صحيفة المثقف

الاثار العراقية.. المنهل العظيم

عبد الخالق الفلاحتوجد العديد من التشريعات والآليات العالمية يمكن الاعتماد عليها  للحفاظ على الممتلكات الثقافية والآثار والتراث، باعتبارها موروثا ثقافيا وعلميا يمثل الهوية الحضارية للشعب وذات صلة مباشرة في نشوء حضارته وارتقائها عبر العصور ودوره الفاعل في مد الحضارة الإنسانية بأولى مقوماتها الأساسية مما اقتضى تسجيل هذا التراث وحمايته وصيانته ومنع التجاوز عليه أو تخريبه كي تبقى معالمه شاخصة إمام أنظار الناس لتحكى دور الإنسان المتميز..ولكن العراق يفتقر الى التكيز عليها ومتابعتها لعدم ثبات المسؤولين على هذه المهمة ويفتقر الى الحماية الادارية للاثارعبر المؤسسات الرصينة والمقصود بها الادارات الوطنية ومن ضمنها الدوائر المختصة بالآثار والعودة الى المنظمات الدولية المختصة وتوصياتها لحماية هذا الارث التاريخي والمنهل العظيم ومطابقتها مع القوانين الداخلية لتأخذ الحماية البعد الدولي...ويمكن أن نضع حد للسرقات التي تحدث بصفة شبه يومية للأثار والتراث بالمتاحف بالمناسبة فأن " معظم الأعمال الفنية القديمة والنفيسة أرسلت إلى مناطق في الخليج تضمن مجموعة كبيرة من اللوحات والأعمال الفنية والمخطوطات والقطع الأثرية المهمة المسروقة والمهربة إلى دول مجاورة ومناطق أخرى من العالم من المتحف العراقي للتاريخ والاثار ومتحف الفن الحديث وغيره، وكذلك من المواقع الأثرية"، وبتاسيس دوائر امنية مختصة والجوامع والاسبلة يمكن الحفاظ عليها، والمواقع الاثارية بشتى أنواعها. والتركز على الإتجار الغير مشروع للآثار لاعادة المسروقات المنهوبة عن طريق الهيئات الدبلوماسية العراقية المنتشرة في انحاء العالم والتي هي من صميم واجبها الوطني والتأكيد على الاتفاقيات الثنائية المشتركة بين دول الجوار والدول الاقليمية والدول التي ترتبط بمصالح مشتركة، والاتفاقيات التي تعتبر الآثار العالمية ارث انساني مشترك يجب الحفاظ عليه، مثل اتفاقية 1899و1907 والمادة 56 التي تعنى بحماية المواقع الاثرية خلال النزاعات المسلحة، والتي تعتبر البذرة لقانون لاهاي في عام 1954 الخاص بالنزاعات المسلحة، الذي يتضمن البروتوكول الاول والثاني عام 1999 والبروتوكول الثاني يعتبر مهما، لانه  سلط الضوء على الحماية العامة والمعززة للآثار من قبل الدولة لتمنع اي جهة من ضربها في حالات النزاع المسلح.

مازال العراق بعيد عن حماية الاثار واذا وجدت حماية فهي ضعيف ليست بمستوى المسؤولية  والاثار معرضة للخطريومياً ومن تعديات على اراضه والبناء عليها، من حفر غير قانوني بأراضيه الخصبة بالآثار، ومن نهب العناصر المعمارية من الجوامع والمباني الأثرية، وبالطبع سرقة أو إختفاء قطع أثارية من المتاحف وخاصة بعد احداث 2003 وسقط النطام السابق والفوضى التي جانبتها من سرقات داخلية ودولية فلا تعد ولا تحصى تحتاج الى دعم دولي لكي تعود تلك الاثار الثمينة التي هي واجه من أوجه التراث يعنى يستحضرك  الماضي للتعرف والتعريف  بطرق معيشة الإنسان القديم وأطر حياته العامة، ويكون ذلك من خلال إعادة تشكيل وتمثل للبيئة التي عاش فيها الإنسان . ووفقاً لهذا المفهوم يصبح من الناحيتان العلمية والتطبيقية نقطة التقاء جوهرية تربط بين مخلفات الأسلاف، الفكرية والمادية، والحاضر المعاش، على نحو يؤكد تواصل الماضي والحاضر,.وتهدف دراسة الاثار الى استكشاف الجوانب المادية والجوانب الغير مادية (المعنوية) للأنظمة الحضارية، والربط بين النشاطات الإنسانية والمواد المرتبطة بتلك النشاطات، أخذين في الاعتبار القصور الكامنة في السجل الأثري المستخدم والغير قادر على النطق . والمقصود "بالسجل الأثري"، التدليل على التراكمات المادية التي خلفتها النظم الحضارية السابقة . لأن البقايا المادية تشكل جزءً بسيطا من ما أنتجه الإنسان.

وللحفاظ على الاثار يجب معرفة ما هي أهمية الآثار في حياتنا لندرك مدى قيمتها وضروريتها، والآثار لها قيمة تاريخية عظيمة، وهي قيمة توجد في كل الآثار مهما كانت صغيرة او كبيرة، مهما كانت ثابتة أو منقولة. تراث كل قطعة آثار يمتد إلى آلاف السنين وكلما كان الشيء قديم كلما كانت القيمة المادية لها اكبر. وبعض قطع الآثار تحكي لنا عن التاريخ وبدون هذه الآثار لا يمكننا معرفة أي حدث تاريخي ولا يمكننا التعرف على شخصيات تاريخية.

الآثار تعرفنا على تاريخ الاجدادا، وكيف كان القدماء يفكرون ويضاف عليهم التعلم والتطور، لان من ليس له ماضي ليس له حاضر ومستقبل. الآثار مصدر فخر أمام الأجانب، لأن الحضارات العراقية هي الاقدم على الاشهر، مما يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز دائما. والآثار تجذب الالاف من السياح سنوياً من جميع بلاد العالم لمشاهددتها، مما ينشط السياحة في البلد ويزيد من الدخل القومي والعملة الصعبة، الاهتمام بالأثر حتى تبقى كما هو ولا يظهر عليه التعب والهلاك وتزيد معاناتهم، ولا نقدر على العلاج لأن الوقت يكون قد مضى، ويجب ان ترك الأثر دون علاجه، وصيانتها والعمل على ترميمه من أي تلف يجعله يتناثر مع مرور السنوات، الأثر دائما في حالة من الصمت، لا يستطيع الأثر أن ينطق ويتحدث عن المعاناة والألم .

جزء كبير من مساعِ الحكومات في العالم  تعظيم الموارد للخزينة تقع على الجهات ذات العلاقة بمختلف المسميات اما وزارة او مؤ سسة او دائرة مختصة يجب ان تضطلع بمهامها لتفعيل هذا القطاع والعراق عليه الاستفادة من الاتفاقيات الدولية الثنائية العديدة النافذة بهدف زيادة معدلات الاستثمار في القطاعين السياحي والآثاري وأيضا تفعيل الجانب الثقافي العراقي الذي يعد العامل الأهم في تحقيق الاستقرار داخل المجتمع خاصة وان العراق لابد من وضع قوانين صارمة تعاقب كل من يعبث في الآثار، ولابد من وضع امن وحراسة على كل الأماكن التي تحتوي على آثار وتراث، ووضع كاميرات للكشف عن أي شخص يعبث في التراث والاهتمام بالصيانة الدورية للمناطق الاثرية وترميم الاثار، ودراسة مادة الترميم بشكل علمي للحرص على  دراسة الفنون المعمارية القديمة والاهتمام بترميم الآثار في كلية الآثار وكليات الفنون، لابد من الاهتمام بتدريس الفنون التراثية في جميع الجامعات والمعاهد،للمحافظة على اصالتها على يد كبار المتخصصين ولينشأ جيل قادر على حماية الآثار والعراق هو بلد منتج للثقافة بشتى مجالاتها ومطلوب منه تطوير هذا الجانب والاستفادة من تجارب الدول  التي نجحت في ان تشكل واردات السياحة لديها معظم وارداتها رغم انها لا تملك عمق آثاري يعود لألاف السنين ولا جذب سياحي كالذي يملكه العراق وبخاصة السياحة الدينية التي تستقطب ملايين المؤمنين من شتى بقاع العالم.

 

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم