صحيفة المثقف

العراق اقوى من أعدائه

ابراهيم الخزعليمن الأقوال المأثورة، ومن الحكم  التي يستفيد منها الأنسان، ويستخلص العبر والدروس، فيما قاله الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (إنَّ من البيان سحراً، وإنَّ من الشِّعْرِ حِكمةً).

وان ما تتداوله الخنازير الألكترونية المأجورة اليوم من إشاعات مسمومة، وكتابات تخجل الصفحات منها قبل القرّاء، من سوء تعبيرها وأمّية كتابها، فيتناولها الجهلة الذين لا يفقهون منها شيئا، فتُحْدث في المجتمع الصخب والصجيج بعواء الذئاب ونباح الكلاب، كل ذلك تنفيذا لأوامر أعداء العراق الذين لا يريدون الخير والامان لشعب العراق، مقابل الدولار .

فهناك مثل شائع بين الناس، والقليل يعرف من اين جاء هذا المثل، وكما هو معروف  ان الأمثال لم تأت من فراغ، وانما وراء كل مثل حكاية ..

فالمثل يقول: (الكلاب تنبح والقافلة تسير)، والتأريخ ينقل لنا أن الأمام الشافعي، (وهو إمام المذهب الشافعي)، يقال أن احد الأشخاص الحاقدين  عليه أغضبه، فرد عليه الأمام الشافعي بأبيات من الشعر قائلاً:

" قل ما شئت بمسبّة عرضي        فسكوتي عن اللئيم هو الجواب

   لست عديم الردّ لكن        ما من أسد يجيب على الكلاب "

ومن هنا نحن نقول لأعداء العراق، ارضا وشعبا وبكل الوان الطيف الشمسي الجميل الذي يتشرف ويحلو به العراق كقوس قزح، المبهر والساحر للأعين .

ان هذا الشعب الأبي، لا يضيره نباحكم وعواءكم، وهو الذي أعطى درساً لأعدائه من الخونة والمتآمرين واصحاب النفوس الضعيفة واللئيمة، ومَنْ خلفهم مِنْ قوى الشر والعدوان العالمي، المتمثلة بأمريكا وأعوانها، ومَنْ لفَّ لفّهم من الوحوش والبهائم الضالة، للهيمنة على العراق ونهب خيراته، وكسر إرادته واذلاله .

تلك القوى الكبرى الظالمة والمتجبرة التي  تظن  انها  ستحصل على نفس النتائج  التي حصلت عليها في الأمس القريب، حين تكالبت على غزو العراق، ولم يصمد الطاغية وأعوانه امامهم في الدفاع عن العراق وشعبه، وهو الذي أنهك العراق بالجرائم والقتل والتشريد والتجويع والذبح والأغتصاب، والسجون وأحواض الأسيد والحروب الهوجاء  والمقابر الجماعية التي مازال الكثير منها لم يُكتشف، فأوصل الشعب العراقي الى أحلك الظروف وأصعبها، فزجَّ بهم في زاوية أمّا ان يستسلموا لتلك اليد (الجيوش الغازية) التي  جاءت لتكسر يده التي تحمل سكين ذبحهم (صدام وأزلامه)، واما  ان يقفوا مع يده التي تحمل سكين ذبحهم وتنصرها على خصمها، وعندذاك تخلوا الساحة للسكين وتواصل الذبح والبطش بهم، وتتفرغ من جديد لحمامات الدم التي سبح ويسبح بها الشعب العراقي المبتلى به  وبالمجرمين والطواغيت على أشكالهم المتعددة الألوان والأساليب، والموحدة الغايات والجرائم والظلم والقهر والأستعباد، هذا ومع كل تلك الجرائم التي أرتكبتها العصابة الصدامية المجرمة بحق الشعب، ومع مأساة الحصار الصهيو- أمريكي - دولي الظالم ، وقف الأحرار بإرادتهم الصلبة وصدورهم العارية، بوجه الغازي المتوحش والمدجج بأحدث التقنيات الحربية، في الدفاع عن الوطن، أما الطاغية وأذنابه الجبناء لاذوا بالفرار وخانوا البلاد والعباد، وسلموا العراق للمجرمين الغزاة .

وبعد كل تلك وهذه الخيانات لم يردع أزلام صدام وايتامه، وازع من ضمير أو دين أو وازع أخلاقي  في الكف عن التآمر وتخريب العراق بتعاونهم مع كل اعداء العراق، الأقليميين والقوى الدولية الكبرى ذات الأطماع في العراق، وباساليبهم المختلفة منذ سقوط عروش الجريمة والخسة والعار، وقصور ملذاتهم العفنة، وليومنا هذا .

فما نسمعه ونقرأه اليوم وكل يوم  وكل ساعة، ليس أكثر من نباح كلاب وعواء ذئاب، وراء قافلة انتصارات ابطالنا الشجعان الذين سطروا بدمائهم الزكية أعظم البطولات والأنتصارات، وافشلوا أكبر مؤامرة دولية، اشتركت فيها القوى العالمية الشريرة وفي مقدمتها أمريكا والصهيونية العالمية، وما كانوا يتوقعون، ولا خطر ببالهم ولا بحساباتهم، ولا بأجهزتهم المتطورة، أن رجلاً شيخاً بلغ من العمر عتيّا، لا يملك أموالاً ولا عقارات، ولا أسلحة، ولا جيشاً ولا سلطة، إلّا الأيمان المطلق بالله وبعقيدته ومبادئه الأنسانية الحقة، ولحيته المباركة وعمامته المقدسة، وحب الشعب العراقي الغيور له، فاستطاع أن يُفشل كل المؤامرات الخبيثة والحاقدة واللئيمة والطامعة بالعراق وخيراته، فكانت كلمة واحدة من هذا الرجل العظيم الذي أذهل القريب والبعيد والعدو والصديق، في أن تهب أراواح الشباب والشيوخ الغيارى، قبل أبدانهم، كريح صرصر مرعبة ..!

هؤلاء الأبطال الذين آمنوا بربهم وحبهم لوطنهم وشعبهم، وواجبهم في  الدفاع عن أرضهم وعرضهم، فزادهم الله هدى وقوة وصلابة، فلبوا النداء والفتوى المقدسة التي اعلنها الرجل العظيم الأمام السيد علي السيستاني أدام الله ظله، وأطال في عمره، فهب الغيارى أفواجا أفواجا للدفاع عن العراق أرضا وشعبا ومقدسات، وأما الجرذان صغيرها وكبيرها مهما إنتفخت أو أن تنفخ نفسها، فلا يمكنها أن تكون اسودا، أو تقابل الأسود .

فالشعب العراقي الأبي بكل ألوان الطيف الشمسي الجميل الذي يزهو به الشعب العراقي الأصيل، فهم أبناء حضارة وادي الرافدين، البابلية والآشورية والكلدانية والسومرية، وهم تلامذة مدرسة الأمام علي بن  ابي طالب، والأمام الحسين عليهم السلام، وكما قال الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه: "ان ثقافة العراقيين هي ثقافة شيعية، شئنا أم أبينا " وصدق الشيخ في ما قاله، وهو رجل من إخواننا السنة حفظهم الله وحفظ كل عراقي شريف على اختلاف ما يؤمن به .

فالثقافة هي المنظومة الأخلاقية والمعرفية والسلوكية السوية المتكاملة التي يتعامل ويؤمن بها الفرد في مسيرة حياته، وفي كيفية تعامله مع المجتمع، معبراً عن جوهر وأسس مفاهيمه الخلاقة في التواصل، وعلاقاته الأجتماعية المبنية على المحبة والأخاء، وحب الخير للآخر بنفس مستوى حب الخير للنفس، والتفاني والذوبان في الآخر والذود عنه، وهذه الثقافة التي يتميّز بها العراقي عن غيره من ثقافات البلدان الآخرى، قد أشرقت من فجر الحضارة الأنسانية التي انطلق اشعاعها من وادي الرافدين، وتمنهجت في مدرسة صوت العدالة الأنسانية التي وضع اسسها الأمام علي بن ابي طالب، وثقافة الأباء  والتحدي والتضحية الحسينية التي قادها ابا الأحرار الحسين ابن بنت رسول الله صلوات الله عليهم وعلى آل بيتهم أجمعين .

أما بعض الزمر الضالة، والذين غرتهم الحياة ببهرجها ومناصبها وعروشها وكراسيها، واللصوص المتسلطين على رقاب الشعب، فهم ليسوا أقل إجراما بحق الشعب والوطن من إجرام العدو الخارجي ..

وما كراسيهم وحياة بذخهم وسلطانهم وتسلطهم، فهي كما حصرها الأمام علي عليه السلام بين (عفطة عنز وشسع نعل)، فيما بينه في خطبه في نهج البلاغة، اما ارادة الخيرين والمعدمين والمحرومين والمظلومين هي أقوى من دناءاتهم ونفوسهم المريضة، والوقوف بوجههم لا يختلف عن الوقوف بوجه قوى الشر والعدوان والتآمر الخارجي ومن يتعامل معهم من الخونة والعملاء  والمجرمين بين صفوف الشعب، والمتلبسين بالألوان البراقة والخطابات الكاذبة والخادعة .

ومثل هذه النماذج العميلة، التي باعت ضمائرها ودينها ووطنها مقابل اموال السحت، والمتلبسين بالدين والوطنية والأدعاءات الأخرى الخادعة والمضللة، فهي عندما تنكشف وتحترق اوراقها، فان مصيرهم يكون ليس افضل حضاً من الذين سبقوهم في الخزي والعار والذل والهوان، وحتى أسيادهم لا ينفعونهم حينها، وعند ذلك ينطبق عليهم البيت الشعري القائل:"

مازاد حنون في الأسلام خردلة .......ولا النصارى لهم شغل بحنون"

 

الدكتور ابراهيم الخزعلي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم