صحيفة المثقف

الرسوم الكاريكاتورية وانعكاسات النفسية المرَضية عند بعض الغربيين

محمد بنيعيش1) إن الإساءة إلى الإسلام ونبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإلى المسلمين بصفة عامة، من طرف كثير من الغربيين خاصةـ ليست نزعة فردية أو نزوة منعزلة وشاذة من سلوك البعض منهم وإنما هي ذات جذور راسخة ومتوارثة جماعيا لديهم منذ الحروب الصليبية وحتى المرحلة الاستعمارية وسقوط الدولة العثمانية التي كانت بتخطيط ماسوني وصهيوني وصليبي إمبريالي محكم يشهد له التاريخ ويسجله بكل موضوعيةـ والذي قد وظف بنفس الأساليب والمبررات التي استعملت في غزو العراق وغيره من بلاد المسلمين.كل ذلك  قد تم بزعم محاربة الإرهاب والقمع والديكتاتورية وما إلى ذلك، والتي تعني في منطلقاتها الرئيسية وأبعادها الرسمية فتح المجال للصهيونية ورواد الماسونية للتحكم في الدولة العثمانية وبالتالي الانتقال لاحتلال فلسطين والاستيلاء على بيت المقدس والاستيطان في أرض الميعاد فيما يزعمون .

ولهذا فليس مفاجئا أن تصدر من هؤلاء القوم المتطرفين والمفرطين، يمينيين أو يساريين،  مواقف وعداءات صارخة وصريحة كلما شعروا بوجود ضعف لدى المسلمين على مستوى الدولة كدولة لها هيبتها وقوتها الرادعة .

ومن الغباوة والبلادة أن يفسر  ما أقدمت وتقدم عليه الصحف والمجلات الدانمركية والنرويجية والفرنسية من إساءة لشخص النبي صلى الله عليه وسلم على أنه مسألة فردية وخطأ شخصي لا علاقة للدولة أو المنظمات الرسمية المؤطرة للمجتمع الأوروبي والأمريكي به . وذلك لدليل واضح وفاضح قريبـ ألا وهو تلك الصور المتوالية من التهجمات والإساءات غير الأخلاقية للأمة الإسلامية، ابتداء من أفرادها العاديين إلى رؤساء دولها إلى أحكام شريعتها حول المرأة والحرية والحجاب والحدود ورفض الأحاديث الصحيحةـ إلى كتاب الله جملة وأخيرا إلى رسوله الأمين شخصيا.وهكذا فالأدوار الخبيثة والماكرة متداولة بينهم،مرة تصدر الإساءة من بريطانيا وأخرى من أمريكا وغوانتنامو. وبعدها فرنسا وألمانيا والدانمارك والنرويج وهكذا ما لم يوجد رادع في القريب العاجل أو حتى الآجل...

2) وكتحليل موضوعي ومنطقي للخلفيات والسلبيات التي كانت وراء الإساءة إلى شخص النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة الرسوم الكاريكاتورية الدانمركية وبعدها الفرنسية وغيرها نلخصها في النقاط التالية:

أ) إن الإسقاطات الغربية وخاصة لدى المستشرقين حول الإسلام وقيمه مسألة متوارثة وموجهة رسميا منذ بداية الاستشراق إلى يومنا هذا وهي تهدف إلى تكريس صراع الحضارات لا حواره.

ب) إن الرسوم الكاريكاتورية عبارة عن نوع سخيف من الإسقاط الذي يؤكد عمليا وسلوكيا على أن الغرب قديما وحديثا في تعاملهم مع الآخر وتاريخه وقيمه عبارة عن مجموعة من المفترين والكذابين على الحضارات وتراثها وتحريف صورها على نمط تحريف اليهود والنصارى قديما للتوراة والإنجيل .

ج) إن التحليل النفسي لرسامي الكاريكاتير المسيء للشخصيات الفاضلة المصلحة للعالم يبرز بشكل لا غبار عليه خبث وظلامية الرسام الذاتية وسوء نيته نحو العالم بالسعي إلى إفساده ضدا على ما يقوم به المصلح من ترسيخ للقيم وأخلاق الحياء والعدل والرحمة... وبالأدلة التي سبق وذكرنا اختصارا لم يعرف على وجه الأرض أرحم وأعدل من رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ولم يوجد كما سبق وأثبتنا أجمل صورة حسية وخِلقية وخُلقية منهs.ومن هنا فراسم الكاريكاتير بشكل مشوَّه إنما يرسم نفسه الخبيثة وصورته الوقحة التي ترعبه في داخله فلم يجد سبيلا للتخلص من ضغطها إلا بإسقاطها على سيده ومن هو أفضل منه وأجملـ وهذا السلوك صفة إبليس اللعين حينما تفضل عليه آدم عليه السلام استحقاقا، وامتنع عن الاعتراف بتفوقه فلجأ إلى الإساءة إليه وإلى أبنائه، مرة بتشويه صورتهم ومرة بخذلانهم ومرة بالإيقاع بينهم وبين أبيهم وهكذا.

د) إن مجتمعات تسلم بمضاجعة الحيوان النجس وارتكاب الفواحش بذريعة أن القضية من الحياة الخاصةـ وتتطبع مع الشذوذ الجنسي وتقننه بالزواج بين المثليينـ وتسلم بالبغاء وتبني اقتصادها عليهـ وتسلم بالخمور والمخدرات وتهيئ لها الأجواء والمستنقعاتـ وتسلم بزنا المحارم وشيوعية المرأة والأطفال وتعتبرها حرية شخصيةـ قد لا تجد في نفسها رادعا ومانعا من أن تسقط خبائثها على غيرها أو تتورع من الإساءة إليه بكل ما يمليه عليها خيالها الفاسد. اللهم إلا إذا رأت السوط أو السيفـو أعني به هيبة سلطة الآخر، كمنبه ومانع بالقوة من عدوى الفساد العام الذي ستئول إليه حالة العالم حتما إن لم توقف وخاصة في زمن الاتصال والتواصلـ على نمط أنفلونزا الطيور .

ودعوانا في هذا الوصف للمجتمعات الغربية بصفة عامة ورسمية لا تحتاج إلى دلـــيـل أو كاريكاتير،وليست من منطلقات تعصبية أو متطرفةـوالتي بدورنا نحاربها بأشد اللهجات وأقوى الحجج والطرق. وإنما قد كفونا البحث أو اللجوء إلى التشويه الذاتي من خلال ما هو مطروح ومعروض في القنوات الفضائية والإنترنيت من نجاساتهم وخبائثهم على شتى الأصعـدة والمجالات قد يخجل منها الشيطان نفسهـ وكما يقال في المثال العربي: كفاني منك يكفوني !.

 

الدكتور محمد بنيعيش

كلية الآداب والعلوم الإنسانية وجدة المغرب

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم