صحيفة المثقف

عيناكِ لوحةٌ سرياليَّةٌ

عاطف الدرابسةقلتُ لها :

عيناكِ

كالمُدنِ الغارقةِ

أو كأشعةِ الشَّمسِ

التي لا تستطيعُ أن تعبُرَ حواجزَ

الخوفِ والرُّعبِ في زمنِ الحَرب ..

 

عيناكِ

كالأرضِ القاحلة

أصابَها الصَّمَمُ

فلم تَعُد تسمعُ إيقاعَ المطرِ

أو تُصغي إلى غناءِ الماء ..

 

عيناكِ

مدفأةٌ بلا حطب

لا جمرَ فيها يحنُّ لجُنونِ الشِّتاءِ

ودفءِ البردِ في كانون ..

 

عيناكِ

صمتٌ طويل

كصمتِ البلادِ المقموعةِ

في أزمنةِ القَهرِ

والجوعِ

والجفاف ..

 

عيناكِ

كابتسامةِ الرَّغيفِ

كأطفالِ الرَّصيفِ

خاليةٌ من كُلِّ شيءٍ إلَّا الجوع ..

 

عيناكِ

وجوهٌ شاحبةٌ

أقدامٌ حافيةٌ

تمشي على أشواكٍ كأنَّها عظامُ موتى

يحسبونَ أنفسهُم أحياء ..

 

عيناكِ

هزائمُ متراكمةٌ كالأحزانِ

أقرأُ فيها كلَّ معاركِ العربِ

وكلَّ خياناتِ العربِ

وأرى فيها خُيولاً بلا صهيلٍ

أو غُبار

وسُيوفاً مُعلَّقةً على جُدرانِ القصورِ

تقطُرُ عسلاً وحنَّاء ..

 

عيناكِ

امرأةٌ مُشوَّهةُ الأفكار

لا تُنجبُ إلّا رُؤىً عمياء ..

 

عيناكِ

ذاكرةٌ مُهجِّنةٌ

كالعقلِ العَربي

كالنَّبيذِ المغشوشِ

كالأفكارِ المنحولةِ

كسجينٍ يحسبُ نفسهُ حُرَّاً

وراءَ القُضبان ..

 

عيناكِ

لوحةٌ رُسمَت بالماء

لا لونَ لها

لا طعمَ لها

لا رائحةَ لها

لكنَّها يا حبيبةُ تبقى رغمَ كُلِّ شيءٍ

سرَّ الحياة ..

***

د.عاطف الدرابسة

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم