صحيفة المثقف

هكذا سارت فرنسا على نهج نابليون في قطع الرؤوس

علجية عيشقال ملاحظون إن ما يسعى إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم هو نزع الطابع الإسلامي عن المسلمين الفرنسيين، مثلما فعل نابليون بنزعه يهودية اليهود الفرنسيين عنهم، كشرط للحصول على مواطنتهم، متجاوزا جرائم بلاده في حق المهاجرين المسلمين وكيف تفننت فرنسا في تعذيب الشعوب وقتلهم عن طريق المقصلة التي ما تزل شاهدا على الأحداث، ووجب اليوم فتح الملفات من جديد، وعرضها على المحكمة الدولية والأمم المتحدة حتى لا تتحول القضايا الإنسانية إلى قضية سياسية قابلة للمساومات تحت الطاولة

 أولى اللاوعي الجماعي الفرنسي اهتماما كبيرا بقطع الرؤوس اعتقادا منه أنه غريب على تاريخ فرنسا وأنه عمل بربري دخيل ولم تكن فرنسا تمارسه، إلا أن أحداث واقعي نقلها مؤرخون تؤكد أنه خلال معركة الجزائر، لعب المظليون الفرنسيون كرة القدم برؤوس الثوار المقطوعة، كانت المقصلة هي الطريقة المفضلة للتنفيذ (مثل الكرسي الكهربائي في الولايات المتحدة)، وللفرنسيون تاريخ حول مسالة قطع الرؤوس، ولهم تجربة في ممارسة القتل الوحشي، حيث كانوا قد قطعوا رأس ملكهم وملكتهم، وقد كان نابليون هو من جلب قطع الرؤوس إلى الشرق الأوسط، خلال حملته في مصر، بعد أن علم الجنرال بونابرت أن انتفاضة قد اندلعت في إحدى القرى، أمر مساعده كروازييه بالذهاب إلى هناك، لتطويق القبيلة بأكملها، وقتل الجميع دون استثناء، مع جلب النساء والأطفال إلى القاهرة، تم تنفيذ أوامره على الفور، مات العديد من الأطفال والنساء الذين يقودون سياراتهم سيرًا على الأقدام على طول الطريق، وبعد بضع ساعات ظهرت حمير محملة بالأكياس في الساحة الرئيسية بالقاهرة، بعد فتحها تبين أن بداخلها رؤوس بشر.

 رغم أن القانون الفرنسي يحظر خطاب الكراهية، لكن النظام الفرنسي لم يتغير وظل يمارس سياسة التعذيب والتقتيل في حق الشعوب المستعمَرَة وبخاصة الشعب الجزائري، حيث تفنن في تقطيع رؤوس المقاومين الشعبيين، كانت جماجمهم معروضة في متحف باريس، في الفترة بين 1880 و1881، فضلا عن نهبها الأرشيف الوطني الجزائري الذي يضم ملايين الوثائق، ومحاولتها طمس هوية الجزائريين، وإلى الآن ما تزال فرنسا تستفز المسلمين تارة بالتدخل في شؤونهم الداخلية وتارة أخرى بنشر صور مسيئة عن نبيهم، في وقت تقوم هي بالهجوم على حرية التعبير بإغلاق الحسابات وحظر المواقع المحسوبة على المؤسسات الإعلامية خاصة العربية منها والإبلاغ عنها بشكل سلبي إذا تعلق الأمر بمصالحها، ففي الأنظمة السابقة كان الحديث عن خطاب الكراهية "جريمة"، وكانت بريطانيا مثلا تسجل سنويا 100 ألف جريمة تتعلق بخطاب الكراهية، واستحدثت ما يسمى بشرطة الفكر، أما في فرنسا فهي تفضل قوانين خطاب الكراهية وترى أن مهاجمة عقيدة المهاجرين المسلمين لا يعدُّ جريمة حتى لو عرضتهم للقتل، كما لا تعتبر ما تقوم به في حق الجالية المسلمة إرهابا، إذ كانت تمارس "الكابالا" الذي تعلمته خفية وطبقته في مدارسها وعلمته لأجيالها الجديدة.

 

 والكابالا أو القبالانية المسيحية هي فلسفة دينية تتضمن معتقدات وشروحات روحانية تفسر الحياة والكون والربانيات ظهرت في عصر النهضة، حيث بدأت عند اليهود وظلت حكرا عليهم لقرون طويلة، ثم توسع استعمالها حتى انتقلت عند المهاجرين الذي اختاروا العيش في بلد المستعمر، عرب كانوا أو مغاربة، وقد اشارت بعض الكتابات إلى بعض المنظرين لليمين الفرنسي المتطرف ومنهم إيريك زمور، وهو كاتب وصحفي سياسي فرنسي، يجيد لغة القوميين وكان يدعو إلى حرب أهلية ضد المواطنين الفرنسيين المسلمين، ويقدم نفسه على أنه مدافع عن فرنسا الكاثوليكية، إذ يقول في إحدى تصريحاته أن للمسلمين قانونهم المدني وهو القرآن، وصفهم بالمنغلقين على أنفسهمي أنهم لا يحسنون التعايش مع الآخرو كأنهم أمّة منوحشة، ويرى أن"حالة الشعب داخل الشعب هذه، والمسلمين بين الفرنسيين ستجر لا محالة إلى حرب أهلية"، وقد وقع إيريك زمور في مواجهات بينه وبين المنظر الفرنسي الليبرالي برنار هنري ليفي، وهو يهودي الأصل، ساعد هذا الأخير في خلق حروب أهلية في سوريا وليبيا وشجع المتعصبين الإسلاميين على ذلك، للإطاحة بالأنظمة الاشتراكية العلمانية، ويُعرف عن إيريك زمور الذي وُلد في الجزائر لعائلة يهودية زمن الاستعمار الفرنسي، بمعاداته الشديدة للمسلمين وللجالية الجزائرية في فرنسا، حيث سبق له أن دعا لإعادة الجزائريين لبلادهم كما فعلوا مع الفرنسيين المطرودين من الجزائر.

 ويشهد التاريخ الفرنسي مرحلة عاشت فيها فرنسا فترة دموية وصفت بعهد الإرهاب،اقتيد فيها 17 ألف فرنسي نحو المقصلة، وصنفت كواحدة من أسوأ مرحلة في التاريخ الفرنسي كونها امتدت إلى حد قطع رأس الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت عن طريق شفرة المقصلة وعمره لا يتجاوز 25 عاما، عندما وجهت له تهمة الخيانة، في قضية تتعلق بتخابره مع قوات النمسا، ومنذ ذلك الحين أصبح قطع الرأس عادة فرنسية يقبل عليها أصحاب القرار بل أصبحت عادة شعبية وتحولت إلى مصدر تهديد كلما وقع خلاف بين طرفين، وبمختلف الوسائل، وعن طريق الكتابات الحائطية مثلما حدث مؤخرا حين هدد مواطنون فرنسيون بقطع رأس رئيس بلدية، هذه التهديدات تزامنت مع جريمة قتل معلم ذبحا، ودون الدخول في التفاصيل، للتاريخ ما يقوله حول مسألة قطع الرؤوس، متى بدأت ومن هو أول من قطع رأس بشر وفصله عن جسده في العالم وبالخصوص في البلاد الإسلامية؟

    في كتابه "الغرب والإسلام" يقول يوسف هندي أن اليهود تسللوا خفية وبشكل منهجي إلى النخب الإسلامية والمسيحية من أجل إثارة حروب مدمرة بين المسلمين والمسيحيين لصالح اليهود وحدهم، الذين سيتمكنون من الاستقرار في الأرض المقدسة، وطرد السكان الأصليين وإنشاء إمبراطورية لليهود تكون عاصمتها القدس، عندما تحدث في عنوان فرعي عن المصادر المسيحية ونشأة الصهيونية في أوروبا من القرون الوسطى إلى صراع الحضارات، وبحسب يوسف هندي، فإن الصهيونية لم تبدأ مع تيودور هرتزل، بل لها جذور عميقة في علم الأمور الأخيرة للقبابالية أو "الكابالا" في العصور الوسطى، وهي مذهب في تفسير الكتاب المقدس عند اليهود، يقوم على افتراض أن لكل كلمة ولكل حرف معنى خفيًا، ويعد كتاب "الزوهار" وهو لفظ عبري يعني الإشراق أو النور، أهم كتب التراث الكابالي، تنبأ واضعوه بحدوث صراع عالمي أو حرب وحشية للسيطرة على العالم كله، وقالوا أن هذه الحرب ستنتهي بصعود اليهود وإضعاف كلا المعسكرين ( بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية) وبيموث (المانيا) ويقيمون احتفالا كبيرا بالنصر ووضعوا له الرمز "ليفياثانleviatan  ومعناها الحوت الكبير أو التنين، وهو عنوان للفوضى والدمار.

 ويؤمن بنيامين نتنياهو، أشد الإيمان بأن حرب أدوم إسماعيل مفتاح خلاص اليهود، وقد حث نتنياهو القادة اليهود الفرنسيين على اتخاذ إجراء من خلال تسميتهم "الجماعي الجديد إسحاق أبرافانيل"، بعد ذلك بعامين، عين القادة اليهود الفرنسيون إيمانويل ماكرون رئيسًا للجمهورية، هذا الأخير وهو يسلم جماجم المقاومين الشعبيين لم يقدم اعتذاره عن جرائم فرنسا، ولم يشر في خطابه أن فرنسا تفننت في قطع رؤوس المقاومين الشعبيين الجزائريين، وتراه الأسلوب المفضل لديها، مثلما فعلت مع الثوار الفيتناميين بقطع رؤوسهم والإحتفاظ بها في متحف، هكذا شغفت فرنسا بقطع الرؤوس، كما يقول أحد المتتبعين وعندما تحدث عن جرائم فرنسا في باقي مستعمراتها خاصة جريمة قطع رأس ثوار الكاناك بكاليدونيا واحتفظت برأس زعيمهم في محلول كحولي من قبل جمعية الأنثروبولوجيا الفرنسية، ليتم عرضها لاحقا في متحف التاريخ الطبيعي.

 

 قراءة علجية عيش بتصرف

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم