صحيفة المثقف

الرصانة الصفيقة

صلاح حزامعنوان المقالة ليس من ابتكاري، بل هو من ابتكار زميل وصديق سابق في وزارة التخطيط العراقية مشهود له بالكفاءة الثقافية عموماً والاقتصادية خصوصاً.

اليوم قرر ت استخدام هذا العنوان للحديث عن بعض الاشخاص الذين يمتلكون فهماً خاطئاً عن الرصانة !!

وربما لديهم تعريف خرافي للشخص الرصين وماذا يجب ان يعمل وكيف يتصرف ..

من ملاحظتي الشخصية على مدى عقود لهذه الكائنات الغريبة، استطيع ان احدد عدداً من الخصائص التي يتميزون بها والتي اصبحت بمثابة هوية وجودية لهم:

- عدم التفاعل مع المجتمع، سواء أكان المجتمع الطبيعي السابق لمرحلة وسائل التواصل الاجتماعية عندما كان الناس يلتقون ويجتمعون بشكل شخصي ومباشر (فيزيائي)، او مرحلتنا المعاصرة حيث تحولت الاجتماعات واللقاءات الى العالم الافتراضي.

تجده صديقاً على حسابك لكنه (لاينحدر) الى مستوى المشاركة او التعبير عن الرأي.. ويميل احياناً الى نشر مواد مبهمة ومشوشة للدلالة على عمق ثقافي لايمكن ادراكه ببساطة.

- في الغالب الأعم، لا أحد يعرف بالضبط ماذا يريد (الرصين) !! لديه نوع من عدم الرضا والشعور بالسخط من كل شيء (على حد تعبير الكاتب الراحل كولن ولسن).

- يتميز بدرجة عالية من روح السلبية والممانعة، خاصة في الامور الفكرية او الثقافية او حتى ميادين الاختصاص..

يعتقد انه اذا ابدى الرضا او الموافقة على قضيةمطروحة اووجهة نظر، فأنما يهوي بنفسه الى حضيض العامة ومحدودي القدرات.

تراه يتململ كالملدوغ وهو يُخرج الكلمات من فمه بصعوبة وتردد عندما يُطلب منه إبداء الرأي في قضية ما .

- هذا الرصين يُكثر من استخدام عبارات مثل :

الأمر ليس بهذه البساطة

والقضية اعقد من ذلك بكثير

- تبدو على وجهه المرارة وخيبة الأمل وهو يستمع الى المتحدث الآخر بسأم وضيق صدر وكثيراً ما يشيح بوجهه عن المتحدث .

- تبادل التحية او المبادرة لألقاء التحية، تعتبر واجباً ثقيلاً وتقليداً لايمت للثقافة بصلة . واذا اضطر الى التحية او المصافحة، فأنه يقوم بذلك كما لو كان عليلاً او سقيماً لايقوى على الحركة.

- يعتقد هؤلاء الاشخاص بان الابتسام او الضحك كرد فعل او استجابة لنكتة او موقف طريف، هو نوع من الهبوط الاجتماعي، وانه ليس من الرصانة في شيء ان يكون الشخص مستعداً للمرح.

- التكلف في الملبس والاصرار على الملابس الرسمية في معظم المناسبات.

- يتحركون بطريقة روبوتية ثقيلة متكلفة وتكون التفاتاتهم بطيئة و (رصينة) لكي يبدو عليهم الاتزان بموجب الفهم الخاطيء الذي يحمله هؤلاء.

- يميلون الى الحديث بصوت منخفض ومختصر حتى يصعب احياناً فهم مايريدون قوله.

- يتبجح بعضهم بأنهم لايردّون على بعض رسائل اصدقائهم على وسائل التواصل الاجتماعي (مع قلة اصدقائهم لانهم يميلون الى النوع لا الى الكم). السبب هو عدم وجود الوقت لذلك أضافة الى الشعور بأن الرد هو انخراط في نشاط ذو مستوى متواضع وانه مجاملة غير ضرورية.

اقول لهؤلاء السادة : القضية برمتها لاتستحق هذا العناء، عش حياتك بعفوية وبساطة وواقعية وتواضع ..

اقول لهم : ان حياتكم بهذا الاسلوب فيها شقاء كثير لانكم لاتعيشون حياة كاملة ..

والحياة رحلة قصيرة يجب ان لاتهدر بهذا الشكل ..

 

د. صلاح حزام

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم