صحيفة المثقف

تنحَّ وأعطِ الحصانَ

حسين فاعور الساعديلأيلول بعض المزايا:

اشتعالُ الحرائقِ،

فيضُ السيولِ،

ارتباكُ الغيومِ،

هطولُ السماءِ،

وموتُ الشهيةِ،

حفلُ وداع الكرومِ،

انبثاقُ الزهور من الأرضِ من شدة الشوقِ،

عريُ النباتاتِ،

حلمُ الغريقِ،

التصاقُ الجنين إلى الرحمِ،

موتُ الخلايا،

انحناءُ القممْ !

 

وأيلولُ شهر القرابينِ

أيلولُ شهر الدماءِ الزكيةِ،

ذبحُ القريبِ القريبَ،

نعيبُ الغرابِ ،

نزيفُ النشيدِ،

نزوحُ الطيورِ،

انفجارُ العيون من الصخرِ،

أيلولُ شهر الخطايا

وشهر الزفاف الذي لا يتمْ.

وأيلولُ شهر اشتعال الترابِ،

ازدحامُ المقابرِ،

صمتُ البحارِ،

وبيعُ الذممْ!

 

فيا صاحبَ البيت أدي السلامَ

على من تولوا على البيتِ،

بيتكَ.

ردَّ التحيةَ حتى وإن لم تُحيَّ !

ويا صاحبَ البيت أفشي السلامَ

على الداخلين إلى البيت،

بيتكَ من غير إذنكْ !

على الباسطين يديهم لقتلكْ !

تخلى الأقاربُ عنكَ

وما كنتَ يوماً لنفسكْ !

ففي الغابة السرمدية ِ

في حضرة الأقوياءِ

يُداسُ الضعيفُ

ويُؤكل حيا !

تموتُ الحقيقة ُ، تُقتل ُ

في حضرة الغابِ

تصيرُ الخرافة حصنا عصيا

فأخلِ فراشكَ للقادمينَ

وهيئ لنفسكَ ركنا قصيا.

وأفشي السلامَ على سادة الغابِ

حتى وإن لم يردوا سلاما

تقبل رحيلكَ من غير حزنٍ

ولملم جراحكَ ، أخلي المكانا !

فقد جردوك من القمحِ والزيتِ والبرتقالِ

وهم جردوكَ من السيفِ والرمحِ والدرعِ

والعنفوانا

ترجل وأعطي الحصانا!

توجه لتلك الصحارى

ولا تلتفتْ صوبَ جرحكْ

إذا كنت تبغي أمانا!

فهم باسطونَ يديهمْ لقتلكْ

وقد بوؤوكَ الخطايا

ودمَّ الضحايا

جميع الضحايا!

وهم بانتظار الغرابِ

ليهديكَ كيف تواريَ سوءة َ حلمَكْ!

 

تريدُ الشراكة َ في حضرةِ الذئب ِ؟

أخلي المكان َ

وتحت التراب سيُبحث أمركْ

تريدُ الشراكة َ والغابُ ضدّكْ؟!

وأيلولُ منذ الخليقة ِ ضدكْ!

وكلُّ الأقاربِ والأهلِ ضدكْ

ومنذ استلمتَ الحصانَ

وأنتَ تساعدهمْ حفرَ قبركْ!

أجدت َ اللغات، جميع اللغاتِ،

وما صنتَ حرفكْ.

وبدّلتَ لونكْ

تنازلتَ يا صاحبَ البيتِ عن كل شيءٍ

فهل تملكُ اليومَ

حتى النجاة بجلدكْ؟

تنحى وأعطِ الحصانا ...

***

حسين فاعور الساعدي

(من ديواني "عفو كل هؤلاء" الصادر عن دار المل 2014)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم