صحيفة المثقف

الشاعر سعد جاسم: أنا أَول شاعر عراقي كتب قصيدة الهايكو

1975 سعد جاسمالشاعر سعد جاسم غني عن التعريف فهو قد استطاع وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود؛ إن يكون ذا صوت خاص في الشعر العراقي والعربي.. وقد تمكّن من خلال طاقته ومثابرته وقدرته الشعرية اللافتة ان يكون ذا مشروع شعري قد حقق له مكانته وحضوره الشعري البارز. والشاعر جاسم حاصل على دبلوم الإخراج والتمثيل المسرحي من معهد الفنون الجميلة -بغداد -1982 وحاصل على بكالوريوس الإخراج والتمثيل أكاديمية الفنون الجميلة -جامعة بغداد -1986. وشهادة الماجستير في النقد والاخراج المسرحي من جامعة (تورنتو) الكندية.

ناظم ناصر القريشيوكان الشاعر قد بدأَ النشر في مرحلة مبكرة من حياته وكانَ ذلكَ في منتصف السبعينيات وصدرت له العديد من الاعمال الشعرية التي نذكر منها: فضاءات طفل الكلام وموسيقى الكائن وقيامة البلاد وأرميكِ كبذرة وأهطل عليك وقبلة بحجم العالم وطائر بلا سماء. وقد صدر له قبل فترة قصيرة كتابه الشعري (أنتِ تشبهينني تماماً). وللشاعر اهتمامه بأدب وثقافة الاطفال؛ حيث انه عملَ كمحرر ومشرف في مجلات وصحف متخصصة بأدب الطفل العراقي والعربي؛ ولديه منجزه في هذا الميدان الابداعي الذي تجسّد في الكثير من قصائد وقصص وحكايات الأطفال التي نُشرت ومازالت تُنشر في معظم مجلات وملاحق الأطفال العراقية والعربية ..

* غاية الشاعر أن يعبر عن الجمال وعن ذات الشاعر وروحه؛ وأنت سافرت في اللغة عميقاً وبعيداً؛ ولك أسلوبك المميز ولغتك الشعرية التي تتفرد بها.. تُرى ما هي أبعاد وعناصر تجربتك الشعرية؟

- بعدَ رحلة تمتدُّ لأكثر من ثلاثة عقود في مجاهيل وغابات وكوابيس واشراقات وأوهام وأطياف وعوالم الشعر والحياة بعدَ رحلة تمتدُّ لأكثر من ربع قرن في مجاهيل وغابات وكوابيس اكتشفتُ انني لا اعرف شيئاً سوى

 أَنْ أَغور عميقاً في الحياة - الحلم - الحقيقة

لمعرفة الملغَّز والغامض والخفي والجوهري..وأَكتشفتُ أَنني

لا أَعرف سوى أَنْ اكتب الشعر.

لأنَّهُ الضرورة ذاتها...

وأَدري تماماً لماذا أَكتبهُ

وكذلكَ أمضي في مراودة الحياة

أنثى بدائية القصيدة بوصفها

 عصية.. طازجة.. متوحشة.. شهية.. باذخة.. وشمولية..

ولهذا أَحسستُ أَنَّ قصيدتي ينبغي أنْ تكونَ لها شمولية حياة

ولها شمولية موت ايضاً .

حيثُ لا جدوى من القصيدة اذا لم تكن شمولية كالحياة والموت .

* أَنت كشاعر تحاول أن تمسك اللحظة التي مرت والتي ستمر بإحساس تترجمه الى نصوص وقصائد ورؤى تجعلها تومض كأنها تشع لأول مره هل بالإمكان أن تحدثنا عن تجربتك في شعر الهايكو باعتبارك من رواد هذا النمط الشعري؟

- يُعتبر الهايكو جنساً ونوعاً ونمطاً وفضاء شعرياً مختلفاً ومغايراً لما هو سائد من أنواع وأنماط وأشكال الشعر الأخرى. ويمكنني القول بكل ثقة وصراحة وجرأة ووضوح : أنا أَول شاعر عراقي كتبَ قصيدة الهايكو في الحركة الشعرية العراقية؛ وكذلك انا واحد من روّاد الهايكو في الشعرية العربية . وأستطيع أَن أُضيف : في الحقيقة أنا لم أقرأ أَي نص او قصيدة لشاعر عراقي كان قد كتب ونشر اية نصوص وقصائد هايكوية البنية والرؤية والفضاء؛ قبلي .

* حسب ما نعلم ان لديك مشروعاً بهذا الاتجاه تعمل عليه منذ تسعينات القرن الماضي هل ممكن ان توضح لنا ماهية وابعاد هذا المشروع ؟

* فيما يخصُّ مشروعي الهايكوي؛ فقد سبقَ لي أن قرأت وأطّلعت على كل ما تُرجمَ من نصوص تعتمد أُسس (الهايكو) وأصوله وطرائق كتابته اليابانية الأساسية.. وقد استفدتُ منها كثيراً.. ثم حاولتُ ان أُكرّس فهمي وخبراتي لكتابة هايكو معني بالواقع والحياة العراقية بكل أبعادهما وتفاصيلهما وإشكالياتهما.. وكذلك فقد كرّستُ اهتمامي بالاشتغال على نصوص تتناول الحياة والوجود والعالم؛ وكنتُ قد بدأت الاشتغال في هذا الفضاء الشعري منذ بدايات التسعينيات؛ وبعد فترة قمتُ بنشر عدّة أقسام من مشروعي هذا في عددٍ في الصحف والمواقع الألكترونية العراقية والعربية تحت تسمية (هايكو عراقي – أو مفاتيح النصوص) وقد كان البعض من محرري الصفحات والمواقع الثقافية يحذفون عنوان (هايكو عراقي) ويبقون على عنوان (مفاتيح النصوص) وعندما كنت اعترض وأعاتبهم على حذف عنوان (هايكو عراقي) كانوا يردّون عليَّ امّا مازحين أو ساخرين: (يا أخي هل نحن يابانيون؟) أو (نحنُ لسنا يابانيين يا صديقي) الا أن بعض المواقع الثقافية الألكترونية كانت قد نشرت العنوانين معاً وأذكرُ منها مواقع (الحوار المتمدن ومركز النور الثقافي والبيت العراقي وبنت الرافدين وأبسو قبل توقّفه وغيرها من المواقع .

وكذلك نشرتُ قسماً من الهايكوات ومفاتيح النصوص في كتابي الشعري (موسيقى الكائن) الصادر ضمن منشورات اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في عام -1995- وفي مجموعتي الشعرية (طواويس الخراب)

الصادرة عن دار الخليج للنشر في العاصمة الأردنية عمان عام 2001.

ولكنَّ المفاجئ والغريب والمثير للدهشة في الأمر؛ أنَّ هناك من استحوذ على مشروعي هذا وراح يصرّح ويدّعي انه هو صاحب هذا المشروع؛ متوهماً ومتناسياً إن الادعاء شيء والمنجز شيء مختلف؛ حيث أنني وعند اطلاعي وقراءتي للبعض من الشذرات والومضات التي يُطلق عليها هؤلاء المدّعين {هايكوات} وجدتُ أنها ليست لها أَية علاقة بهذا الجنس الإبداعي الصعب الذي يعتمد التكثيف اللغوي والدهشة والمفاجأة ومشاهد الطبيعة وكائناتها وكذلك يستلهم الهايكو الرؤى والافكار الفلسفية والتأملية؛ و أنا الزاهد والعارف والرائي فلا تضيرني مثل هذه ادعاءات واساءات {الهؤلاء والادعياء ولصوص السرقات الادبية} لأن مؤمن بـ " وأَمّا الزبد فيذهبُ جُفاءً) والحقيقة لا تُغطّى بغربال كما قيل ويقال . واريد الاشارة الى أنني ومنذً ذلك الوقت ولغاية الآن مازلتُ مستمراً بالاشتغال في مشروعي هذا؛ حيث أنني وبين آونة وأخرى أعود اليه وأكتب مجموعات من الهايكوات الجديدة وقد تسنّى لي أن أُنجز كتابين شعريين هايكويين بالكامل؛ وهما :

{غابة هايكو}؛ وقد صدر عن مؤسسة {فكرة}

للدراسات والنشر في القاهرة .

والثاني هو :

{نهر يركض حافياً}

هايكو عراقي.. هايكو كوني.. وهو الآن في المطبعة .

اما كتابي الهايكوي الجديد؛ فيحمل عنوان: {سيلفي مع شجرة}

1976 سعد 2

هنا نصوص جديدة :

هايكو عراقي.. هايكو كوني

-1-

ملاكٌ بشري

يهبطُ في مستشفى

طبيب الاطفال

-2-

كلٌّ ينتظرُ مصيرَهُ

في مشفى الأَمل

مدمنو الأَلم

-3-

بفراسةَ حكيمٍ سومري

يعرفُ كلَّ نبضٍ

طبيب القلوب

-4-

كلَّما يسمعُ ضحكتَها

يخفقُ كجناحِ عصفور

قلبُ العاشق

-5-

1976 سعد 3كلُّ مَنْ تلمسُ جبينَهُ

يشعرُ بدفءٍ أُمومي

ممرضةُ الرحمة

-6-

كُلّما يقولُ لها : أُحبّكِ

تضحكُ كشجرة

عاشقة الحقول

-7-

أشباحٍ غامضون

تَقْنصُهم بنادقُ الرجال

وحوشُ داعش

-8-

هلْ هُنالكَ أكثرُ وحشةً

من سنديانةٍ عتيقةٍ

على رصيفٍ مهجور ؟

-9-

واحدةً واحدةً

تتساقطُ من الأَشجار

اوراقُ الخريف

-10-

لم يتركوا حمامةً

ولا قلبَ أمٍّ

دواعشُ الخراب

 

* الطفولة حلم لا يغادرنا رغم أننا غادرناها مجبرين وأنت كتبت الكثير من القصائد والقصص والحكايات الخاصة بالاطفال؛ فما هي ابعاد تجربتك المهمة في هذا المضمار؟

- بدأ اهتمامي بأدب وثقافة الطفل في مرحلة مبكرة من حياتي؛ وكان ذلك في بدايات سبعينيات القرن المنصرم.. حيث كتبتُ الكثير من القصائد والقصص – آنذاك - وقد نُشرتْ لي أول قصيدة في جريدة طريق الشعب العراقية بصفحة (مرحباً يا أطفال)؛ التي كان يديرها الأستاذ الشاعر (نبيل ياسين) ومن ثم أخذتُ انشر قصائدي وقصصي في معظم المجلات والصفحات المتخصصة بأدب وثقافة الطفل في العراق وأذكر منها : مجلة مجلتي وملحق تموز وصفحة الجيل الجديد وغيرها . وكذلك انشر في بعض الصحف والمجلات العربية مثل مجلة (أحمد) اللبنانية و(براعم عمان) الأردنية ومجلة (قطر الندى) المصرية.. ومواقع الكترونية متخصصة بأدب وثقافة الطفل العربي

و بالنظر لإهتمامي بإدب وثقافة الطفل؛ فقد عملتُ وشاركتُ في عدة مؤسسات وفعاليات تعنى بالطفل ومنها مجلات وصحف ودور نشر ومهرجانات ومؤتمرات الخ

ومن اهم تجاربي في هذا العالم هو قيامي بتأسيس ملحق ثقافي شامل مخصص لأدب وثقافة الطفل بالكامل؛ وكان تحت مسمّى

 (قوس قزح) حيث صدرَ عن جريدة الأسواق (الأردنية) حيثُ حررته وأشرفتُ عليه لعدّة سنوات؛ وقد كان تجربة تربوية وثقافية وأبداعية رائعة ومهمة حققت حضورها اللافت في صحافة الأطفال العربية .

 

*هل بالامكانِ أَنْ تقرأ أو تُدوّن لأطفالنا واحدة من قصائدك الجميلة ؟

- حاضر..على الرحب والمحبّة والاعتزاز بكل اطفالنا الاحبّة والاذكياء والرائعين:

 أَجراس الصباح

شعر : سعد جاسم

ترِنْ ترنْ ترنْ تراتْ

دقتْ أجراسُ الساعاتْ

قالتْ: (إِصْحو

جاءَ الصبحُ

وأَطلّتْ شمسُ الخيراتْ)

فصَحَتْ سلمى

وصحا رافعْ

وصَحَتْ سلوى

وصحا ساطعْ

بعدَ دقائقْ

 صارَ الشارعْ

حقلاً رائعْ

لحمائمَ بيضٍ ونوارسْ

تمشي في فرحٍ لمدارسْ

فتَحَتْ ابوابَ محبتِها

لتضُمَّ جميعَ احبتِها

من ازهارٍ وحماماتْ

ترنْ ترنْ ترنْ تراتْ

غَنّى تلميذٌ في الصفِّ

وغَنَّتْ كلُّ التلميذاتْ

***

حاوره : ناظم ناصر القريشي

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم