

ماذا أرى؟

شيخَ الحداثةِ قادمًا في جُبّةٍ

وَبِطيْلَسانِ المجلسِ المِلّيَّ؟

واخَجَلَ الجِباهْ !

 

قَسَماً بِدمْعي يا سُليْمى لا سِواهْ

بِكرامةِ الانسانِ في وطنِ العروبةِ

إِذْ تَعَرَّى :

لا كرامةَ لا عُروبةَ لا رَفاهْ

 

أسَفاً سُليْمى قد خُدِعْنا

مَرّةً بل مَرّتين

قومي إذن

رُدّي على جيلِ الخديعةِ

قَبْلَ أن يفنى صِباهْ

 

فَلَقد  قرأْناهُ صِغاراً  وإنْبهرْنا

بالفتى مهيارَ يهذي سادِراً  بِنَهارِهِ

وَهداهِدٌ من قرْيةٍ

في الساحلِ السوريِّ جاءت

بالبشائرِ والنُبوءاتِ التي قد صاغها

بالرملِ أو بالطينِ

معجوناً بأسرارِ قُراهْ

 

مُتَحوِّلاً ، قَالَ الزمانُ،

فلا ثوابتَ في النُهى

وَكَذا العوائدُ

عالقاتٌ في عُرى صيْرورةٍ

وَرُحى  مَداهْ

 

إِذْ لا سلاسِلَ في معاصِمِهِ

إذا إنطلقتْ يداهْ

 

سَكِرَ الرفاقُ بخمْرةِ العرّافِ يلسعُهمْ

نَزَقُ الغوايةِ والمُغامرةُ الفتيّةْ

 

مُتَوَهّمينَ وحالمينَ تعمَّدوا

في برْزخِ الرُؤيا

وَ غُدْرانِ الفُتوحاتِ الشهيّةْ

 

رَقصوا وداروا كالدراويشِ هُياماً

بالكُشوفاتِ البَهيّة

 

مُتأهِّبينَ لِفَكِّ أسرارِ الطلاسمِ بغْتةً

وَرِتاجِ بابٍ مِثْلَ أبوابِ الفراديسِ

التي قد سوَّرتْ مُدُناً قصيّة

 

مُتَأبّطينَ الليلَ أرصفةَ المدينةِ

والمصاطبَ بينَ أشجارِ العواصمِ

بعد ما يذوي سراجُ الحانةُ الكسلى

وَتشتعلُ الثُريّا دمْعةً

(والزُهْرةُ) الخضراء َ في كَبِدِ

السماواتِ العليّة

 

يَتَلقّفُ الغاوونَ أرغفةَ الحداثةِ

من تنانيرِ  الحقيقةِ والمجازْ

وَعَنادلاً حَمَلتْ ندى بيروتَ قادمةً

على ريشٍ بأجنحةِ الخيالْ

مَعَها صدى فيروزَ يعلو

في الصباحاتِ النديّة

 

جَلَبتْ لنا مَنّاً وَ سلوى

من سماء الأرْزِ  والجُمّيزِ

إِذْ يبتلُّ فجراً في دروبِ الأشرفيّة

 

فَلَطالما عَزَفَ المغنّي للورى

نَغَماً شَجيّاً عن  معاني الإنتماءْ

وَشَكى بِهمْهمةٍ عُيوباً

في تفاصيلِ الهُويّة

 

حتى إذا أزِفتْ و ضجَّ جياعُها

سَخرَ  الفتى  مهيارُ من

صوتِ الجياعِ لِأنّهم

طَلَبوا رغيفَ الخبزِ

قَبْلَ فهْمِ (البِنْيويّة)

 

فَإذا برائينا يعودُ القهْقرى

خَلَعَ الحداثةَ كلّها

نِعْلاً لأقزامِ القبيلةِ والنَسَبْ

 

سَفَهاً لذا الرائي المُجَنّحِ لا يرى

معنىً لِمعْمعةِ الخوارجِ أو  سَببْ

 

خَرجوا على صَنَمِ القبيلةِ مثلما

شُعراؤها خرجوا على التقليدِ

في دُنيا الأدبْ

 

مَنْ منهما خانَ العروبةَ والعربْ ؟

عَجَباً لِمَنْ حجبت بصيرتَهُ

العقائدُ فإحتجبْ

 

في بُرجهِ العاجيِّ  لا يدري

يأوجاع الأزقّةِ. والهوامشِ

حيثُ ملحمةُ التظاهرِ والشغبْ

 

فَلَرُبّما لم  ينْتسبْ للشامِ يوما

او حلبْ

 

مُتقوِقعاً ما بينَ

(مصياف) الهوى واللاذقيّة

 

الثلجُ في وجدانهِ وضميرهِ

لم يشتعلْ بالنارِ أو

دمعِ الضحيّة

 

فَحَذارِ من داءٍ تفشّى

في ذواتٍ نَرْجسيّة

 

نفضتْ غبارَ التيهِ عن أعماقها

وَتَوشّحتْ سِرَّ البواطِنِ

في الدهاليزِ الخفيّة

 

حيثُ الهوى نَزَعَ القِناعَ مُعانقاً

صُوَراً. وَ سِكّيناً  لِحشّاشٍ قديم

قطعتْ خناجرهِ

حُقولَ الياسمينْ

وَحَناجِرَ (الفرْزات) و(الساروتَ)

أغنية الجياع السرمديّة

***

مصطفى علي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم