صحيفة المثقف

لا أنْتِ أمُّ للظباءِ ولا أبٌ

مصطفى عليوَسَمينةٍ قـــــد خصَّبتْ

بَقَراتِها السبْعَ العِجافْ

 

فَنَسينَ مــــا قدْ كانَ مِنْ

قَحْطِ المَواسِمِ والجَفافْ

 

وَرَقصْنَ في وادي الغِوايَةِ

حيْثُ تَنْعَــــــــدِمُ الضِفافْ

 

هذا زمانُكِ يامَمالكَ فَإقْطِفي

عِنَبَ الطوائف ِ

بعْدَما حانَ القِطافْ

 

لا تَعْصِري مِنْهُ نَبيذاً أحْمَراً

لكنْ دماً

وَلْتَمْلأي آبارَ زَمْزَمَ في الفلا

سُمّاً زُعافْ

 

فالمُعْوزونَ الحالمونَ تَجَمْهروا

وَتَظاهروا كي يَهْدموا الأصنامَ

ما قَبْلَ الطَوافْ

 

فَتَحسَّسَ الجزّارُ أغْمادَ المُدى

وَنِصالَها

شوقاً لِأعناقِ الخِرافْ

وَتَوالت الأعوامُ مُسْرِعةً خِفافْ

عامٌ تَولّى إثْرَ عامٍ تِلْوَ عامْ

 

حتى إذا بَلَغتْ مواعيدَ الفِطامْ

 

وأميرةُ الكُثْبانِ سادِرَةً تُباهي

كُلَّما إرْتَفَعَ السَنامْ

 

ألفيْتِها حَمّالةً

حَطَباً لِنارٍ ذاتِ ألْسِنَةٍ

تَلَظّى مِنْ لَهَبْ

في جيِدها سبعونَ حَبْلاً من مَسَدْ

وَكَناقةٍ قيدتْ بِذُلٍّ لا تَرى

شَبَحاً وراءَ البحْرِ

في يَدِهِ الخِطامْ

 

حَمَلتْ شَرارتها وَريحَ سَمومِها

لِبَيادِرٍ أمْستْ. هَشيماً بينَ ألْسِنةِ الضرامْ

 

وَمَضتْ تُخيطُ صحائفاً وَمَنابِراً

للعابدينَ دراهماً

واللاهثينَ جحافلاً

لِبُلوغِ ذيّاكَ المُرامْ

 

تُغْويهموا وتَسوسُهمْ

بِغَريزةِ السُوّاسِ في مرعى السّوامْ

 

هَطَلتْ على القَلَمِ النبيلِ دَراهِمٌ

حتى نَعى زَمَنَ الكَرامَةِ والمُروءةِ

والكِرامْ

 

وَمَليكةُ الشُطْئانِ أسْكَرها الكَلامْ

**

مأمورةً لكنّها

أمّارَةٌ بالسوءِ حَدَّ الإنتِقامْ

 

رَأتِ الشقيّةُ في المَنامْ

 

رُؤيا مَنامٍ لم تَكُنْ يوْماً سِوى

أضغاثِ أحْلامٍ بِحوْصَلةِ المساءْ

قدْ أسْكَرَتْ عرّابَها المسعورَ

فإسْتَعَرَ المُغيَّبُ والْمُجنّدُ

بعدما إنتفضَ النِيامْ

 

فَتَأمّرَتْ وَ تَآمَرتْ

كَذَميمةٍ في الأرضِ لم ترْعَ الذِمَمْ

يوْماً ولمْ تَصُنِ الذِمامْ

 

ويْحَ الهجينةُ أسْرَفتْ بِسُعارِها

وضميرُها الموْبوءُ يقرُضه الجِذامْ

 

للْسامِريِّ وَكالةً

دَفَعتْ. فَواتيرَ التناحُرِ. والخِصامْ

 

فإذا بِأزهارِ الربيعِ. ذَوابِلٌ

وحدائقُ الزرّاعِ غرثى

والسنادينُ. التي في شُرْفةِ الأحلامِ

ذاويَةٌ حُطامْ

 

ترثي مُصابَ الحالمينَ

مِنَ الأنامْ

**

هِيَ فُنْدُقٌ من لُؤْلُؤٍ. مُسْتورَدٍ

تَرَفاً بناهُ العابرونَ على الخرائطِ

والسواحلِ والعظامْ

 

وَبَياضِ ألوانِ (الدَشاديشِ) الصقيلةِ

تزْدهي

كَبَياضِ بيْتِ الإمپراطور المُفدّى

في شِمالِ الأطلسيْ

وَلُهاثِ لُؤْلُؤةٍ زَهَتْ

في غُتْرَةِ الشيخِ الهُمامْ

 

وعلى مرافِئِها رَسَتْ

سُفُنُ القراصِنةِ الكِبارْ

وَتَعَلّقتْ فيها الجماجمُ حينَ أسْكَرَها

بِجوْفِ الأرضِ. زيْتٌ أخْضرٌ

أمضى مِنَ الأفْيونِ أو

كأسِ المُدامْ

 

فَتَعمْلَقتْ هَرَماً

تَكَلّلَ بالزُجاجِ. و بالدِما

لا مومِياءَ بِجوْفِهِ

بَلْ مُدْيَةً في كَفِّ فِرْعوْنٍ. غُلامْ

 

طَلَلٌ على خَدِّ السَرابِ مُسَوّماً

كالوهْمِ والكابوسِ بالموتِ الزُؤامْ

 

وَمُمَرّدٌ بل أمْرَدٌ بلّلورُهُ

يغْبَرُّ مُرْتَدّاً الى

طبعِ القَتامَةِ والرَغامْ

 

لم. يلِتَحفْ يوْماً

بياضَ الثلجِ أو

ريشَ النوارسِ لا

ولا بَرَدِ. الرُخامْ

 

يختالُ كالطاووسِ بينَ خِيامِهِ

وَأَمامَ راعيهِ لَهُ طبعُ النّعامْ

 

شَبَحٌ على شاطي الرِمالِ و قلعةٌ

رَخَويِّةٌ كَرِمالِها

ومنازلٌ للوافدينَ القادمينَ

بلا وِدادٍ أو هُيامْ

 

ومحطّةٌ وهميّةٌ للزائرينَ دقائقاً

والراحلينَ بلا دموعٍ

وقْتَ توْديعِ المقامْ

 

وَنُجومُها أفَلَتْ فَلمْ تْبْصِرْ سِوى

نجماتِ داوودَ اللئيمةِ

رقّطتْ عَلَمَ اللئامْ

 

قَدّتْ قميصَ الأشقرِ الروميَّ من دُبُرٍ

شَغَفاً بِسيّدِها و قَالَتْ هيْتَ لكْ

سَكِرا بِمُنْتَجَعِ الخطيئةِ

رغْمَ صَلْصَلَةِ الخناجرِ

بينَ أطنابِ الخيامْ

 

ذُعِرَ الغريبُ اليعْرُبيُّ مُيَمِّماً

خفّاقَهُ المكسورَ للبيتِ. الحَرامْ

 

ماعادَ يُشْفيهِ دُعاءٌ أو صلاةٌ أو صِيامْ

 

وإبْيضَّ شَعْرُ الرأسِ شيْباً

مِثْلَ ريشاتٍ

بإجْنحةِ الغَمام ْ

 

قَالَتْ لَهُ عصفورةٌ مذعورةٌ :

إلْزمْ حُدودكَ وإحْتَرِسْ

إِذْ أنتَ في بلدِ التسامحِ والسلامْ

 

فَهَتفْتُ طوبى للسلامْ

 

وَهُناكَ في أحشاءِ تنّورِ المدينةِ

غاطِساً وحدي

أُفتّشُ عن صدى لُغتي

وعن عَرَبٍ بأرْوِقةِ الزِحامْ

 

إِذْ لا حدائقَ أو مَصاطِبَ لا

نَوافذَ كي تُغنّي للستائرِ

والكواعبِ في ليالي الشُرُفاتْ

وَجَعَ المَواويلِ الحزينةِ

في الأزقّةِ والحواري

حينَ تشتعلُ الجوانحُ

في مشاويرِ الغرامْ

 

وعرائشُ الشوكِ إستدارتْ

حوْلَ أشجارِ القَتادْ

لا عُشَّ فيها للنوارسِ

والعنادلِ والحمامْ

 

وَصَرخْتُ في الأرضِ التي لا ظبيةٌ فيها

ولا طَرِبتْ لأصداء البُغامْ

 

لا لن تَدومَ لِمَنْ غوى

سُبْحانَ مَنْ مَلَكَ الهِدايةَ والدوامْ

 

ليسَ السلامُ مَعَ الذين تَنَمَّروا

وَسَعوا فَساداً في الديارْ

وَخِلالَها جاسوا سِوى وهْمٍ لِداءٍ

في رؤوسٍ عاقرتْ عَطَبَ الفِصامْ

 

وَخطيئةٍ لِمُقامِرٍ لِصٍّ عُتُلٍّ عرشهُ

قَفَصٌ يُذكِّرهُ بِعارِ. الإتّهامْ

 

فَمُزوَّرٌ. وَمُلفَّقٌ حدَّ الهشاشةِ مثلما

تاريخِ من نادوا بهِ

إِذْ لا بِدايَةَ تُقْتفى

 

لكنّ زرقاءَ اليمامةِ أبْصرتْ

هوْلَ النهايةِ من بعيدٍ

ثُمّ هاويةِ الخِتامْ

***

مصطفى علي

 

  

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم