صحيفة المثقف

من إعلامية إلى وزيرة للبيئة والطاقات المتجددة إلى رئيسة حزب سياسي

علجية عيشفاطمة الزرهراء زرواطي ثالث امرأة تقود حزبا سياسيا في الجزائر

انتزعت السيدة فاطمة الزهراء زرواطي مقعد رئيس حزب" تاج" بقوة خلفا للرئيس المقال عمار غول المتورط في قضايا فساد، وهي اليوم في رأي القاعدة النضالية تقود الحزب نحو السكة الصحيحة، ليكون في الريادة قولا وعملا فمن تكون زرواطي؟ وهل ياتي يوم نرى فيها هذه المرأة تؤسس حزبا لها أو تكون "رئيسة وزراء" أو "حاكمة" مثلها مثل قريناتها من النساء اللاتي  سجلن حضورهن بقوة  في الساحة السياسية في العالم، هي رحلة شاقة تحتاج إلى نضال مستمر  وصبر ودعم قوي

فاطمة الزهراء زرواطي من مواليد 1967 بمدينة عين الدفلى (غرب الجزائر)، مهندسة دولة في مجال البيئة، بدأت مشوارها المهني كإعلامية، حيث عملت في التلفزيون الجزائري (العمومي) عام 1991 كأول صحفية متخصصة في عالم البيئة، قدمت من خلاله برامج عديدة حول البيئة، كما عملت كمسؤول اول عن إنتاج البرامج في القناة الجزائرية الثالثة،  ومهّد لها مشوارها الإعلامي الطريق لترأس الإتحاد الوطني لحماية البيئة عام 2002، كما شغلت منصب عضو دائم ومشارك في برنامج الأمم المتحدة للبيئة للحد من تلوث البحر الأبيض المتوسط، وكانت لها مشاركات عالمية عديدة حول البيئة والموارد المائية وقمة المناخ وما إلى ذلك،  في 2017 انظمت فاطمة الزهراء زرواطي  لحزب تجمع أمل الجزائر، وبعد لائحة المترشحين التي قدمها رئيس الحزب عمار غول للحكومة، عينت فاطمة الزهراء زرواطي كوزيرة لقطاع البيئة والطاقات المتجددة، في حكومة عبد المجيد تبون قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية وذلك خلفا للوزير السابق عبد القادر والي، كما حصلت على محفظة خلال التعديل الوزاري في أوت عام 2017 في حكومة أحمد أويحي العاشرة.

1895 فاطمة الزهراء زرواطي

رغم أنها محسوبة على النظام القديم أي نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلا أنه تشاء الظروف  والأقدار أن تخوض فاطمة الزهراء زرواطي عالم السياسة لتجلسعلى مقعد رئيس الحزب نفسه (عمار غول)، في مؤتمراستثنائي  زكاها بالإجماع، ويكون لها دور فعال في صنع القرار، عبرت من خلاله عن رؤيتها لمستقبل الجزائر والحزب معا،  لاسيما الجانب المتعلق بالتعديل الدستوري المزمع اجراؤه يوم الفاتح من نوفمبر 2020، ومن بعده الذهاب نحو إصلاحات سياسية اقتصادية واجتماعية، والتي من شانها تكريس دولة الحق والقانون، وبذلك تعدُّ فاطمة الزهراء زرواطي ثالث امرأة تقود حزبا سياسيا بعد حزب العمال بقيادة لويزة حنون  وحزب العدل والبيان الذي ترأسه نعيمة صالحي، ولكل واحدة منهن إيديولوجيتها ومنهجيتها في إدارة الشؤون السياسية للحزب، وبغظ النظر عن توجه زعيمة العمال لويزة حنون الإيديولوجي، يظل حزب زرواطي ونعيمة صالحي تشوه الضبابية إن كان توجها إسلاميا أم ديمقراطيا أم وطنيا، أم أنه حزب وسطي يجمع بين كل التيارات السالفة الذكر، عندما سئلت فاطمة الزهراء زرواطي عن سبب اختيارها حزب "تاج" دون الأحزاب الأخرى لاسيما الأفلان والأرندي اللذان يعتبران أقوى حزب في الجزائر،  قالت أن اختيارها حزب تاج لا يعني رفضها للأحزاب الأخرى، بل كان عليها أن تتوجه إلى أحزاب أكثر انفتاحا مع العصر.

وأضافت أن تاج سمح للكثير من الجزائريين بالانخراط فيه، دون شروط ودون إقصاء، الملاحظ أن  التعددية  الحزبية في الجزائر كان لها جانب إيجابي، وهو السماح للمرأة أن تكون على رأس أحزاب سياسية،  فكانت أول امرأة تقود حزبا سياسيا هي لويزة حنون ذات التوجه التروتسكي، وهي المعروفة بكفاحها الطويل، وأول امرأة تترشح للرئاسة في بلد عربي عام 2004، حيث وصفت بالمرأة الحديدة، وكانت جريئة في طرح رؤيتها للوضع داخل الجزائر وخارجها، حيث كانت تتابع كل كبيرة وصغيرة، وقف إلى جانبها رجال وساروا خلفها وبجانبها، وأيدوا مواقفها رغم ما واجهته من صعوبات، وعقبات طيلة مسيرتها النضالية،  عندما وقفت وجها لوجه أمام السلطة، وندّا للندّ أمام من وقف ضدها من قادة الأحزاب، كانت موضع حديث الرأي العام المحلي والدولي، لأنها "معارضة" وتقف ضد النظام ليس إلا، وعكس لويزة حنون تقف فاطمة الزهراء زرواطي مع مشروع الرئيس الحالي عبد المجيد تبون لتؤيد مسعاه في الذهاب إلى الإستفتاء على مشروع التعديل الدستوري، وهذا يعني أنها تصر على قيادتها "القافلة الخضراء" لكن هذه المرة برؤية سياسية لتحسين البيئة السياسية في الجزائر وإعادة لها خضورتها،  وقد عبّرت  زرواطي عن موقفها من الدستور الجديد إذ قالت أنه يهدف إلى التغيير وبناء دولة عصرية ديمقراطية وإعادة القطار إلى مساره الصحيح.

أما مقارنة زرواطي بنعيمة صالحي فالفرق شاسع جدا،  خاصة في علاقتهما الزوجية، فزرواطي حسب تصريحاتها أنها أكثر توافقا، وهنا يفهم من أن معاملتها لزوجها ليست بطريقة "بروتوكولية"، بل علاقة زوجية حميمية مبنية على الإحترام المتبادل، بحيث لا يمكن لها أن تقف مع زوجها ندا للند، السؤال الذي يمكن أن نطرحه في هذا المضمار كيف نقارن فاطمة الزهراء زرواطي بنساء أخريات يقدن أحزابا؟، بل نساء وصلن إلى الحكم ؟، نساء حققن التميز في الأداء السياسي وفي تسيير شؤون الدولة وحظين بشعبية  كبيرة على كل المستويات؟، ما يمكن قوله أن حزب "تاج" خطا خطوة جبارة في الممارسة الديمقراطية، بانتخابه "امرأة" على رأس الحزب وهو ما لم تقدم عليه الأحزاب الأخرى التي لها باع طويل في الممارسة السياسية ورفعت شعار العمل الديمقراطي على غرار "حزب جبهة التحرير الوطني"  وحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، وكانت نساء في البرلمان ينتمين إلى هذين الحزبين حلمن بأن يكنّ على رأس الحزب الذي ينتمين إليه ولكن لم يسعفهن الحظ، لأن بعض رجال السياسة ما زال يغلب عليهم المنطق "الرجولي" فكرا وعملا، يبقى السؤال يفرض نفسه  طالما المرأة الجزائرية وصلت بنشاطها إلى أعلى المناصب ( جنرال، وزيرة، قاضية، رئيسة حزب) كما هو الشأن في تونس  وموريتانيا وسوريا، ولبنان، هل يأت يوم نجد المرأة الجزائرية رئيسة وزراء  مثلها مثل حسينة واجد رئيسة الحكومة البلغارية، والتي سبقتها في الحكومة خالدة ضياء وغيرها من الأسماء النسوية، ولما لا تكون رئيسة جمهورية أي "حاكمة" مثلها مثل إلين جونسون، ديلما روسيف، جويس باندا؟ ومن ثم تحقق الجزائر مبدأ المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم