صحيفة المثقف

الايمان الديني والعقل

علي محمد اليوسفجون لوك والدين

ينطلق جون لوك (1632 – 1747) من ضرورة الايمان الديني في تحقيقه شروط الحياة المجتمعية التي يجد الانسان فيها حقوقه مصونة ورغائبه الدنيوية محترمة لا يعاديها ولا يقاطعها الايمان الديني، ولوك يشترط في الايمان الديني ان لا يقوم على تخلي تطلعات الانسان الارضية وحرمانه منها من اجل نيلها في حياة الخلود ما بعد الموت. ويعتبر الايمان الديني ركيزة تماسك المجتمع اخلاقيا قبل اعتماده الايمان اللاهوتي ضمانة الانسان في نيل ثواب آخرته، واعتبر حق الحياة، والحرية، وحق التملك، حقوقا يجب ان لا تتعارض مع النزعة الايمانية اللاهوتية.

النزعة الايمانية عند جون لوك تضع اقدامها على الارض كضرورة حياتية تقوم على تسييد أخلاق الدين قيما مجتمعية والتزامات لا تفرضها الدولة كقوانين ملزمة، بقدر ماهي التزامات طوعية تقوم على مركزية الوازع الايماني الدفين عند الانسان المترسب في اعماق كل انسان يحكمه ويتحكم به الضمير الاخلاقي المجتمعي الذي يعبر متجاوزا سلطة القانون الوضعي الحكومي ليلتجيء الى طبيعة الانسان الارضية في نوازعه حب الخير والعيش بسلام ضمن مجتمع آمن يعرف الفرد حقوقه وواجباته كما يعرفها المجتمع ويمارسها بما يضمن حقوق الطرفين.

لوك هنا ينطلق من ان الانسان نزعة اخلاقية خيرية متأصلة فيه ليست فطرية تحب تحقيق الامن المجتمعي بضوابط النزعات الطبيعية التي يحملها الانسان، وهي نظرة ليست خاطئة تماما بقدر ماهي نزعة طوباوية تعبركل التطلعات الانانية المتاصلة بالانسان بنفس مقدار الايمان هو نزعة خير تتلبس الانسان بوازع ايماني اخلاقي يراقبه الضمير اليقظ. لوك لا يلغي العقل من الايمان الديني بقدر فهمه جوهر الدين يقوم على تنظيم الحياة المجتمعية اخلاقيا بما يحقق رغبة المجموع في حياة سعيدة.

اهمية العقل في الايمان الديني عند جون لوك مفهوما متقاطعا متناقضا منقسما على نفسه ففي الوقت الذي ينكر ما ينافي العقل التصديق به من معجزات، يؤيد امكانية تحقق الايمان العقلي بوسيلة الاستقراء الذي يقترب جدا بها من البرهان العلمي في تحقيق الايمان الراسخ بالخالق مجردا من معجزات الانبياء،مؤكدا الدين مستمد من طبيعة الانسان التي يحكمها الضمير الاخلاقي لا التي يزرعها اللاهوت الوضعي تلقينا دوغمائيا..جون لوك يتماشى مع الفهم الديني المثالي الذي ساد القرن السابع عشر وكانت بداياته الاولى على يد ديكارت الذي مارسه بحذر شديد خوفا من سلطة رجال الكنيسة المطلقة التي جعلت من محاكمة غاليلي موعظة لغيره. والايمان الديني العقلي الذي دعا له لوك غير محسوم مقارنة بوضوحه البائن لدى كل من سبينوزا ولا يبنتيز مع فارق جوهري كبيربينهما فكلاهما لا يعتبران الاستدلال العقلي لتحقيق الايمان الديني ينطلق من مفهوم تجريبي يقوم على التجربة والبرهان كما في العلم، فالايمان الديني سواء تحقق بالعقل البرهاني الوضعي، او بالاستدلال العقلي الميتافيزيقي فكلاهما سبينوزا وجون لوك رفضا استبعاد تحكيم العقل النقدي في قراءة اللاهوت الوضعي لكن كلا بطريقته الخاصة، فهما  ينكران ما يتعارض عقليا مع الايمان اللاهوتي الذي علينا تجاوزه وعدم الاخذ به، أي قاما بانكار المعجزات والطعن بها عقليا بعيدا عن أهمية التزام الانسان بالوازع الديني الاخلاقي الذي يقوم على ركائز الضمير اليقظ روحيا قبليا ويستبق تفكيرصرامة العقل في تحقق البرهان الايماني.

كلا من سبينوزا وجون لوك ارادا تسخير الايمان العقلي الديني على ارضية من وجود الانسان الطبيعي على الارض. فهما ادانا اللاهوت الوضعي في تكريسه اغتراب الانسان الديني في حياته الارضية بنسيان ما يعانيه على الارض من حرمان وفقر واجحاف في غمط حقوقه كي يكرس كل حياته من اجل الايمان الديني في تعويضه خسارته الارضية للحياة في جنان الخلد بعد الممات.

وفي الوقت الذي حثّ سبينوزا على اعمال العقل بوحدة موجودات الطبيعة ودقة تنظيمها بعيدا عن التفتيش فيما وراء الطبيعة، عمد جون لوك اعتبار الدين في حياة الانسان ضرورة حياتية تدعو لقيم الخير والتسامح بموجب عقد مجمتمعي عماده الاخلاق بالدين وليس الاخلاق الطقوسية في اللاهوت بما يجعل الدين فهما مقاربا لما كانت تبشر به ديانات ومذاهب القرون الوسطى. في وجوب زهد الناس بالحياة من اجل كسب الخلود بعد الممات، أي كانت ديانات القرون الوسطى تعدم تطلعات الانسان في ابسط مستلزمات الحياة مثل سد رمقه هو وعائلته من الجوع ولا يحصل عليه في التزامه التسليم المطلق لما يقوله اللاهوت الوضعي بالصبر.

وقد لاقت هذه الفلسفة الطبيعية المهادنة عند جون لوك مناوءة معارضة لها بشدة بدأها على حذر فرانسيس بيكون في أعلائه قيمة العقل والعلم في رفضه كل مايتنافى مع العقل حتى الايمان الديني، ليتسلمها ديفيد هيوم بخروجه التام عن كل ماهو ديني ويعلن الحاده على الملأ. ويوّرث نزعة الالحاد لكل من جورج مور وبراتراندرسل ووايتهيد واخرين من فلاسفة الانكليز الملحدين الذين وجدوا الاهتمام باللاهوت الديني مضيعة للوقت في الميتافيزيقا.

ديفيد هيوم والعقل الديني

ينطلق ديفيد هيوم(1711 – 1776) من تاكيده نزعة واهمية العقل في رفضه الدين كاملا ولم يجزيء هيوم الدين الى سلبيات وايجابيات ممكن الاستفادة منها، بخلاف جون لوك الذي رغم نزعته العلمية في رفضه كل ما ينافي العقل، كان يؤكد قدرة الاستدلال العقلي الوصول الى الايمان الديني بعيدا عن لاهوت تمجيد المعجزات، في حين رفض هيوم متماهيا مع جون لوك أن يكون الدين نزعة فطرية تلازم الانسان بالولادة، معتبرا الدين معرفة نوعية خاصة مكتسبة، كما رفض التسليم بالمعجزات كون التصديق بها منافيا العقل. دعى هيوم الى مسالتين منفصلتين صحيحتين تماما يتوجب توضيحهما هما:

- اصل الدين في العقل

- اصل الدين في الطبيعة

هيوم بهذا اراد الانفصال والتفريق بين اصل الدين بالعقل واصله بالطبيعة فهما دلالة واحدة عن معنى واحد هو الايمان الديني على الارض خارج وصاية لاهوت الدين المستمد من الارض ايضا وليس من السماء.، من حيث ان استدلال احدهما يقود للثاني هو العقل الانساني ومعجزة الخالق في الطبيعة. فنظام الطبيعة الذي يقوم على ثوابت قوانين عامة مذهلة يقود العقل التسليم بوجود فاعل متحكم بكل من الطبيعة والعقل بما لا يتعارضان بمقدار انهما بألاصل متكاملان ومتكافلان نحو بلوغ تحقق الايمان الغيبي بهما.

كان هيوم أجدر واكثر مقبولية بحثية عنده في هذا الفصل بين تجزئته العقل الديني الى مستويين من الايمان الديني المترتب عليهما، هذا الفصل الذي يفتح باب مناقشة ضرورة انفصال التدين الارضي اللاهوتي الوضعي، عن التدين الميتافيزيقي الالهي الذي يرى اننا لا يمكن ان نفهم تدين الارض من غير تعاليم السماء علما ان المصدرين واحدا هو قدسية الله المطلقة بالاسم واللاهوت الارضي الازدواجي بالتنفيذ القائم على مخاتلة رجال الدين التي يرفضها العقل. فلا قدسية الخالق بمطلق نواهيه قائمة ولا قدسية لاهوت الارض ونواهيه مجدية العمل بها.

نجد في تفريق هيوم بين ما هو ديني عقلي ارضي وضعي، وما هو ديني ميتافيزيقي سمائي انه " سعى الى تطوير نظرية وضعية في الدين حدد فيها ما هو اساسي وطبيعي في الاعتقاد الديني، من خلال تتبعه تاريخ الدين الطبيعي، الامر الذي يعني انه رفض التاريخ المقدس للدين. ونحّى جانبا التاريخ السامي فوق الطبيعي الذي تقدمه الكتب السماوية داعيا عدم تجاوز اية نظرية وضعية بخصوص نشاة الدين وتطوره. " نقلا عن محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم".

تنبه هيوم قبل فيورباخ الى ان العقل يقود كلا من الطبيعة والانسان على انهما دلالة واحدة لما تم اختراعه انثرويولوجيا عبير التاريخ وأن الدين في معنييه الاثنين بما هو ايمان يقوم على عبادة مقدس معبود، وعابد مخلوق، وطقوس دينية تعبدية وضعية. انما ترجع الى اصل واحد هو تأمل عقل الانسان في الطبيعة ومعرفة حقيقته الذاتية من خلال تلك المدلولات المتوحدة كما وبها ايضا يدرك عظمة معبوده.

التفريق بين الدين القائم على تعاليم لاهوتية ارضية سمّاها هيوم وضعية، هو دين السماء الذي تم تنزيله على الانبياء كاملا جاهزا. والدين الوضعي الارضي الذي يقوم على كيفية معيشة الانسان الدينية بما يحقق حياة كريمة للانسان، كلاهما عابران متجاوزان العقل والطبيعة في الاستدلال الذي مصدره السماء وليس الارض. كون مايكتبه ويعمل به لاهوت الاديان الارضي ليس مستمدا حقيقة قدسيته من تعاليم السماء التي تريد للانسان الحياة الكريمة السعيدة على الارض وفي السماء معا، وبذلك اصبحت حصة التدين الارضي الوضعي جنة رجال الدين على الارض وجحيم الناس عليها. ولم يكن لقدسية السماء علاقة بسبب هذا الاجحاف ولا مانعا في ازالته وعدم تصديقه والعمل به.

نجد مع الاختلاف الجوهري في المنهج المادي الذي قاد فيورباخ الى الالحاد الذي اوصل قبله هيوم اليه، هو ان فيورباخ وجد الاله في الطبيعة هوعقل الانسان على  الارض، وانكر امكانية العقل معرفة الهه في السماء. لذا نجده اعتبر الانسان والطبيعة والله تعبيرات مختلفة في الدلالة عن معنى واحد اخترعه عقل الانسان واسماه الدين. وهو ما يؤكد ما سعى له هيوم تحقيقه قبله لكن ليس بهذا الوضوح المنهجي المادي القاطع الذي مارسه فيورباخ.

العقل الديني بين الشرق والغرب

ربما بدت لغة هذا العنوان الفرعي غريبة كون ليس هناك عقلا مطلقا يسم ويحتوي ديانات الشرق القديمة والحديثة عموما، وكذا الحال مع العقل الغربي الديني الذي يحتوي من اختلاف المذاهب الدينية ما لا يقل عن الشرق نتيجة حرية المعتقد وحرية التفكير الديني في الاختيار والارادة.

حين نتأمل نشأة الاديان في الشرق القديم عموما، والتي أصبحت في تطورها الانثروبولوجي حديثة في الشرق والغرب على السواء، نجد أهمية التركيز على تطورات الاديان في منطقة الشرق الاوسط وتحديدا في منطقة شبه الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام وفلسطين واليمن اكثر من الغوص والتوغل في جدوى الانهمام بنشوء الاديان في الشرق الاقصى الهند والصين واليابان وغيرها.

الشرق الاوسط الجزيرة العربية واليمن والعراق وايران وبلاد الشام وفلسطين وافغانستان هي مهد الديانات التوحيدية وحتى الوثنية قبلها، فالمشرق العربي تحديدا انجب اليهودية والمسيحية والاسلام، كما أن نفس هذه الرقعة الجغرافية انجبت الديانات الوثنية والاساطير والميثالوجيا المتداخلة في ما بينها في تعالقها الاسطوري الديني.

هذا اشّر لنا بوضوح أن عقلية الشرق الدينية هي عقلية  منتجة ومصدرة للاديان،بينما بقيت الشعوب الغربية القديمة غير منتجة للاديان بل مستهلكة لها. كما هو حالنا اليوم في استهلاكنا حضارة الغرب التي لم نساهم بادنى دلالة فيها، وبدايات هذا النزوع الاختلافي كانت اول بوادره جاءت بفترة فتوحات الاسكندر المقدوني لبلاد فارس والهند رجوعا الى بابل في الفترة المحصورة بين 334 – الى 321 ق.م سنة وفاة الاسكندرفي بابل التي سميت بالهلنستية. الذي راوده حلم مزاوجة التثاقف بين العقل الشرقي المولع بالروحانيات والصوفية مع العقلية الوثنية الرومانية التي كانت في حينها هي خلاصة الغرب الذي يعرف الدين الوثني ميثالوجيا في تعدد الالهة التي تقاسم بعض البشر بعضا من الصفات، وبالعكس ايضا. وكانت حملة نابليون على مصر 1801م لم يكن في وارد اهتمامها احياء قيم الدين لدينا بل الاهتمام بخلق تبعية أن نكون مستوردين للتدين منهم كما هم طوروه بعد ان كنا مصدرين له نحن لهم.

ما يهمنا ليس المعنى التاريخي المجرد دينيا ولا المعنى التاريخي الانثروبولوجي للانسان. بقدر أن هذا التفاوت التثاقفي انتج لنا العقليتين الديانيتين اللتين تتناقضان جذريا بين العقل المنتج المصدّرالشرقي وبين العقل المستورد المتلقي الغربي المستهلك.

أن الحقيقة التي اثبتها التاريخ الى يومنا هذا افرز لنا اصالة التدين العقلي الغربي المستهلك في حين كان المفروض تحقق اصالة التدين المشرقي كمنتج مصدّر  متّحكم باصالة الدين في معانيه الاخلاقية السامية هنا في الشرق، وليس العقلانية الغربية النقدية في تطويعها الدين لخدمة مقتضيات الارض قبل تضرع العقل رحمة تحقيق بعض احلام السماء في الارض.أن بداية هذا الافتراق كانت عندما حاول الشرق اعتباره ميتافيزيقا التدين على ارضه اكثر حقيقة جوهرية تأصيلية من نزعة العلمنة الغربية في فصلها الدين عن العلم ومقتضيات الحياة،عن ميتافيزيقا التدين في النهضة الغربية، التي اعملت العقل النقدي بما استوردته عن الشرق من اديان، فخرجت بذلك بحصيلة تحقيق اصلاح ديني ونهضة وتنوير. وسبب ذلك لم يكن سوى ارغام وتطويع كل شيء بالحياة الغربية لسلطة العقل النقدي فقط.

العقل الديني المشرقي ينطلق من الثوابت الميتافيزيقية منذ الف وأربعمائة عام  التي هي:

- الدين نزعة فطرية تولد ملازمة الانسان ولا تفارقه الا بالممات وليست قدسيتها مكتسبة من الارض كي يطالها النقد العقلي.

- الدين ميتافيزيقا لا يمكن للعقل النقدي الطعن بموثوقيتها الدوغمائية كما لا يمكن ممارسة النقد لبعض جوانبها.ما جعل متغيرات العالم من حولنا لا علاقة لنا بها سوى في منحيين استهلاكنا منتجات الكفرة من الاقوام، والحفاظ على قيمنا التي يستهدفنا العالم بها من خلال اضاعتنا لاصالة ديننا.

- عقلية التدين هي تجسيد لحالة شعورية ولا شعورية يوجب على شعوب تلك الامم الشرقية تسليمها لاجيال تتوارثها وفق ثوابت التحريم الذي لا يلتقيها النقد ابدا. ولا اهمية مؤثرة في تقدم الحياة والعلوم وتبدل الظروف التي هي مفسدة للاخلاق والدين معا.

- ان اللاهوت الديني الوضعي هو الصحيح الذي لا يطابق غيره تعاليم السماء مع انسان الارض. والانسان بلا دين وضعي مستمد من قوانين العقل لاقيمة حقيقية له.ولا حاجة لاعادة التذكير اننا نجد العقل الغربي المستورد للاديان بقضها وقضيضها وضع كل ثوابت الدين المستوردة امام اشكاليات النقد المصاحبة لها وهي:

- اين يقع العقل اليوم من الايمان الديني؟

- هل الايمان الديني يحمل قدسية بذاته ام هو وسيلة استدلال لقدسية تتجاوزه.؟

- كيف يمكن التوفيق بين العقل العلمي وميتافيزيقا الايمان الديني؟

عصرنة الدين/الاستحالة والتحقق:

اشكالية الديني المقّدس مع الارضي المدّنس، أصبحت اليوم هي اشكالية التقاطع أيّهما يقود الآخر، ولمن تكون الأرجحية في الأعتماد أو الأنقياد .؟!

أنها اشكالية التقاطع المفروض بقوة وسطوة الحياة المدنية المتحضّرة، وأن المأزق الذي يتقاذف الانسان العربي المسلم يتمثل اليوم في مواجهته اشكالية الديني في الحياة، في تساؤل اصبح اكثر مشروعية، هو كيف يستطيع هذا الانسان أن يجد او يبتدع في الدين (معاصرة) لاتتقاطع مع (ثوابت) الديني السماوي والفكر الوضعي الديني معا، وهذا الاخير الفكر الوضعي المؤدلج يمانع وبشّدة وبمختلف الطرق أن يخلي دوره في وصايته على الدين، أمام رغبة الانسان العربي المسلم سعيه جعل المعاصرة الدنيوية (دينا) آخر في الحياة، او مرادفا لدين المقدس المطلق يعيش معه ويوازيه .

أشكالية الروحاني الديني مع الارضي الدنيوي الذي تفرضه الحياة المعاصرة،في الانسان الذي يرغب فهم الدين عصريا هو بالضرورة الحتمية سيكون في مواجهة المتديّن المتطرف الذي يشهر سيفه على الدوام وفي كل الاحوال وبأبشع صور الهمجية والاجرام والتخلف، في محاسبة كل من يجرؤ على التساؤل او الاستدلال لمعان معرفية تخص انحرافات الدين المسيّس ايديولوجيا . وأن كل ممارسة تحمل صبغة الاسلام الديني يجب أن تخرج من تحت عباءة وهيمنة النص الوضعي المتطرف لايديولوجيا الدين السياسي، وفي الاجهاز على كل تطلع يروم جعل الدين خارج مجرى التقاطع مع مجرى الحياة المعاصرة علميا وحضاريا .

وأقصر الطرق لجعل الدين ثوابت، انتقامية جاهزة، تستمد منها وتتخلّق عنها ايديولوجيات سياسية متطرفة وغير متطرّفة، هو في ممارسة عصمة ما يراد أن يساق ويساس به المجتمع قطيعيا خرافيا، على وفق مسّلمات كاذبة متخلفة تنتزع منه تسليما خادعا. متقاطعة دينيا مع روحية العصر وتحديث المجتمعات العربية الاسلامية.

من هنا نجد أستحالة الجمع بين الرغبة في عصرنة الفكر الديني الى جانب عصرنة الحياة، وأن هذا التقاطع سيستمر لأستحالة خروج روحية العصر وتوقفها عن مسارها الطبيعي في التقدم الى الامام، امام استحالة اخرى تتوازى معها وتقاطعها ممثلة في ثبات وتخلف الفكر الديني الوضعي المؤدلج سياسيا. في تنحيته النقد العقلي بكل الوسائل والطرق والعنف.

 

علي محمد اليوسف /الموصل

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم