صحيفة المثقف

حَقُّ الخَطَأ أم حُرِّيَّةُ الخَطَأ؟

كثيراً مانَقْرَأُ مقالاتٍ لكُتابٍ ومثقفينَ يُرَدِدُونَ مقولةَ؛ (حقُ الخطأ)؛ فَهَلْ الخَطَأ حَقٌّ من حقوقِ الانسانِ كَحَقِهِ في التعليم والتعبيروالملكيةِ والامنِ واحترامِ انسانيَّتِهِ؟

الخَطَأ : هو ارتكابُ ذنبٍ من غير تَعَمُّدٍ . والقتلُ الخَطَأ ماليس للانسانِ فيه تَعَمُّدٌ؛ الخطأ لايؤاخذُ عليه الانسانُ ويترتبُ عليهِ عفوٌ؛ لانَّهُ غيرُ مقصودٍ؛ ولم يَصدُرْ من صاحِبِهِ عن عمدٍ وسبقِ اصرارٍ؛ ولكنَّهُ ليسَ حقاً من حقوقِ الانسانِ .

التَّرويجُ لمقولةِ (حقُ الخَطَأ)؛ هو اغراءٌ للانسان باجتراحِ الاخطاءِ . صحيحٌ ان الانسانَ الفردَ يتعلمُ من اخطائهِ؛ والمجتمعات تتعلمُ من اخطائِها في تطويرِ نفسها من خلال تجربةِ الخَطأ والصواب؛ ولكن كلُّ ذلكَ لايجعلُ من الخَطَأ حقاً للانسانِ المخطئ؛ الانسانُ المخطئ مطالَبٌ ان لايعاودَ خطأَهُ ولايكرره .

الخطأ احياناً يكونُ نتيجةً لضعف الانسان امامَ مُغرياتِ الحياةِ؛ الاسلامُ يعترفُ بهذا الضعف الانساني؛ ويفتحُ أمامَ الانسان بابَ التوبة؛ لان التائبَ من الذنبِ كمن لاذنبَ لهُ واحياناً يكون ناتجاً عن اهمالٍ، والحكومات تعاقب الموظفين المهملينَ في واجباتهم واعمالهم؛ وربما يفصلوا من وظائفهم بسببِ هذا الاهمال الذي سبب خطأً غيرَ متعمدٍ.

في القتلِ الخطأ غير المتعمد رتب الاسلام كفارة على من يقتل خطأً والزمه بدفع ديّةٍ حتى لاتتكرر الاخطاء . يقولُ اللهُ تعالى:

(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا). النساء: الاية:92 .

نعم يمكننا أنْ نُدخِلَ الخَطَأَ في مقولة الحُرِّيَّةِ؛ في كونِ الانسانِ حراً في أن يُخطئَ أويصيب؛ وأن يعصي أو يطيع؛ ويؤمن أو يكفر؛ ولكنهُ يتحملُ المسؤوليةَ كاملةً عن اختياراتِهِ واخطائهِ ومعاصيه؛ ولاندخلهُ في مقولةِ الحق. يقول الله تعالى :

(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ). الكهف: الاية:29.

وان كانت هذه الصيغة في الايةِ الكريمة استخدمت اسلوبَ التهديد كما يقول البلاغيون؛ ولكن الانسان حرٌ في اختيارهِ للكفرِ والايمانِ ويتحملُ مسؤوليةَ اختيارهِ كاملةً .

 

زعيم الخيرالله

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم