صحيفة المثقف

مسارات الغزلان

سوران محمدمجموعة قصائد قصيرة لـ «بروتيغان»

- مهداة الی المثقف الواعي جمعة عبدالله -

ترجمة: سوران محمد


١

-٣٠ سنتاً أجرة راكبان، حبا-

فكرت فيك كثيرا

الی أن ركبت الحافلة

ودفعت الأجرة ٣٠ سنتا

طلبت من السائق تذكرة نفرين

قبل ان أكتشف

أنني کنت

وحيدا.

٢

- ملاصق مع النسيان مثل مفصل الباب-

ملاصق مع النسيان

مثل مفصل الباب،

أغلقت ببطء خارج

النظر،

وهي المرأة التي أحببتها،

قد نامت مرات عديدة أثناء مداعبتي

كغزال ميكانيكي،

وأنا آلمت صمتا معدنيا

في أحلامها

٣

- مسارات الغزلان –

جميل حين توءنن

عالية

ثم تصمت كذبا

مثل مسارات الغزلان

علی الثلج المتساقط حديثا

بجنب الشخص الذي تحبه

هذا هو كل شيء.

٤

- أشعر بالفزع هي لا-

أشعر بالفزع،

هي لا تحبني

وأنا أتجول

مثل ماكينة الخياطة

انتهت من حياكة البراز

لرأس علبة القمامة.

 

٥

- طريق مسدود -

تحدثت اليها بتحية حارة

لكنها تحدثت أفضل مني

بقولها الوداع

٦

- خشب -

سنشيب في الظلام كالخشب

ونشاهد أشباحنا حينما يتغيرون

ملابسهم

كالالواح والطاولات

لغرض ما، يمكن أن يوصف هذا

بالخشب .

***

 

..............................

من هو الشاعر والروائي ريتشارد غاري بروتيغان؟

* ولد الشاعر في 30 يناير 1935 في مدينة تاكوما، واشنطن، الولايات المتحدة.. بدأ مشواره‌ الادبي في أواسط الخمسينيات للقرن الماضي، كان متأثرا بكتاب كالـ: جاك كيروك، تشارلز بوكوفسكي، إرنست همينغوي، كارلوس وليم كارلوس، له‌ العديد من المؤلفات مابين الشعر والقصة والرواية، من اهم رواياته (صيد سمك سلمون المرقط في أمريكا) 1967.

وقد تميز بأسلوبه الخاص والنادر في الكتابة، حيث كان يمتزج بين الفكاهة والجد لرسم واقع خيالي أو بالاحرى كي ينسى بهذه الطريقة مأسي حياته الشخصية و ينتقد الواقع الاليم في نفس الوقت.

كان للبؤس والحرمان و التهميش حضورا دائما في حياته و داخل نتاجاته الادبية، ففي عام 1956 على سبيل المثال قام بكسر زجاجة شباك لمركز للشرطة كي يسجنونه‌ حيث سيكون بوسعه الحصول على الاكل اللازم في السجن، لكنه سرعان ما خاب ظنه عندما تم تحويله الى المستشفى النفسي لتلقي علاج الشيزوفرينيا والبارانوي – العلاج بالصدمات الكهربائية آنذاك-

انتهى مشواره الادبي عندما انتحر في بولنيسا، كاليفورنيا في 16 سبتمبر 1984 عن عمر ناهز ٤٩ عاما..

* أما بالنسبة لأسلوب کتابة قصائده فهي وليدة اللحظة، حيث تمتاز أكثر القصائد بالقصر والاختصار، لكن يستعمل مضامينها الساخرة كوسيلة للتعامل مع مجريات الامور و ما يدور في محيط الشاعر، خاصة أثناء تداوله مواضيع حساسة و مهمة، فهو لم يكن يأخذ في الحسبان أي قيود يمنعه من كتابة ما يشاء، لذا نراه احيانا يقفز على المعنى و يعبر عن ما في داخله بشكل اعتباطي ..

صحيح اننا كقراء لم نتعود على هذا الاسلوب، لكنه عالميا يحظى بشعبية واسعة خاصة من الجيل الصاعد، و له سمعة لا نظير لها مقارنة بكتاب جيله بسبب اسلوبه المتميزة في الكتابة، في حين يعتبر بعض النقاد اعماله بالشطحات و يرونه انه لا يلتزم في نصوصه بأي قيود أدبية و لغوية و يستعمل مصطلحات غريبة وصور عجيبة نوعا ما..

ولم أجد وصفا أدق لأسلوبه في الكتابة غير الذي کتبت عنه في  جريدة الحياة ذات مرة: (أن قصائد بروتيغان هي من بين النصوص الأكثر ابتكاراً في الأدب الأميركي الحديث، سواء بالدعابة المسيَّرة داخلها أو باستعاراتها الغريبة أو بالتلاعب الفريد في صياغتها. ولا عجب في ذلك، فبروتيغان كان يعتبر الشعر أرضية مثالية لإعادة ابتكار الذات. وهذا ما يفسّر الأشكال المتنوّعة التي تحضر فيها هذه النصوص: قصائد هايكو عرجاء، سونيتات مخرَّبة عمداً، عناوين صحف، إعلانات ذات فائدة عامة، أفكار تتداعى بطريقة آلية، نشرات جوية سورّيالية، شذرات سير ذاتية، مزامير، أوراق نعي، شتائم، قصائد تقتصر على عنوانها أو يتجاوز هذا الأخير بحجمه نصّها، من دون أن ننسى التجليات على طريقة جايمس جويس أو النكات الماركسية أو اليوميات المقطّعة).

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم