صحيفة المثقف

سيكولوجية العلاقة بين الآباء وبناتهم

قاسم المحبشيليس هناك ما هو أعظم من حب الأمهات للأبناء وحنان البنات للأباء

أمس زرت الزميل العزيز عبدالواحد عبدالرحمن الطيار استاذ علم النفس في كلية التربية بجامعة عدن. كان مرقدا في مستشفى خصوصي للدماغ والجهاز العصبي أثر جلطة دماغية أصابته في عدن قبل شهرين. ذهبت مع الأخ اسامة بن شملان الذي تربطه به وبعائلته الكريمة علاقة عائلية وهو الذي أخبرني بمرضه في عدن ومجيئه إلى القاهرة لتلقي العلاج بعد أن عجزت مستشفيات عدن عن علاجه. قدم قبل أسبوع مع زوجته الدكتورة خلود الشبوطي طبيبة النساء والولادة في مستشفى باصهيب العسكري سابقا ووالدها صاحب أقدم صيدلية في الشيخ عثمان فضلا عن ابنته روان طالبة إدارة أعمال وتجارة دولية بتركيا وهي الرابعة من بناته وزوج بنته الوسطى محمد الصلاحي الطبيب الصيدلي . موعد الزيارة لمدة نصف ساعة فقط من الثانية عشر ظهرا حتى الثانيةعشر والنصف. وصلنا أنا واسامة قبل موعد الزيارة بنصف ساعة فانتظرنا بجانب البوابة الخارجية حتى سمح لما بالدخول. دخلنا ووجدناه ممددا في سريره في غرفة العناية المركزة لا يقوى على الحركة ولا يتكلم فقط يفتح عينيه بصعوبه. اخبرنا المنواب أن ثمة استجابة للعلاج وتحسن بطيء في حالته. أحزنني حال زميلي الذي عرفته موفور الصحة والعافية دائم الابتسامة والنشاط والحيوية وقد كان رئيسا لقسم علم النفس في كلية التربية العليا إذ لم تخني الذاكرة وتربطني علاقة مهنية إدبية مع أخوه الأكبر ميفع عبدالرحمن زميلنا في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ومن مؤسسين جمعية الأدباء الشباب في جامعة عدن. وقفنا بجانب الدكتور عبدالواحد في حالة من الصمت والذهول بلا حول ولا قوة متضرعين إلى الرحمن الرحيم أن يمن عليه بالشفاء والسلامة ويعود إلى عدن سالما غانما. بعد عشر دقائق من الصمت الحزين جاءت زوجتها وبنته وصهره يحملون الأدوية المطلوبة كل يوم منهم. كنت ارقب الموقف باهتمام ممزوج بالحسرة. زوجته الطبية قوية الشكيمة قبلته على رأسه وجبينه بحنية ودعت له بالشفاء والعافية وتحدثت مع المنواب الطبي بلغة الأطباء فما أجمل أن تكون الزوجة طبيبة حانية. غير أن الموقف الذي استوقفي كثيرا هو موقف البنت التي غمرت والدها بفيض من الحنان المشفوع بالدعاء والرجاء لله سبحانه وتعالى أن يشفيه ويحفظه بخير وسلام، إذ قبلته في كل مكان من جسده والدموع تنهمر من عينيها. دارت على جسد والدها الممتد من جميع الجهات وحاولت الحديث معه بصوت خفيض وهو ينظر اليها نظرة الأب المحب لبناته. سألتها هل لديك أشقاء فأجابتني نحن خمس بنات هزني جوابها من الاعماق وقلت لها الله يبارك فيكم. إذ ذكرتني ببناتي اللاتي أحبهن وأخاف عليهن أكثر من أخوانها يحفظهم ويحفظهن الرحمن الرحيم. وليس هناك ما هو أجمل أن يحاط الأب بحنان بناته ففيهن الخير والبركة وللأبناء الذكور مكانة أخرى فهم السند والسلوى ولكن الأباء يخافون على بناتهم أكثر من خوفهم على أولادهم والبنات يخفن على آبائهم أكثر من خوفهن على أمهاتهن. دعيت الله أن يشفي الزميل الدكتور عبدالواحد الطيار لذاته وزوجته وبناته ولعائلته وجامعته وقسمه وطلابه. فالأب في مجتمعاتنا العربية البطريكية هو السند والحامي الأمين الحصين لفلذات كبده وشريكة حياته. ولا أعرف ماذا فعلت نقابة جامعة عدن من أجل إنقاذ حياة زميلنا عبد الواحد الطيار علما بأنه من زملاء وزير التعليم العالي الدكتور حسين باسلامة ويعرفه حق المعرفة ولكل اعضاء المؤسسة الأكاديمية حق بالرعاية الصحية بعد أن افنوا كل حياتهم في خدمتها وللمواطنين حق بذمة وطنهم. العائلة الكريمة رفضت تصويره في سريره.

 

أ.د. قاسم المحبشي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم