صحيفة المثقف

التسامح وأبعاده الإنسانية في فكر الأمير عبد القادر الجزائري

نابي بوعليمقدمة: يعد الأمير عبد القادر الجزائري واحدا من الذين قدموا دروسا في التسامح وأسسوا ثقافة التسامح بين الأديان وحرية الفكر والتعايش السلمي بين الشعوب وترسيخ مبادئ القانون الدولي لحقوق الانسان قولا وفعلا، وكان ذلك قبل ميلاد مواثيق الأمم المتحدة التي رأت النور بعد قرن من الزمان حيث اضطرت إلى تبني قيم التسامح والانفتاح والبحث عن سبل التعايش والأمن بين الشعوب، وسارعت إلى الإعلان العالمي لحقوق الانسان بعدما اكتوى العالم بنار الحرب واستيقظ على هول حربين كونيتين مدمرتين لم تخلف إلا البؤس والمآسي والخراب.

ولما كان الأمير عبد القادر الحسني (هذا اللقب هو تشريف للأمير بهذه النسبة التي تربطه بأحد سبطي النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين) مدرسة عالمية للتسامح ونشر ثقافة السلم في العالم، فقد كثرت الدراسات والكتابات حول شخصيته للتعريف بأبعادها العالمية، حيث تؤكد هذه الدراسات فكرة أساسية مفادها أن التجربة التاريخية للأمير تتمتع بدرجة كبيرة من الخصوبة والغنى تنفي إمكانية الادعاء بأن هذه التجربة قد استنفذت محتواها، وقد تمت الإحاطة بها معرفيا، لذلك يبقى ميراث الأمير دائما في حاجة إلى إعادة الحفر والقراءة والدراسة بشكل أعمق وتحليل أدق. وبالرغم كذلك من كثرة المؤتمرات والندوات على مدار ما يقارب قرنين من الزمن حول شخصية الأمير عبد القادر الجزائري، إلا أنها لم تستطع أن تستنفد الإجابة عن كلية السؤال: من هو الأمير عبد القادر؟

ولأن الأمير عبد القادر شخصية عظيمة، فإن تلك الدراسات والأبحاث تبقى شذرات تقارب إرث ومآثر شخصية من أعظم ما أنجبت السلالة العربية بشهادة الجميع، ومن ثم يبقى الأمير عبد القادر حضورا متجددا يمارس نفوذه في التاريخ. فلقد اجتمع للأمير عبد القادر ما لم يجتمع لغيره، فهو رجل دولة اكتمل شكلها الحداثي، وسياسي محنك، رجل سيف وقلم لم يترك الكتابة والمطالعة، شاعر ومتصوف عريق في التصوف، قائد عسكري شجاع، بطل مجاهد وثوري كبير، شريف النسب والأصل، شهد له الجميع بكمال العلم والتقوى والصلاح والتسامح والوطنية الصادقة، شق طريق المقاومة الوطنية، فكان رمزا ومرجعا ومصدر إلهام للحركة الوطنية والثورة الجزائرية المباركة. ولذلك، ارتبط اسمه باسم الجزائر كواحد من رجالها العظماء الذين يستحقون اعتراف الوطن والتاريخ. ولأن الأمير عبد القادر ليس مفخرة الجزائر والوطن العربي والإسلامي فحسب، بل هو شخصية من الطراز العالمي اخترقت حدود الزمان والمكان، وأثرت في مسار التاريخ، فكان محل إعجاب وتقدير واحترام.

ولمّا اندفعت أوروبا بفعل التحول الاجتماعي والتطور الاقتصادي والسياسي والعسكري خارج حدودها لترتكب جريمة الاستعمار، منتهكة حرمة شعوب القارات المجاورة لها، لتهمّ بالسيطرة على العالم، انخرط الأمير عبد القادر في مقاومة هذا الشر في شمال افريقيا بمعية القبائل التي احتشدت لمبايعته على الجهاد، استجابة لنداء الواجب الوطني والضمير في سن مبكرة ليتحمل مسؤولة لا يتحملها إلا العظماء. ولكن المقاومة المسلحة للعدو المغتصب لم تمنعه من الانخراط في جهود البحث عن السلام حقنا للدماء، فكان محل ترحيب وحب من كل الطوائف الدينية، والقوى المحبة للسلام. إن الفكرة التي كان يحملها الأمير عبد القادر هي: أن الحرب ليست قانونا للحياة، وقد عبر عن هذه الفكرة في مراسلاته لأسقف الجزائر ديبيش (Dupuch) ، حيث يعتبر أن محنة الحرب قد فرضت عليه ولم يولد محاربا، وهو لا يحمل السيف إلا لمقاومة الظلم والأعداء وتحرير البلاد. تظهر هذه الفكرة قيمة الرجل المسالم وتوجهه نحو البحث عن السلم، وهذا ليس غريبا عن الأمير الذي ينتمي إلى الأمة الإسلامية وينهل من ينبوع مرجعيتها الدينية الأصيلة التي تتجه برسالتها إلى البشرية جمعاء دون تمييز بين اللون والجنس أو المعتقد، وتدعو البشر إلى التعاون والتعايش في كنف السلام والعدل والتسامح، وتعمير الأرض تحقيقا لمقصدية الاستخلاف ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾(1)

1 ـ الأمير عبد القادر الأسطورة والرمز

إن معظم الكتابات التي تناولت حياة وسيرة الأمير عبد القادر كثيرا ما انصرفت إلى معالجة القضايا السياسية والعسكرية والدبلوماسية، وتجاوزت الأحداث المثيرة الأخرى التي عاصرها وتفاعل معها. لقد شهد القرن التاسع عشر أحداثا جسيمة كان الأمير واحدا من صناعها الكبار، حيث" شهدت الجزائر تجربة الاحتلال الفرنسي وحركة المقاومة ضده، وشهد الشرق ظهور محمد على وإصلاحات الدولة العثمانية، وحرب القرم وفتنة الشام، وشهدت أوروبا حروب نابليون، وثورات 1848 والتقدم الصناعي ومحاولات الوحدة في كل من ايطاليا وألمانيا. إذن فقد عاصر الأمير كل هذه الأحداث وشارك في بعضها"(2).

وكان من قدر الجزائر أن تكون ضحية لحملة الغزو الفرنسي مع بداية القرن التاسع عشر تزامنا مع بداية تراجع الإمبراطورية العثمانية، حيث اشتعلت فيه فرنسا حبا للاحتلال، وعبرت عن أكثر مظاهرها عنفا وشراسة، وحاولت بهمجيتها قطع مسيرة الجزائر الحضارية، حيث أكد على سبيل المثال أحد المسؤولين الفرنسيين الكبار وهو بولنياك أن غزو الجزائر لا يصب في مصلحة فرنسا وحدها فقط، بل هو لصالح المسيحية جمعاء، فتحركت جيوش الغرب مدفوعة بشهوة الاحتلال الجامحة بحثا عن السيطرة الاستعمارية، واندفعت أوروبا وهي في أوّج التحولات نحو البحث عن مناطق النفوذ والأسواق العالمية والأيدي العاملة ومصادر الطاقة لتحريك آلتها الصناعية الضخمة.

وكان من الطبيعي أن يتصدى الشعب الجزائري لهمجية العدوان الخارجي ودحر القوات الغازية، ويدافع عن أرضه وعرضه من الغزاة. وفي هذا الإطار قاد حملة المقاومة الشعبية ضد الأعداء بالغرب الجزائري محي الدين والد الأمير عبد القادر الذي كان شيخ الطريقة القادرية، وهو عالم ومتصوف وفقيه. ولكن مع مرور الزمن لم يستطع هذا الأخير القيام بمسؤولية قيادة المقاومة، واعتذر عن ذلك، بحكم تقدم سنّه، واقترح في الوقت نفسه على القبائل التي التفت حوله حاملة راية الجهاد ضد الغزاة الفرنسيين أن يخلفه ولده عبد القادر لما أظهره من قوة وشجاعة في مقارعة العدو رشحته لتولي هذه المهمة الخطيرة. زيادة على ذلك، كان الأمير عبد القادر يحظى بعناية خاصة من قبل والده، وكان متميزا عن إخوته في النبوغ والذكاء والفروسية مما جعل الوالد" يراقب ابنه عن كثب ويتوسم فيه علامات غامضة"(3)، وكأن العناية الإلهية كانت تعدّه للقيام بأدوار حاسمة في تقمص روح الأمة الجزائرية والتعبير عن تطلعاتها، وتوجيه مسار تاريخ الجزائر التي ارتبطت باسمه ارتباطا عضويا وثيقا. قبِل الأمير عبد القادر هذه المهمة التي لم يكن يطمح إليها أو يسعى لها، في هدوء وطاعة وثبات قائلا:" إن من واجبي طاعة أوامر والدي"(4). من هذه اللحظة التاريخية الفارقة تبدأ مرحلة هامة وخطيرة في حياته، وهي مرحلة تولي مسؤولية الجهاد المسلح وتنظيم صفوف المقاومة. ولعل واجب الطاعة الأبوية المطلقة الذي يمليه الواجب الديني والقيم الأخلاقية الإسلامية والتقاليد والأعراف الجزائرية، لم يكن كافيا في نظر الأمير عبد القادر لتبرير شرعية السلطة التي يجب أن يستمدها من موافقة الشعب بالتشاور والتأييد وإلا ظلت شرعية ناقصة. لذلك طلب البيعة الشرعية بعد أن اجتمعت عليه القلوب، فتمت مبايعته مرتين، حيث بايعه مجلس علماء معسكر في 27نوفمر 1832 وهي البيعة الرسمية، ثم البيعة الثانية التي بايعه فيها الناس جميعا، وتسمى البيعة العامة في 4أفريل 1833. وتمت المبايعة "ٍ تحت شجرة الدردارة الموجودة بوادي فروحة من غريس، شجرة عظيمة كان أهالي غريس يجتمعون تحتها للشورى، وتمت البيعة على غرار بيعة الرضوان التي بايع فيها الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة الحديبية، وذلك تيمًنا بتحقيق النصر واقتداء بالرسول العظيم. وبعد أن بايعه والده لقبه "بناصر الدين " وخاطب المجاهدين بقوله : "إليكم سلطانكم الذي أشارت إليه نبوءات الأولياء و إلهامات الأتقياء. هذا هو ابن الزهراء، فأطيعوه كما أطعتموني واجتنبوا جفاءه، نصر الله السلطان نصرا عزيزا مقتدرا"(5) .

إن الأمير عبد القادر الذي ولد كبيرا ووصل إلى ذروة المجد وقمة العظمة وهو لا يزال شابا، استطاع أن يتعامل مع القضايا الحساسة العسكرية والدبلوماسية والشوؤن الدولية بحنكة كبيرة. وقد زادت المنح التي خصّت بها الطبيعة شخصية الأمير من الذكاء والقوة والنبوغ وبُعد النظر والقدرة على تحليل المعطيات والتنبؤ بمساراتها قدرة كبيرة ودرجة عالية من التنظير أهلته لبناء دولة عصرية كانت نواة الدولة الجزائرية الحديثة. وقد اعترف الجنرال الفرنسي بيجو بهذه القوة الأسطورية المذهلة للأمير قائلا "إن عبد القادر المحارب والخطيب والدبلوماسي ورجل الدولة والمشرع تكمن أسرار قوته في عظمته العقلية"(6).

لقد بدأ الأمير عبد القادر مسيرته المظفرة مستندا إلى تعاليم القرآن الكريم بنشر الوعي وترسيخ فكرة الجهاد لدى القبائل لطرد المحتل الأجنبي وبث الروح الثورية في النفوس وشحذ الهمم، وإذكاء الشعور الوطني للدفاع عن الأمة الجزائرية في وجه حملة استعمارية مصمّمة على تجريد الشعب الجزائري من أرضه وهويته الوطنية، فكان سلاحه الإيمان والتوكل على الله لأنه كان يعرف من أين يأتي نصر المؤمنين، وتعهد بإنقاذ الأمة الجزائرية وتخليصلها من شر المستعمر وبناء دولة حداثية عظيمة.

وانطلاقا من كونه ينتمي إلى دين يجبره على احترام كلمته، فقد عاهد الأمير عبد القادر بعهد الإسلام وكلمة الرجال، فأوفى بما عاهد، فكان رجل العهد والكلمة، وكان وفيا للمهمة التي أقسم على تحقيقها، فتغلب بعبقريته الفذة على عقبات كان يبدو أنها لا تقهر، وأظهر شجاعة نادرة تفوق الطاقة الإنسانية، فكان يثير مشاعر الإعجاب البطولي في جيشه، فجعل الناس يلتفون حول راية الجهاد ضد الاستعمار الظالم والطامع في خيرات الجزائر.

كان الأمير عبد القادر الذي حكمت عليه الأقدار في سن مبكرة بتحمل هذه المسؤولية الكبيرة، يدرك أن التحولات العالمية التي أفرزتها صدمة الحضارة الغربية آنذاك تقتضي تأسيس دولة تتجاوز حيز القبيلة والعشيرة، فعمل على توحيد القبائل، وأقام المدن ومؤسسات الدولة المدنية ومصانع الأسلحة وأنشأ جيشا نظاميا أطلق عليه اسم الجيش المحمدي، كل ذلك يدل على عبقرية الأمير عبد القادر الذي كان يتطلع إلى بناء دولة تحقق المصلحة الوطنية والتقدم خاصة بعد انهيار الحكم العثماني، وما ترتب عنه من فراغ وفوضى ضاعت معها معالم الدولة ومصالح الشعب الجزائري. إن الأمير عبد القادر "سرعان ما أدرك أن دوره، بعد أن أمسك بزمام السلطة، هو بناء دولة عصرية تقوم على جيش منظم وإدارة محكمة وعادلة، ونظام ضريبي دقيق، وإقامة صارمة للعدل، وتأسيس مراكز للتعليم على نحو جديد، وربط علاقات متفهمة بالعالم الخارجي، وإقامة مصانع تلبي حاجات المجتمع الجديد، واستيعاب وفهم عميق لروح الدين وحاجات العصر"(7).

إن هذه الروح التي طبعت تفكير الأمير عبد القادر وجعلته يفكر في إرساء أسس ودعائم دولة قوية تستجيب لمتطلبات العصر آنذاك، رغم ضرورات الحرب التي فرضها الاستعمار القادم من وراء البحر، وهو ما شهد له به المؤرخون الغربيون من أمثال الفرنسي برينو إيتيان عندما أكد أنه في الوقت الذي كان فيه فريدريك هيجل فيلسوف ألمانيا العظيم يبحث عن الدولة على مستوى الفكر المجرد ويسبح في الغيوم، كان هناك أمير صغير في الجزائر يقيم الدولة على أرض الواقع. "إن شهرة عبد القادر قد طبقت الآن كل آفاق الجزائر. لقد كان الشعور السائد هو أن رجلا قد ظهر وأنه لم يكن فقط قادرا على حفظ النظام من الداخل، بل، أنه، بمهارته وشجاعته قد نجح في فرض شروطه على الكفار من الخارج. ولذلك فعيون كل المتطلعين إلى الصلاح اتجهت طبيعيا نحو ذلك الذي حقق كل هذه النتائج الباهرة"(8).

ولما كان في الأسر عرضت عليه السلطة الفرنسية في محاولة بائسة خزائن المال والذهب والجاه والإقامة بفرنسا، ولكن الرجل الذي لا يقبل المساومة على مبادئه الدينية والوطنية والشخصية مقابل فتاة الدنيا وحطامها، رفض بشدة واستهجان تلك العروض والإغراءات بنفس شامخة عريقة في الوفاء لله والوطن والشرف، وإباء عربي أصيل " حيث جربت معه (فرنسا) دون جدوى أن تدفع به للانسياق في مشاريع امبريالية رفضها دون أن يحنث بيمين الإخلاص الذي أقسمه لها"(9)، وأسلم أمره لله بعد أن استنفذ كل السبل بعدما تحالفت ضده الظروف" فوضع السيف بعد سبعة عشر عاما من الجهاد والمواجهة مع العدو، وتناول القلم مستعيضا به عن السيف في نوع من الجهاد أشد محققا للحديث الشريف ومعايشا له بأن مجاهدة النفس والهوى هي الجهاد الأكبر بعد جهاد العدو الذي يعتبر جهادا أصغر"(10). غير أن قضية تحرير الجزائر من الاستعمار ظلت القضية المركزية التي شغلت كل الشعب الجزائري، هذا الشعب الذي ولد حرا وهو مصمم على أن يبقى حرا، سرعان ما فجر الثورة التحريرية المباركة في منتصف القرن العشرين، على يد أبناء هذا الأمير وأتباعه وأمته ليحققوا حلم الأمير، وفاء، محبة واعترافا له.

لقد طالب الأمير من فرنسا فقط أن تحترم وعدها وكلمتها وتنفذ التزاماتها التي أبرمها جنرالاتها من أمثال لاموريسير وكافينياك بدون تردد، لكنهم تنكروا لتلك العهود أمام الأمير، وفضلوا أن يلبسوا ثوب الغدر والخيانة والعار إلى الأبد، لأن" الفرنسيين قوم غدارون لا يعرفون للعهود قيمة، ولا يقدرون المواقف الإنسانية حقها، فكانوا كما قال الأمير "شكيب أرسلان:" كانت معاهدات الدول الاستعمارية مع أهالي الأقطار التي نصب أعينها الاستيلاء عليها، هي في الغالب محاط استراحة بين الحملة والحملة، ومنازل استجمام بين مراحل الحرب لا غير، بحيث لا تعدم عذرا لدى توفر القوة في نقض المعاهدات التي لم تبرمها منذ البداية إلا على نية النقض"(11). إن ذلك الوعد المتمثل في اختيار الأمير عبد القادر الحر لمنفاه والعيش في بلد إسلامي بحرية، ظل يسكن روحه ولم يفارقه أبدا، ولم يتنازل عنه رغم سنوات الأسر وعذاب السجن وإغراءات المال وأشكال المساومات التي ظلت تطارده، وهذا لا يكون إلا من إنسان يقدّر نعمة الحرية حق قدرها، فقد رفض ذلك قائلا" لو أن جميع خزائن الدنيا فتحت أمامي، واقترح علي وضعها في جهة، وحريتي في جهة أخرى لاخترت حريتي"(12).

2 - الأمير عبد القادر مدرسة للتسامح:

إن التسامح من أبرز الأعمال والصفات الأخلاقية التي ميزت حياة الأمير عبد القادر لأنه يعرف أن الشخص المتسامح يحظى بحب الله، وكان يبدو التوجه المسالم والمتسامح للأمير عبد القادر من كونه نشأ في أسرة تنتمي إلى طريقة صوفية بسيطة في حياتها، تهتم بالتعليم والأعمال الخيرية ومساعدة المعوزين والمحتاجين، بعيدا كل البعد عن السلطة وما يستتبعها من ترتيبات تفرضها طبيعة السلطة نفسها. وكان على وعي كبير بأن التسامح لا يقوم إلا على ضرورة مواجهة اللاتسامح، الذي يغذيه التعصب المفرط للمذهب أو الدين أو العرق... لقد تجاوز الأمير الإطار الضيق للمركزيات الإثنية والفواصل الثقافية التي تحد من سبل الحوار. إن التسامح الذي دعا إليه الأمير ليس من صنف التسامح الإيديولوجي الذي يكرس الظلم والتفرقة، فلقد وظف الأمير فكره في خدمة السلم والتسامح، وكان متسامحا مع شيوخ القبائل التي رفضت الاعتراف به وعارضت سلطته، لأنهم اعتقدوا أن نفوذهم سيتقلص إذا ما خضعوا له، ولذلك حاولوا التصدي له بوسائل مختلفة، وكان من بيهم رؤساء القبائل وشيوخ الطرق الصوفية، وذلك حفاظًا على مكاسبهم ومراتبهم التي يحضون بها. لم يكن الأمير رجل دولة فقط، بل كان عالما في زمانه، يهتم بشؤون التعليم ونشر المعرفة والتسامح مع المعلمين، حيث "ذكر الأمير في إحدى المناسبات أنه كان يشفق على المثقفين والمدرسين وبخاصة عندما يرتكبون أخطاء فيتسامح معهم لأنه كان من الصعب في رأيه تعويضهم إذا قضي عليهم"(13). كما كان متسامحا مع أسرى الحرب الفرنسيين، وكان يبرهن على ذلك في كل مناسبة، ولعل من أشهر المواقف التي برهن فيها الأمير على ثقافته التسامحية هي الأحداث المأساوية في شهر ماي من سنة 1860 التي أنقذ فيها الأمير أكثر من خمسة عشر ألفا من المسيحيين من مذبحة حقيقية تنذر بشلالات من الدماء عقب الفتنة الطائفية التي اشتعلت بين المسلمين والمسيحيين، فتحولت أنظار أوروبا والدولة العثمانية إليه، فنال شهرة عالمية من مختلف ملوك أوروبا والعالم، وسنعرض لبعض مواقفه المتسامحة بالتفصيل.

أ - التسامح مع القبائل التي رفضت الاعتراف بسلطته:

كان الأمير عبد القادر متسامحا مع القبائل التي رفضت الاعتراف بسلطته بعد معاهدة التافنة في 30ماي 1837، فوعدهم بنسيان الماضي إذا حسنت نواياهم معه وبايعوه على الطاعة وتعاونوا معه ضد المحتل الأجنبي. فقد سبق حلمه سيفه في الوقت الذي لم يكونوا في نظره ليس أكثر من كوب من الماء في يد ظمئان، ولما لم تفد المعاملة الحسنة معهم فقد أجهز عليهم وهزمهم في النهاية" فقد استسلم ابن المخطار وجاء شخصيا لدى السلطان وطلب منه العفو. ولكن عبد القادر لم يكتف بمنحه العفو فقط بل عينه، وهو مندهش لذلك، خليفة له على القبائل المنهزمة. وهكذا أصبح ابن المخطار منذئذ أكثر أنصار عبد القادر إخلاصا له"(14).

لقد تسامح الأمير عبد القادر مع القبائل الفقيرة والضعيفة الدخل، ومنحها امتيازات تتمتع بها على خلاف بقية القبائل الأخرى، وعاملها بدرجة خاصة من الإكرام، وأمرها بأن تدفع ضرائب منخفضة تتماشى مع موارد دخلها البسيط، وشملت هذه المعاملة الخاصة مثلا أولاد سيدي الشيخ وأهل القصور في الصحراء والقبائل التي تعاني من قساوة الطبيعة وتفتقر إلى الموارد المالية التي تزيد عن احتياجاتها لتدفع منها الضرائب المستحقة عليها.

ب ـ تسامح الأمير عبد القادر مع أسرى الحرب الفرنسيين

بالموازاة مع الثورة المسلحة ضد الغزاة الفرنسيين، كان الأمير عبد القادر يقود ثورة معنوية ومعركة أخلاقية كان يمليها عليه الدين الاسلامي الحنيف، فكان يعامل أسرى الحرب معاملة الضيوف، ويوصي جنوده بالإحسان إليهم، ويأمر بتقديم أحسن الطعام إليهم، وطلب من أسقف الجزائر أن يرسل إليهم قسيسا خصيصا لهم ليصلي بهم، يقول تشرشل معبرا عن إعجابه الاستثنائي بهذا المسألة التي تهز المشاعر الانسانية :" وبصدد هذا الموضوع كتب بطل الفكرة الإسلامية الذي لا يعرف المساومة إلى أسقف الجزائر كلمات تستحق أن تكتب بالذهب، قائلا:" أرسل قسيسا إلى معسكري. فسوف لا يحتاج إلى شيء وسوف أعمل على أن يكون محل احترام وتبجيل لأنه سيكون له وظيفة مزدوجة وهي أنه رجل دين وممثل لك"(15).

ولما انتشرت أخبار حسن معاملة الأمير للأسرى بين الفرنسيين رفضوا مبدأ مبادلة الأسرى، كي لا يتحدث الأسرى بين ذويهم عن كرم الأمير وحسن أخلاقه ونبله" (16) . إن هذه المواقف لتعبر بحق عن سمو معاملة الأمير للأسرى من الجنود والضباط والنساء، فكان " مثالا للعدل والرحمة حتى مع أعدائه وظالميه، وتجلى هذا في حسن معاملته للأسرى، حين كان ينتصر في كثير من المواقع على الفرنسيين، فقد كان صاحب عناية كبيرة وعاطفة رحيمة بهؤلاء الذين كان يأسرهم جنوده، فكانت عادته أن يرسل الرجل إلى "تازة " أو "تاكدامت"، أما النساء فقد كن بلا استثناء يرسلن إلى "الزمالة" حيث تعتني بهن والدته وقد أفرد "تشرشل" الفصل السادس عشر من تاريخه لذكر حسن معاملة الأمير للأسرى، ورحمته بهم وشفقته عليهم، إذ كان يكافئ من يأتيه بالأسير حيا أكبر مكافأ ة، ولقد كان الأمير كما قال "فاليوت" في تاريخه عدو كريم الأخلاق"(17).

لقد كتب أحد الضباط الفرنسيين معترفا بأخلاق الأمير في معاملة الأسرى قائلا""إن هناك عددا لا يحصى من الأعمال الباهرة التي لا يعرفها إلا الضباط الفرنسيون الكبار الذين اجتمع بهم أو الذين تراسل معهم، والتي تشهد كلها على سمو همته. ولقد كان علينا أن نخفي هذه الأشياء بقدر ما نستطيع على جنودنا، لأنهم لو اطلعوا عليها لما كان في استطاعتنا أبدا أن نجعلهم يحاربون عبد القادر بنفس الاندفاع والحماسة"..

ج ـ واقعة أحداث ماي 1860ودور الأمير في إخمادها

لعل من أبر المواقف التي تجلى فيها تسامح الأمير عبد القادر هي فتنة أحداث ماي من سنة 1860 التي وقعت في الشام بين المسلمين والنصارى. لقد جسدت تلك الحوادث الصورة الحقيقة لفكر الأمير عبد القادر وإيمانه بالحوار والتسامح بين الأديان وإمكانية التعايش بين الشعوب بعيد عن الحروب وسفك الدماء. من هذا الإيمان العميق المشبع بالروح الدينية والمواقف الإنسانية الشريفة اندفع الأمير لإطفاء نار الفتنة، وهو ما يعكس حرصه على حقن الدماء والبحث عن السلام لأن الحرب لم تكن خيرا على الناس في أي زمان أو مكان. قبل وقوع الفتنة جمع الأمير عبد القادر الأعيان ووجهاء القوم من أهالي دمشق وخاطب فيهم خطبة شهيرة حذرهم فيها من عواقب الحروب الطائفية الطائشة والفتن النائمة، وسفك الدماء، وبيّن لهم أن الأديان تدعو إلى التسامح والتعارف والتعاون في كنف الاحترام المتبادل بين البشر. أما الحروب المروعة ما هي إلا نتيجة فهم ساذج للدين الذي يروجه معتنقي الفكر المنحرف الضال، قائلا: "إن الأديان وفي مقدمتها الدين الإسلامي أجل وأقدس من أن يكون خنجر جهالة أو معول طيش أو صرخات نذالة تدوي بها أفواه الحثالة من القوم. أحذركم أن تجعلوا لشيطان الجهل فيكم نصيبا، أو أن يكون له إلى نفوسكم سبيلا"(18).

ومع انطلاقة الفتنة" بقي الأمير أربعة عشر يوما متوالية لم يفتر فيها لحظة عن نصرة المظلومين، وإنقاذهم من القتل، وأشرف على تطبيب الجرحى، وقام على تعزية الثكالى والأرامل والأيتام، وكان يقضي أكثر الليالي ساهرا وبندقيته في يده حرصا على من في حماه، فإذا غلب عليه النعاس أسند رأسه إلى فوهتها قليلا وغفا"(19). لقد سارع الأمير إلى حماية أحياء النصارى وآوى في بيته الرهبان والقناصل حتى بلغ عدد الذين أنقذهم الأمير ممن إلتجأوا إليه حوالي خمسة عشر ألف من المسيحيين والقناصل والرهبان. لقد ضرب الأمير عبد القادر مثلا أعلى في التسامح والمحبة والإخاء والبعد عن التعصب من خلال هذا الموقف الإنساني النبيل من تلك الفتنة الطائشة، حيث انتقلت أخبارها إلى مختلف بقاع العالم، مما جعل ملوك ورؤساء أوروبا وحكام العالم ينظرون إليه بعين الإكبار والإجلال، ويمنحونه الأوسمة والهدايا الفخرية من الدرجة الأولي على شجاعته ومواقفه البطولية والإنسانية، "فنال وسام الجوقة الفرنسي، ووسام صليب النسر الأبيض الروسي، ووسام صليب النسر الأسود البروسي، ووسام صليب المخلّص اليوناني، وأهدت إليه ملكة بريطانيا بندقية مرصعة بالذهب"(20). فكان ردّ الأمير حين " كتب بعد هذه الفتنة معبرا عن سبب موقفه النبيل، يخاطب ملكة بريطانيا:" إنني لم أفعل إلا ما توجبه علي فرائض الدين، ولوازم الإنسانية"(21). ولا يزال إلى غاية اليوم تمنح الجوائز للأمير عبد القادر حيث" منحت مؤسسة (الأوسيمي) السويسرية، غير الحكومية جائزتها السنوية الثالثة في التسامح إلى اسم الأمير عبد القادر الجزائري، تقديرا لدوره كأحد أبرز مؤسسي القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، وثناء على مساعيه الحميدة لنشر روح التسامح في فترات عصيبة من التاريخ. وتسلم الجائزة حفيد الأمير الراحل مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، السفير إدريس الجزائري"(22).

لم يقتصر المعجبون بالأمير عبد القادر على الملوك والرؤساء، بل حظي بإعجاب وتقدير ومدح الكثير من الكتاب والشعراء والمؤرخين العرب والأجانب، فقد مدحه على هذا الموقف الشجاع الشاعر أمين الجندي قائلا:

إليك انتـهى المجـــــــد الرفيع المــؤثّل وعنك، أحاديث المكارم، تنقـــــــل

وفي الشام، لما أن بغى الناس، واعتدى على بعضهم بعض، بما ليس تقبل

نهضت لإخماد الفساد، بهــــــمّــــةٍ، تزيل الرؤوس. والأســـــود تجــنـدل

حقنت دماءً، حرّم الشرع سفكـــــــها وصنت، من الأعراض، ما لا يحلّل

بذلت، من الأموال، وفــــــرا، بمثله يضـــنّ سخيّ الطـــــبع، والمتمــــوّل

صنيعك، هذا ليس يقـــــــدر قـــدره ولا أحــدٌ ـ حقا ـ لـــــه يـــتـوصــّـــل

قصدت به مرضاة ربّك، مخلــــصا وما خاب عبد، في رضى الله، يعمل

لقد نال الأمير شهرة عالمية حتى أعدّه أهل دمشق نعمة من النعم العظيمة التي أنعم الله بها عليهم، إذ جعل إقامته بينهم، فأفادهم بعلومه ومعارفه ومواقفه. ففي مدينة دمشق انصرف للتدريس والتأليف وتنظيم حلقات العلم لجميع المستويات، حيث" درّس الأمير عبد القادر التصوف، والتاريخ وعلوم الدين، على مدى أكثر من عشرين عاما، وفي كل يوم من أيام إقامته في دمشق"(23)

لقد تخطى الأمير نظريا السياجات اللاهوتية الدوغمائية وتجاوز كل المعتقدات والتصنيفات الإيديولوجية الدينية التي ترسم الحدود الوهمية والخطيرة وتفرق وتفصل بين الشعوب، وتثير بينهم العداوة بدل التعاون والتواصل الطبيعي الذي يقتضيه التجمع البشري. ومن هذا المنظور كان الأمير عبد القادر يؤسس لفكرة التسامح الديني، ويرسم معالم هوية عالمية تتلاشى فيها الفواصل وتتقلص فيها المساحات التي تبعد الناس عن بعضهم البعض، ويمثل الاختلاف فيها نسيج وجماليات الوجود كله، قال الأمير الجزائري:

ففي أنا كـل ما يؤمله الـــــــــــــورى فـمن شاء قرآنا ومن شاء فرقانا

ومن شاء توراة ومن شاء إنجيلا ومن شاء مزمارا زبــــورا وتبيانا

ومن شاء مسجدا ينـــــاجيه ربه ومن شـاء بيعة ناقوسا وصــــلبـانا

ومن شاء كعبـة يقبل ركنـــــــــــها ومن شاء أصناما ومن شاء أوثانا

ومن شاء خلوة يكن بها خاليا ومن شـاء حـانة يغزل غـــــزلانا

ففي أنا ما قد كان أو هو كائن لـقد صـح عنـدنـا دليـــلا وبـرهانا

 

في هذه الأبيات الشعرية يظهر تأثير المتصوف الكبير الشيخ محي الدين بن عربي في الأمير عبد القادر، حيث يقول محي الدين بن عربي في نفس المعنى: إذا لم يـكـن ديـني إلى ديـنـه دان لقـد كنت قـبـل الـيوم أنكر صاحبـي فـمـرعـى لغـزلان وديـر لرهـبان وقـد صـار قلبي قـابـلا كـل صورة وألـواح تـوراة ومـصحـف قـرآن وبـيـت لأوثـان وكـعـبـة طـائـف ركائـبـه فالحـب دينـي وإيـمانـي أديـن بـديـن الحـب أنـى توجـّهت.

خاتمة: يمثل الأمير عبد القادر صفحة مجيدة واستثنائية من تاريخ الجزائر المعاصرة لن يتمكن الزمن من إلغائها عن الوعي الثقافي والفكري والوجودي لأبطال التاريخ، فقد جسد أقصى درجات الوعي في الزهد المطلق، ورفض الاستعمار البغيض، وقدم دروسا نموذجية ومن أرقى المستويات في الحوار والتسامح شغل الناس في زمانه، ولا يزال يشغل الكثير من الباحثين والمفكرين إلى غاية يوم الناس هذا في بقاع الدنيا. لقد قدم الشعب الجزائري تحت قيادته أروع البطولات والتضحيات التي قلّما يجود بها شعب في التاريخ، وتحدى القدر بأن يأتي بأسوأ مما عنده. وثقافة التسامح هي أحسن ميراث تركه الأمير عبد القادر للإنسانية جمعاء ، حيث يمكن استثماره في عالمنا المعاصر ليعيش بسلام من دون تلويث العالم بثقافة الكراهية والدماء والحروب والمذابح الجماعية. وبذلك يظل الأمير عبد القادر قيمة ثقافية إنسانية نادرة يشهد له بها الخصوم قبل الأصدقاء. في الأخير نشير إلى هذا الاعتراف الذي جاء من قلب المجتمع الأوروبي، والذي يعترف بخصال وأفضال الأمير عبد القادر وثقافته المتسامحة والتي افتتح من خلالها عهدا جديدا في معاملة الأسرى حيث جاء في ذلك الاعتراف ما يلي:" فمن كان أول من ألغى هذه الأعمال الفظيعة؟ ومن منع، بكل الشدة التي تسمح بها الظروف، عادة إضافة رؤوس الأسرى الذين أخذوا أحياء، سواء كانوا جرحى أو غير جرحى، إلى رؤوس القتلى الذين سقطوا في ميدان القتال؟ ومن الذي أعطى الجائزة مضاعفة بل مثلثة على كل أسير جيء به حيا سليما، بدل منح الجوائز من أجل كل عمل دموي فظيع؟ مرة أخرى، ليعلم العالم المسيحي والعالم المتحضر على الإطلاق أن ذلك الرجل هو عبد القادر"(24). وبهذا العمل يكون الأمير عبد القادر قد سنّ قوانين أسرى الحرب قبل معاهدة جنييف بسبع وعشرين سنة.

وهكذا يبقى الأمير عبد القادر رمزا وطنيا وشخصية عالمية دخل التاريخ من بابه الواسع، لأن الرجال لا يعرفون إلا بأعمالهم.

 

د. نابي بوعلي

كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية

جامعة معسكر /الجزائر

.................................

المراجع:

 1- شارل هنري تشرشل، حياة الأمير عبد القادر، ترجمة أبو القاسم سعد الله، الدار التونسية للنشر.

2 - نزار أباضة، الأمير عبد القادر العالم المجاهد، دار الفكر دمشق سورية، الطبعة الأولى 1994.

3 - سامية بوعمران، الأمير عبد القادر رمز المقاومة الجزائرية، في ثقافة المقاومة، مركز دراسات الوحدة العربية،الطبعة الاولى2007.

4 - بركات محمد مراد، الأمير عبد القادر الجزائري المجاهد الصوفي، دار النشر الالكتروني.

5 - أحمد كمال الجزار، المفاخر في معارف الأمير الجزائري عبد القادر، ط1، 1997.

6 - برونو إتيين، عبد القادر الجزائري، ترجمة ميشيل خوري، دار عطية للنشر، ط1، بيروت لبنان، 1997.

هوامش

(1) سورة هود، الآية: 62.

(2) أبو القاسم سعد الله في شارل هنري تشرشل، حياة الأمير عبد القادر، الدار التونسية للنشر، ص15

(3) أبو القاسم سعد الله، نفسه،. ص15

(4) شارل هنري تشرشل، حياة الأمير عبد القادر، ترجمة أبو القاسم سعد الله، الدار التونسية للنشر، ص56.

(5)بركات محمد مراد، الأمير عبد القادر الجزائري المجاهد الصوفي، دار النشر الالكتروني،ص14.

(6) شارل هنري تشرشل، نفسه، ص 14.

(7) أبو القاسم سعد الله، نفسه،. ص16.

(8) شارل هنري تشرشل، نفسه، ص86.

(9) برونو إتيين، عبد القادر الجزائري، ترجمة ميشيل خوري، دار عطية للنشر، ط1، بيروت لبنان، سنة1997، ص18.

(10) بركات محمد مراد، الأمير عبد القادر الجزائري المجاهد الصوفي، دار النشر الالكتروني،ص5.

(11) بركات محمد مراد، نفسه ص18.

(12) شارل هنري تشرشل، مرجع سابق، 264.

(13) سامية بوعمران، الأمير عبد القادر رمز المقاومة الجزائرية، ص137.

(14) شارل هنري تشرشل، مرجع سابق، ص128.

(15) شارل هنري تشرشل، نفسه، ص202.

(16) أحمد كمال الجزار، المفاخر في معارف الأمير الجزائري عبد القادر، ط1، 1997، ص32.

(17) الامير المجاهد الصوفي، ص21.

(18) نزار أباضة، مرجع سابق، ص16.

(19)نزار أباضة، نفسه، ص17).

(20) نزار أباضة، الأمير عبد القادر العالم المجاهد، دار الفكر دمشق سورية، الطبعة الأولى 1994، ص18.

(21) نزار أباضة، نفسه، ص18.

(22) http://www.djazairess.com/elkhabar

(23) برونو إتيين، مرجع سابق، ص19.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم