صحيفة المثقف

جامعة الدول العربية.. أزمة ثقة ام أزمة وجود

ناجي احمد الصديقترآى للعالم اجمع فى عصرنا الحديث هذا ان تجمع الدول فى كيانات اقليمية للتعاون والتعاضد والمساندة هو المخرج الملائم لمعاونة الدول بعضها البعض وذلك ان فى الاجتماع قوة وفى التفرق ضعف، عرف العالم هذا فأخذت دوله فى التجمع تحت رايات شتى واسماء عدة فمنها ما جمعتهم الجغرافيا ومنهم ما جمعتهم اللغة ومنهم ما جمعهم  الاقتصاد فنشأ فى فى كنف هذا الواقع الاتحاد الاروبى والاتحاد الافريقى  وكان من ضمنهم جامعة الدول العربية والتى تم تأسيسها فى عام 1945م بميثاق كان هدفه التعاون والتعاضد والمساندة ولكن لم يوضع مجالا واحدا على المحك منذ نشأة الجامعة بقدر ما وضع المساندة الغير محدودة للقضية الفلسطينية والتى ظلت بندا ثابتا فى كل اجتماعات الجمعية العامة وكانت أيضا من أكثر المواضيع التى عقدت بشأنها اجتماعات طارئة لمجلس الجامعة وللجمعية العامة للجامعة حتى أصبحت تلك القضية هى قضية الجامعة المركزية وحتى أصبحت رمزا كبيرا لتكاتف وتعاضد الدول العربية على كثرة ما كان يفرق بينهم . ومن الأمثلة على ذلك ان قضية فلسطين كانت حاضرة دوما على جدول أعمال القمة العربية منذ القمة الاولى فى عام 1946، كما كانت تحتل قضية القدس حيزا كبيرا فى مداولات القمم العربية التى شددت فى إحداها على ان تحرير  القدس هو (واجب والتزام قومى)، كما أكدت الدول العربية منذ القمة الاولى على (ان العرب سينظمون علاقاتهم السياسية والاقتصادية بالدول على أساس موقفها من كفاح العرب المشروع ضد الصهاينة) فضلا عن تأييد كل أعضاء الجامعة العربية للمبادرة العربية للسلام والتى تم اعتمادها قمة بيروت 2002م والتى تؤدى فى نهاية الأمر الى إنهاء الصراع العربى الاسرائيلى فيما عرف بعد ذلك بمبدأ الارض مقابل السلام 

اذن فان جامعة الدول العربية كانت مهمومة منذ تاريخ إنشاءها بالقضية الفلسطينية باعتبار انها قضية العرب قاطبة وانها كانت تقدم الدعم المعنوى الامحدود لتلك القضية كان ذلك فى صيغة قرارات تتخذها لمواجهة الطغيان الاسرائيلى او لكبح جماح المناصرة الامريكية لاسرائيل وتشجيعها على خرق قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولى . ولعل احد اسباب ذلك الإجماع العربى لمساندة القضية الفلسطينية يعود الى كارزيما القادة العرب فى ذلك الوقت  وثقتهم الكبيرة فى قدرتهم على التصدى للمحاولات الاسرائيلية والامريكية المتكررة لقهر الشعب الفلسطيني وتصفية قضيتهم  وكان لقوة شخصيات باذخة مثل الملك فيصل والملك حسين والرئيس عبد الناصر الاثر الكبير فى تبنى قرارات قوية وشجاعة تجاه الطغيان الاسرائيلى  وما كانت حرب اكتوبر 1973م الا واحدة من اشراقات أولائك القادة حيث وقف الملك فيصل بعنفوان عربى اصيل مع دول المواجهة وقطع امداد النفط عن الغرب غير هياب ولا وجل من عواقب فعله ذاك. ولن ينسى التايخ ما قاله العاهل السعودى المهيب لهنرى كيسنجر حيمنا جاءه ليثنيه عن موقفه ذاك قال له (انى رجل طاعن فى السن واري دان اصلى ركعتين فى المسجد الاقصى فهل تساعدنى فى تحقيق هذه الامنية ؟)

دارات الايام ورحل اولائك القادة الاماجد واختلى الصهاينة بمن جاء بعدهم ونخروا فى عضد الجامعة العربية حتى جاء علينا يوم تكون الدول العربية نفسها هى اول من يخرق قرارات الجامعة ويرمى بمبائها فى سلة التاريخ وقومون بتطكبيع علاقاتهم مع اسرائيل وهى تستعد لتنفيذ صفقة القرن وتصفية قضية فلسطين بثمن بخس هو اقامة دويلة فلسطينية تعتاش مما تقدمه لها اسرائيل من فتات وتنام وتصحوا على وقع اقدام الجيش الاسرائيلى الذى يحيط بها كاحاطة السوار بالمعصم

تفرقت الدول العربية ايدى سبأ بفعل متعمد ظل ناتنايهو يعمل لاجله منذ سنوات – كما قال هو بنفسه- فخرجت الإمارات والبحرين عن طوع الجامعة والحبل على الجرار ولم تستطيع الجامعة من شدة وهنها وضعفها ان تصدر بيانا واحدا يدين ذلك الخروج من طوعها مما حدا ببعض القادة الفلسطينيون ينادون بالخروج من الجامعة نفسها بل حدا ببعض المراقبين ان يقولوا ان وجود الجامعة نفسه قد بات على المحك.

لعبة المحاور الذى أوجدها من عدم اللوبى الامريكى الصهيونى كانت هى المسمار الاخير فى نعش الجامعة العربية ولعله من اللافت ان تقوم الدول العربية والإسلامية  بالدخول فى شباك تلك اللعبة الصهيونية دون تنظر الى عواقبها ومراميها  وأصبحت المحاور بين الدول العربية والإسلامية هى تشكل اساس وجودها وأصبحت تلك الدول بين عشية وضحاها فى محورين لا ثالث لهما واصبح مصير العرب والمسلمين كلهم.

 

بقلم\ ناجى احمد الصديق الهادى -المحامى - السودان

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم