صحيفة المثقف

المرأة العراقية وضعف دورها في المشاركة المجتمعية

عبد الخالق الفلاحالعمل السياسي في الدولة  هو المشاركة في صنع القرار السياسي والإداري والتحكم في الموارد على كافة المستويات. والسياسية هي سلوك مباشر او غير مباشر يلعب بمقتضاه الفرد دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه بهدف التأثير في عملية صنع القرار، وهي من آليات الديمقراطية في المجتمع التي تتيح إعادة تركيب بنية المجتمع ونظام السلطة فيه،لذلك هي أساس الديمقراطية وتعبير عن سيادة الشعب، وترتبط المشاركة السياسية بالإهتمام بالشأن العام وبمشاركة المواطنين والمواطنات في إنجازه، وبالتالي فهي تعبير للمواطنة ويجب ان تقوم على الحقوق المتساوية للجماعات وللنساء وللرجال على قدم المساواة وبإمكانية التمتع وممارسة هذه الحقوق و تعدّ المشاركة السياسية مؤشراً هاماً يدلّ على مدى ارتقاء الشعب على سلم الديمقراطية، وعلى مدى تقدمه، واستعداده لمواجهة تحديات الحياة بشكل جماعي لا يستثني أيًا من أفراده؛ وذلك لارتباط المشاركة السياسية بمفهوم التنمية السياسية، الذي ينعكس على التنمية المستدامة بشكل عام. والمشاركة السياسية موجودة في كافة المجتمعات، إلا أن هذا الوجود يتباين بين مجتمع وآخر؛ فتنخفض في المجتمعات المتخلفة، أو ما يطلق عليها دول العالم الثالث، بينما تزداد في دول العالم المتقدمة. الملاحظة المهمة هي ان العمل السياسي لا يتعارض مع طبيعة المرأة لانه يتطلب تعليما كافيا وفكرا وثقافة والتزاما بنصائح المجتمع وهذه حيثيات يمكن ان يتحلى بها عدد كبير من النساء. والاسلام وكذلك الاديان السماوية الاخرى لم تمنع المشاركة السياسية للمرأة. 

ان ضعف مشاركة المرأة في المجال السياسي يعود الى عادات وتقاليد خاطئة تكرست عبر فترات زمنية  وانتشار ظاهرة رغبات الفردية والقبلية مع عدم الفهم الحقيقي لجوهر الثقافة  مما اوجد الكثير من الاختلاف حول دور المرأة وعدم وجود مرجعية اسلامية مسؤولة تضع الامور في نصابها الصحيح ووجود عدد من القوانين المجحفة بحق المرأة لفترات ممتدة مما حول نتائج هذه التشريعات الى اعراف وقناعات راسخة ليس من السهل تغييرها بسرعة.ولا علاقة لها بتعاليم الاسلام التي اعطت المرأة كامل حقوقها الانسانية وهذا واضح وصريح في كثير من الايات القرآنية قال تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) صدق الله العلي العظيم، من هنا فان العمل السياسي لا يتعارض مع طبيعة المرأة سوى انه  يتطلب تعليما كافيا وفكرا وثقافة والتزاما بنصائح المجتمع وهذه حيثيات يمكن ان يتحلى بها عدد كبير من النساء. والاسلام وكذلك الاديان السماوية الاخرى لم تمنع المشاركة السياسية للمرأة.

مما لاشك فيه ان  المرأة تمثل  نصف المجتمع لكن الحضارة البشرية عاشت فترات طويلة لا تعي لحقيقة دورها ولا تمنحها حقوقها العادلة مقارنة بنصف المجتمع الآخر(الرجل) مما أثر في مشاركتها في الحياة العامة وعطائها الحضاري. 

لقد عاشت البشرية قرون طويلة لا تعي لهذا الدور ولعل ذلك ما أدي إلي تأخر مسيرتها لفترات طويلاً ولكن أصبح العقل البشري في القرنين الماضيين والحالي علي درجة عالية من النضج لتقبل فكرة المساواة والمشاركة  وما أن بدأت المرأة في حمل شعلة التقدم بالمشاركة مع الرجل حتي قطعت الإنسانية دروبا أطول في التقدم والخير والرخاء للبشرية جمعاء ومن المتوقع المزيد حيث لم تدخل المرأة مجالا إلا وأثبتت جدارة منقطعة النظير بل وتفوقت علي الرجل في بعضه.

هناك اسئلة تُطرح اليوم حول مدى جدية ورغبة الأنظمة الحاكمة في إفساح المجال أمام مشاركة المرأة في صنع القرار، وما إذا كانت دعوات المسؤولين في دعم المراة فهل هي نابعة من قناعات حقيقية بأهمية دور المرأة في الحياة العامة، تعد مشاركة المراّة في الحياة السياسة هي ظاهرة حضارية ودليل على وعي المجتمع وتطوره إلى جانب اخر انها ظاهرة ثقافية والتي هي أيضا ظاهرة سياسية حقيقية . ان الديمقراطية تتطلب مشاركة جميع أفراد المجتمعء وتتطلب مشاركة أوسع للمرأة لأن جميع أفراد المجتمع يتطلب مشاركة أوسع من النساء لأن النساء قدمن تضحيات كثيرة و المرأة العراقية تعرضت للمخاطر والاتتهاكات ودورها مهم في بناء المجتمع كونها الحجر الاساس في الديمقراطية.

اننا بحاجة الى تحرك اجتماعي يؤثر في سلوك الناس وفي ثقافتهم ويؤثر في فكره الادوار الاجتماعية التي نتعامل  بها حاليا بحيث تصبح الادوار الاجتماعية حسب الكفاءة والقدرة وليس حسب الجنس فقط ونحن بحاجة الى زمن حتى نصل الى مرحلة من التوافق والانسجام مع الادوار المختلفة لا تؤدي الى التقليل من شأن من يمارس دورا غير الدور النمطي الذي اعتاد المجتمع عليه مع التأكيد على اهمية دورها في  تربية الاطفال وتوجيههم وغرس القيم النبيلة في نفوسهم، ان ذلك يتطلب ان تتعرض المرأة الى انماط ثقافية جديدة لفترة زمنية تؤدي الى اكتسابها ثقافة وسلوكا معينين يهتمان بنقل مجموعة من القيم والمعتقدات والمعايير من جيل الى اخر، فالتدريب على الممارسات في الحياة العامة للمجتمع مسألة ضرورية للمشاركة السياسية وذلك عن طريق التوافق بين الادوار السياسية والافكار الاجتماعية .في العراق لم تنته الهيمنة الذكورية عند ذلك الحد و يبدو أن بعض الكتل السياسة تعمدت ترشيح بعض النساء غير المؤهلات لقيادة الوزارات، مما ألقت بظلال فشلهن  على إدارة دوائر ومؤسسات الدولة المركزية والمحلية في الغالب، و تفرض الأحزاب والكتل السياسية هيمنتها على الإدارات المحلية وتكلف رجالها بأعمال الإدارة والمتابعة والتوجيه، وبشكل لافت فقد غيبت النساء عن ساحة المفاوضات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة والقضايا الوطنية المصيرية.ونحن بحاجة الى دور تربوي ودور عميق للاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بمساعدة الحكومة للوصول الى تغيير في انماط التفكير وبالتالي سلوك التعامل مع المجتمع ككل والمراة تعطيها الخصوصية اللازمة، ويقول يقول الرسول صلى الله عليه واله وسلم: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) ومعنى أحرج: أضيّق على الناس من تضييع حقهما وأشدد عليهم في ذلك، فلا يمكن تعطيل المنافع بدافع الاصلاح والإيمان بأن هناك حلول وسط وأن يصلح الرجال النساء وتصلح النساء الرجال من الأجيال الشابة التي تملك فرصة التغيير والتطوير.

أن إصلاح الدولة والمجتمع يبدأ بصلاح الأفراد والتزامهم بالأخلاق الفردية و بإصلاح العلاقات المنحرفة في المجتمع والقلب الصادق والعين البصيرة هي التي تعطي كل ذي حق حقه.

 

عبد الخالق الفلاح

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم