صحيفة المثقف

(ISLAMPHOBIA)

مصطفى عليوَقَفَ الشَقيُّ مُكابِراً مُتَكَبِّراً

قُدّامَ مِرْآةٍ مُعَلّقةٍ على

أعناقِ أشباحٍ أطَلّتْ من كُهوفِ الذاكِرة

 

فَرَأى دَفينَ بَواطِنِ الأعماقِ

حَشْداً من هَياكِلَ تَرْتَدي

زَيَّ الوَداعةِ والبشاشَةِ مَظهراً

أمّا سَرائِرُها فَموكِبُ عَسْكَرٍ

لِقَبيلةِ الأشباحِ في ( العهْدِ القديمْ)

 

وَتَمَخّضَ الشَبَحُ الغريبُ مُوَلِّداً

أفراخَ حِزْبٍ طاعِنٍ بِوَلاءِهِ

لِمَحافِلٍ غاصتْ بعيداً

في دهاليزِ الجحيمْ

 

كَنَزتْ رَساميلَ الرَذائلِ والخَطايا

في عُجولٍ من ذَهَبْ

 

حيثُ الرِبا يَقْتَصُّ من

تَقوى الضمائِرِ والْوَرَعْ

 

فَتَراءتِ الغيلانُ راقِصةً على

جَمْرِ الزنازينِ الخَبيئةِ

في نُفوسٍ أدْمَنَتْ

مُذْ عَهْدِ قارونَ التَنَمُّرَ والتَغوُّلَ

بَعْدَ أفْيونَ الجَشَعْ

 

رَضعوا سَحائِبَ وَهْمِهمْ أُسْطورةً

سَكَبَتْ عُهوداً من سماءٍ لم تَزَلْ

مُلْكاً لَهمْ

وَوُعودَ رَبٍّ خَصَّهم وَإخْتَصَّهمْ

كي يَنْشُروا الفوضى

دُموعاً أو شُذوذاً أو جُنونْ

 

وَلَهمْ إذا ما شاءَ رَبُّ العِجْلِ

في الفوضى فُنونْ

 

جاءوا زَرافاتٍ لأخطَرِ مُنْتدى

عَبْرَ العُصورْ

 

وَكَما الجِراءُ تَكَدَّسوا في مَحْفَلٍ

ما تحْتَ ماخورٍ قديمٍ

صارَ للطابورِ مَعْبَدْ

 

تُهْدى لَهُ أغلى قرابينِ التَقَرُّبِ

والذبائحِ والْنُذورْ

 

جَلَسوا جميعاً في زَوايا المَعْبَدِ

المَهجورِ حوْلَ وَليمَةٍ مَسْروقةٍ

من قوتِ أرضِ النائمينَ الحالِمينَ

بِوَهمِ أصداءِ العدالةِ والسلامْ

 

سَكَبوا نَجيعاً أحْمراً بِكُؤوسِهمْ

وَتَبادَلوا أنْخابَ قُدّاسِ الجَنائزِ

للشعوبِ الناميةْ

 

فَنَبيذُهمْ عِنَبْ البساتينِ السليبةِ

والنَواطيرُ الغيارى رُبَّما كانوا نِيامْ

 

وَلَرُبّما جُزَّتْ رُؤوسَهمو كما

جُزَّتْ عناقيدَ الكُرومْ

 

وَبِها قواريرِ النبيذِ تعتّقتْ

مُحْمَرّةً بِدِنانِ حانَتِها القديمةِ

تشْتكي لِدِنانِها وَ( السينِ ) ما

صَنَعَ الغُزاةُ الطيّبونْ

 

حيثُ الجماجمُ لم تَزَلْ ذِكْرى

تُرَصّعُ لونَ أرْصِفةِ المتاحِفِ تارَةً

وَرُفوفَها خلْفَ الستائرِ تارةً أخرى هنا

بِمَدينةِ الأنوارِ والحقِّ المُبينْ !!

 

 

صَلّوا على تابوتِ عَهْدٍ لم يَكُنْ

يوْماً لَهُ أثَرٌ على حَجَرٍ وَإنْ

نَبَشوا دُهوراً في مَصارينِ التُرابْ

 

ياأيُّها الحَفّارُ فَتّشْ

عن بَقايا الهيْكَلِ المَزعومِ

في غَبَشِ النَوايا أو قُبورِ اللاشعور ْ

 

ألواحُهُ مدفونةٌ في اللاوعي

المصنوعِ من طَمَثِ السِنينِ

الحالكاتْ

 

أضلاعُهُ ذَهَبٌ لِإغْراءِ المُرابي

بالرضاعةِ من دموعِ الثاكِلاتْ

 

عِنْدَ بيبانِ المُخيَّمِ حَذْوَ

أطرافِ الشَتاتْ

 

هِيَ غزْوةُ الأحزابِ ثانِيَةً إذنْ

لكنّنا لن نسْتجيرَ بِخَنْدَقٍ فَجَزيرتي

فيها الرِمالُ تعاهدتْ وَتَحالفتْ

وَضْحَ النهارِ مَعَ الدُجى

تَقَرُّباً للْقيْنُقاعْ

 

عُذْراً وَمَعْذِرةً إذنْ

ياسيِّدَ الثَقَلينِ يابدْراً

تلألأَ من ثَنيّاتِ الوداعْ

 

في جَلْسَةٍ سِرّيّةٍ

شَرَعوا يَبُثّونَ (الرُهابَ)عقيدةً

بِقُلوبِ أفواجِ السُكارى الناخبينْ

 

كي يحْصِدَ الحزبُ العريقُ

بِليْلَةٍ مَشْهودةٍ أصواتَ

سِرْبِ الجاهلينَ الخائفينْ

 

زرعوا بذورَ الخوفِ في أرواحِهمْ

من طائرٍ يأتي قُبيْلَ الفجرِ

ينتزعُ الحياةْ

 

رَسَموهُ شِرّيراً حقوداً مِثْلَ

خفّاشٍ تمادى في دِماء الوادعينْ

 

جَحَدوا بِمِخْيالٍ مَريضٍ سعْيهُ ال..

ميمونِ في تنزيهِ أرواحِ الخلائقِ من

براثنِ وَحْلِها

والسافياتِ مِنَ الرِمالْ

 

طيراً يعانقُ في السَحَرْ

أسماءَهُ الحُسْنى

كمالاً أو جلالً أو جمالْ

 

وَلَكمْ تنادوا مُرْجِفينْ

فَأتى بَطارِقةٌ كذلك قد أتى مَعَهمْ

كَرادِلةٌ يَسفّونَ الغُبارْ

 

مَعَهمْ فلاسفةٌ عباقرةٌ إذا نَطَقوا

مَشَتِ القلوبُ ورائهمْ

وَكَأنّهم على قَدَمٍ و نارْ

 

وَعَلى ألأرائكِ زُمْرةٌ مسعورةٌ

كانوا قياصرةً يُنادِمُهمْ أباطِرةٌ

فَيَشْتِعلَ السُعارْ

 

وَمُلوكِ ثأرٍ ذي أكاليلٍ وغارْ

 

مُتَأبِّطينَ شُرورَ تُجّارِ السِلاحِ هُنيْهةً

ثمّ تُجّارِ العبيدْ

 

وَهُنا سَماسِرةٌ أذاعوا سِرّهم

فَشَدا الصيارِفةُ الذينَ تَجَمّعوا

حوْلَ مائدةِ القِمارْ

 

وَرِجالُ أعمالٍ بِصمْتٍ رَدّدوا

ذاتَ الشِعارْ

 

هل غابَ حاخامُ القبيلةِ يا تُرى

لا لم يَغِبْ

بل قابِعٌ في صَمْتهِ خلْفَ السِتارْ

 

فَرَمى فُؤادَ حضارتي بِسِهامِهِ

كي ينْزَعَ الرّمَقَ الأخيرَ لِأمّةٍ

قد ضيّعتْ شَرَفَ الأصالةِ

والإرادةِ والدِيارْ

 

صَرَخَ الصموتُ مُزمْجِراً :

ياسادتي أدعوكمو لِسَفينتي كي نتّقي

أهوالَ طوفانٍ جَديدْ

 

فأَمامَنا أتقى نبيٍّ إنّما يبقى

الخصيمَ المُشْتَركْ

 

فَلَإنْ صَلَبْنا ذاتَ يومٍ رَبَّكمْ فَلِأنّنا

أخيارُ شعبِ أللهِ نفعلُ ما نشاءُ

وما يشاءْ

 

وبِلا مَلامٍ أو سُؤالٍ أو حِسابْ

 

خَطَبَ اللئيمُ فَشَنَّفَ الآذانَ

فإرْتَعَدتْ مفاصِلُهمْ غراماً بالخِطابْ

 

مُتَبخْتِراً قَالَ إهْتَديْتُ لِعِلّةٍ

الآفاتِ في الدُنيا

وأوجاعِ الخليقةِ والخرابْ

 

فَجَميعُها مَرْهونةٌ بِحَفيدِ إسْماعيلَ

شانِئِنا فَهيموا في دِيارِ المَكْرِ

وإبْتَدِعوا

فُصولَ الخوفِ مِنْهُ والرُهابْ

 

ما كانَ إسماعيلُ قِدّيساً كما

إسحافُ بَلْ نَسْلٌ لِجارِيَةٍ

لها أصْلٌ وضيعْ

 

حُرِمَ الفتى شَرَفَ القَداسَةِ

والنُبوّةِ من لَدُنْ ( يَهْوه) السَميعْ

 

رَحلَ الصبيُّ وأمّهُ عبْرَ البراري

باحِثاً في جَمْرةِ الرًمْضاءِ

عن بِئرٍ وماءْ

 

فَتَفَجّرتْ من تحتِ أقدامِ الطفولةِ

زمْزَمٌ في ذلك الوادي المُكَحّلِ

بالسَرابْ

 

شَبَّ الفتى وَنَما هُنالكَ بيْنَ

أوديةِ العماليقِ الوُحوشْ

 

وغدا نَزيلُ القوْمِ سَيِّدَ قومِهِ

وَتَلاقتِ الأرْحامُ حتى أنْجَبتْ

نَسْلاً لهُ عَدَدٌ كَحَبّاتِ الرِمالْ

 

وَتَتوّجتْ تلك السلالةُ ليلةً

بِخَصيمِنا وخصيمُكمْ

مُتأزّراً بِبَلاغةٍ وَإرادَةٍ

جَمَعتْ خيوطَ المُلْكِ بَعُدَ المَلَكوتْ

 

هَدَمتْ دعائمَ كيْدِنا و عُروشنا

فإهْتزَّ فينا الجَبَروتْ

 

وحْيٌ تفجّرَ من مَواجيدِ التأمّلِ والتّفكّرِ

والعذابْ

سُوَراً. تُساقي البيدَ معسولَ السَحابْ

 

آياتُها كُتِبَتْ بلا قَلَمٍ وَ مُعْجِزةً كِتابْ

 

وّتَوهّجتُ شمسُ الفصاحةِ أمّةً

وَتَناسلتْ خيلُ العزيمةِ تقتفي

رَحِمَ القوافي والجزالةِ والخيالْ

 

فأذاقَنا الويلاتِ في سوحِ النِزالْ

 

وَمَضى الخطيبُ السامِريُّ

يُلقِّنُ الجُلّاسَ أدعيةَ التباغضِ

والتنافرِ والنُفورْ

 

وَيَدُقُّ نصْفَ الليلِ ناقوسَ الخَطرْ

 

نَسِيَ المُغفّلُ ساعةً

فَرْطَ التَجنّي والتَطَرُّفِ والفُجورْ

أنَّ الذي سكنَ الحنايا والضمائرَ موْعِداً

وإسْتوطنَ الأرواحَ حيٌّ لا يموتْ

***

مصطفى علي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم