صحيفة المثقف

سوناتا ضوء القمر

جمعة عبد اللهللشاعر يانس ريتسوس

هذا المقطع الاول من قصيدة طويلة تشكل ديوان شعري بنفس الاسم

ترجمة: جمعة عبد الله


(ليلة ربيعية في غرفة كبيرة في بيت قديم. أمرأة عجوز لم تشغل الضوء، وانما يدخل ضوء القمر من خلال النافذتين. نسيت ان اذكر بأن المرأة العجوز، المرتدية الثياب السوداء، أصدرت مجموعتين أو ثلاثة من الشعر ذات الاهتمام الديني. المرأة العجوز ذات الثياب السوداء، تتحدث الى الشاب)

دعني أذهب معك.

ياله من القمر الليلة. القمر لطيف لم يظهر شعري الابيض، وانما ضوئه سيعيده مجدداً الى اللون الذهبي

أنت لا تفهم ذلك.

دعني أذهب معك

عندما يكون هناك القمر، تنمو ظلاله داخل البيت. تتسلل ايادٍ خفية تسحب الستائر

واصبع خفي يكتب على غبار البيانو. كلمات منسية، لا احب سماعها. أهدأ

دعني أذهب معك

الى ساحة المدينة في منعطف الشارع، تجد المدينة الاسمنتية. مبللة، مبيضة بضوء القمر. تهب عليها نسائم الريح. غير مبالية بذلك

واثقة مثل الميتافيزيقية.

تستطيع ان تعتقد أنك موجوداً، او غير موجود، أو لم تكن موجوداً على الاطلاق، لا وقت للهراء

دعني أذهب معك

نجلس قليلاً على شرفة التل، تهب علينا الرياح الربيعية

نستطيع ان نتخيل بأننا سنطير في الهواء.

كثير من الاحيان اشعر بذلك، اسمع حفيف ضجيج ثوبي، يتحول الى جناحين قويين، يخفقان بقوة في الهواء ويرتفعان في الاعالي، عندها تشعر بجسمك. رقبتك. اضلاعك. لحمك. عضلاتك تشتد بقوة في الفضاء الازرق وتعلو. عندها لا يهم اذا ذهبت و أو عدت.

ولا يهم لون شعري الابيض. ليس ذلك حزني. حزني ان لا يتحول قلبي الى اللون الابيض،

أعرف كل راهب يمشي بالحب

وحيداً في المجد والموت

أعرف ذلك. جربته لكن لم أفلح

دعني اذهب معك

هذا البيت العتيق يثير أشجاني، يطردني بعيداً

أعني أنه قديم جداً. متهالك تتساقط مساميره، تتقشر حيطانه وتسقط في فراغ الصمت

مثل ما تسقط قبعة المتوفي تعلق في حظيرة مظلمة

مثل القفاز الصوفي تتهرى خيوطه

مثل شريط ضوء القمر يسقط على الكرسي المنزوع الاحشاء.

كان فيما مضى مريحاً، لا تنظر الى صورته الحالية بعدم التصديق والشك

كان يمكن ان تجلس عليه لساعات طويلة، تغمض عينيك وتروح تحلم بعشوائية

شاطئ رملي. مبلل. مصقول بلمعان ضوء القمر.

أكثر لمعاناً من اشيائي القديمة، التي اعطيها كل شهر الى الملمع في الزاوية.

أو قطعة قماش قارب الصيد تتوارى في البعيد تجر انفاسها.

أو قطعة القماش المثلثة مثل المنديل المطوي على الجانبين

لا يمكن ان امسك شيئاً مغلقاً

المناديل تذكرني بلحظات الوداع، المشغوفة فيها في التلويح

لا شيء من بذور زهرة ( الخاموميلي )÷ التي اجمعها من الحقول عند الغروب

اربطها بأربع عقد مثل قبعة العمال الكلس

أغسل عيوني بها، حتى احافظ على بصري. لم اضع النظارات ابداً.

أنا مشغوفة بالمناديل اطويها الى اربع. الى ثمانية. الى ستة عشر، حتى تظل أصابعي مشغولة. تذكرني عندما كنت اعد نغمات الموسيقى، عندما كنت أذهب الى المعهد الموسيقي، بثوب ازرق وياقة بيضاء

مع ضفيرتين ذهبيتين.

× زهرة ( الخاموميلي ) هي زهرة خضراء في لب ابيض، وهي احدى الانواع الشاي المشهورة جداً في اليونان، اكثر من شاي النعناع، او شاي الجبل، او الشاي الاسود المشهور في الشرق، أو اي نوع اخر . هذا نوع من الشاي يقطع زهرته الخضراء في الماء المغلي ويشرب بنكهة رائحة الورد دون اضافة سكر، وايضاً عندما يبرد الماء يستخدم لغسل العيون من الدمبل وخاصة عند كبار السن.

 

.................................

* وفي ارابط أدناه، قراءة القصيدة بصوت الشاعر يانس ريتسوس.

https://youtu.be/V6d-_G6ugBA

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم