صحيفة المثقف

مقابلة مَع السيّد بوم

جمال مصطفى مقابلة مَع السيّد بوم

أجْراهها  ج م


طابَتْ سَهْرتُكمْ يا سيّد بومْ

تِلْميذُكَ ج م:

شاعرُ لا أدريّاتٍ تَتَخاطرُ في وادي الإيقاعِ

وقد جئتُ أحاورُكُمْ

في معنى الشِعريّة

**

مَرحى بالشاعرِ

في فرْدوسِ خرائبِنا

مَرحى بِكَ في زَمَكانِ المخلبِ والمنقارْ                                 

والطَيَرانِ الأخرَسِ

كالتشويقِ قُبَيْلَ الغَلَبَهْ:                        

هذا مِن أعرَقِ شِعْريّاتِ الليلِ ومنها

تَتَفَرّعُ عندي شعريّاتُ الحيرةِ والأشواقِ

وحُسْنِ الهيبةِ في دَوَرانِ الرَقَبَهْ

بومٌ أصمَعْ

لكنْ أسمَعْ

أمّا بَصَري

فَهْوَ حديدُ الشِعريّاتِ الليليّةِ أجمَعْ

**

يا أستاذي المُتَأمِّلْ

كنتُ أظنُّ الشعريّةَ في زَمَكانِكَ

أبْعَدَ مِمّا يجترحُ المخلبُ والمنقارْ

كنتُ أظنُّ الشعريّةَ عندكَ في الأسحارْ،

في تَهذيبِ هزيعِ الليلِ الأولِ بالحَدْسْ،

في القَضْمِ غيابيّاً مِن قرْصِ الشمسْ ،

في الإصغاء الجارحِ للصمتِ ،

وفي تَحْديقَتِكِ المَلَكِيّهْ

كنتُ أظنُّ الشعريّةَ عندكَ

في الحكمةِ مِن فرْطِ الخلْوةِ

والإطلالاتِ القَمَريّهْ

ومن الوحْيِ إذا جاءْ

مَن مثلكَ يعرفُ هذا الليل؟

لا ساهرَ إلاّ أنتُمْ

لا شاعرَ أوغلَ مِنْكُمْ

في الشعريّةِ قمْراءَ وظلْماءْ

**

المخلبُ خلّابٌ

يَجترحُ الفتْنةَ والمفتونْ

والمنقارُ هوَ المِعْزَفُ

ناياً، بوقاً، عوداً، طبْلاً ، قانونْ

الشعريّةُ مِن ألطافِ الحَقْ

موهبةُ البومِ إذا رَقْ

خذْ مَثَلاً

قَبْلَ ثلاثِ ليالٍ أمسكتُ بِفأرْ

وإذا بي رغْمَ المَيْلْ

ما مَزّقتُ ولا شَرّحتُ ولَكنْ لاعبتُ الضيفَ:

يَفرُّ وأنقضُّ يفرُّ وأنقضُّ

وأطلقتُ سَراحَهْ

أوَ ليسَ عشائي تلكَ الليلةَ مِن شعْرياتِ الليلْ؟

 تلكَ الليلةَ كُنتُ البومَ الشاعرْ

كيفَ انزاحَ البومُ الجارحُ ؟

لا أدري

فقليلاً ما يَنْزاحْ

الشعريّةُ : فاكهةُ الروحْ

الشعريّةُ: دحْرُ المَيْلِ إلى اللحمِ المذبوحْ

**

لا شكَّ ولا ريبْ

يا أستاذي المُتأمِّلْ

لكنْ

هل لِلشعريّة عندكَ

ما يَتَخطّى الزَمَكانَ إلى الغيبِ

ويَنفضُ عنْكَ وعنها العابرَ،

يَنفضُ كُلَّ صغائرِنا الداحسةِ الغبرائيّهْ؟

ثُمَّ ألا تَتَمرأى الشعريّةُ في مرآةِ نهارِكْ؟

ماذا لو أنّ نَعيقَكَ غَرَّدْ

وخراباً مِن حولِكَ ورّدْ

هل تقتربُ الشعريّةُ عندَئذٍ

أم تُمْسي أبعد؟

**

الشعريّةُ

في الأصلِ جناحانِ ومنقارٌ منْطيقْ

والشاعرُ طيرٌ بالفطرهْ

فَمِنَ الرُخّ الأسطوريِّ ، العنقاءِ ،

مُروراً بالصقرِ، اللقلقِ ، نَقّارِ الخشَبِ، البِلْشونِ، الزرزورِ، الكَرَوانِ،

الزاغِ ، الحَجَلِ، الديكِ، البَطِّ   إلى آخِرِهِ ، حتى البطْريقْ

يالَمَجازِ الطَيَرانِ

ويالَبلاغةِ عينِ الريشِ الوهْميّة في ذيلِ الطاووسْ          

أنَهارٌ وقصيدة !

تِلكَ إذنْ (شعريّاتُ ضُحاها)

شعريّاتُ الليلِ: سكوتٌ مِن ذَهَبٍ

شِعريّاتُ ضُحاها مِن فضّهْ

ما تكتبهُ أنتَ الآن على شكلِ مقابلةٍ معنا

هذا مِن شعريّاتِ ضحاحاها

ما تكتبهُ أنتَ الآنَ نقيدَه

بإهابِ قصيده

لألاءُ الشعريّة مِن وَمَضاتِ الباطنِ :

السرُّ، الظِلُّ، الغمّازةُ، فتْحُ البابِ مُواربةً والهمْسْ

لا جدوى في الِشِعْرِ مِن الشمسْ

الشعريّةُ ليس اللمْسْ

اللمْسُ قليلْ

الشِعْريّةُ تَقبيلْ

**

يا استاذي المُتَأمِّلْ

يَبدو أنَّ الشعريّةَ ماءُ دنانِكْ

وبِه تَتَرَعْرعُ

في الربْعِ الخالي مِن روحِكَ خمريّاتُكَ: تلكَ شقائقُ نُعمانِكْ

إنّ الشعريّةَ مِيتا فِيزيقُكَ في فيزيقِكْ

أو فردوْسُكَ في زَمَكانِكْ

**

الشعريّةُ

أنْ تَفْركَ جَوهَرَتَكْ

لِتَكونَ الساحِرَ والمسحورْ

الشعريّةُ

ليستْ ميمَ الأكملْ

بَل ميمُ الأجملْ

الشعْريّةُ

ذكرى المستقبَلْ

الشعريّةُ

 ليستْ في تَهذيبِكَ حنْجَرَتَكْ

لِتصيرَ الشحرورْ

الشِعريّةُ

أنْ تُوقِظَ مَقبَرَتَكْ

إذ تَنفخُ في الصورْ

**

شكراً شكراً يا أستاذي

وأخيراً

هَلاّ

شَعْرِنْتَ لنا فلْسَفَتَكْ

أرِنا زيَتَكَ حينَ تُضيءُ به لُغَتَكْ؟

مُنْغَمِساً في آيةِ كُرسِيّكَ آناءَ الليلِ

وغصنُكَ مَعْبَدْ

**

الشعريّةُ

 طفلٌ أبَديٌّ

 أبَواهُ : مُخيّلةٌ وتَصَوُّفْ

الشعريّة

أنْ تَغرقَ في نارِ الأسبابِ

 فلا تُحْرَقْ

الشِعريّةُ

ثقْبٌ أزرقْ

تَبتَلِعُ الليلَ نواياهْ

الشعْريّةُ وعْدٌ

في أنَّ الشاعرَ

قد

يَسمعُ صوتَ اللّهْ

***

جمال مصطفى

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم