صحيفة المثقف

الديمقراطية تواجه "الترامبية"!!

عبد السلام فاروقمن أبرز ما أفرزته انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020 ما أطلق عليه البعض "الحالة الترامبية" والتى تحولت إلى ظاهرة أو أسلوب أو موضة سياسية فوضوية حديثة .

أنصار ترامب يعجبهم أداء ترامب برغم اتسامه بالاندفاع والتهور، وقد رأينا كيف أن الإعلانات التى ملأت شوارع وميادين نيويورك وواشنطن ولاس فيجاس امتلأت بصور الرئيس ترامب مرتدياً أزياء أبطال هوليود الأسطوريين كسوبر مان وأيرن مان كأنه رئيس خارق للعادة!

تسببت تلك الحالة الترامبية فى تأخير وتعطيل وإبطاء إعلان الفائز كأن هناك تخوف من لجنة الانتخابات فى الولايات الستة المتأرجحة من رد الفعل المتهور لترامب الذى أبدى رفضه للنتائج وتشكيكه فى نزاهتها واتهامه الصريح بحدوث تزوير عندما قالها صراحةً على تويتر: " أوقفوا التزوير".

الآن وقد دلّت المؤشرات النهائية على تقدم بايدن بما قد يصل إلى نحو 290 صوت انتخابى متجاوزاً الحد المطلوب للفوز بكثير وهو 270 صوت انتخابى. فلا مجال إذن للتشكيك أو الطعن. الأرقام باتت الآن تتحدث بوضوح عن نتائج الولايات المتأرجحة : ولاية أريزونا (11 صوتًا بالمجمع الانتخابى) نسبة الفرز 90%: بايدن 49.7% × ترامب 48.8%. ولاية جورجيا (16 صوتًا بالمجمع الانتخابى) نسبة الفرز 99%: بايدن 49.4%× ترامب 49.3%.. ولاية بنسلفانيا (20 صوتًا بالمجمع الانتخابى) نسبة الفرز 99%: بايدن 49.6%× ترامب 49.2%. . ولاية نيفادا (6 أصوات بالمجمع الانتخابى) نسبة الفرز 87%:بايدن49.8%×ترامب 48.00%..ولاية نورث كارولاينا (15 صوتًا بالمجمع الانتخابى) نسبة الفرز99%: ترامب 50.1% × بايدن 48.7%.. ولاية ألاسكا (3 أصوات بالمجمع الانتخابى) نسبة الفرز 50%: ترامب 62.1% × بايدن 33.5%.

إذن فالكفة ترجح فى اتجاه بايدن الذي حسم المعركة الانتخابية لصالحه ، فأين المشكلة؟

إن المشكلة تكمن بحسب المراقبين من الديمقراطيين والجمهوريين على حدٍّ سواء فى الظاهرة الترامبية المتفردة التى لا تمس ترامب فقط وردود أفعاله المتهورة، وإنما فى أنصاره الذين ملأوا الشوارع أمام لجان الانتخاب شاهرين الأسلحة مهددين بالتمرد على ما تؤكده الأرقام رافضين للديمقراطية راغبين فى فرض الحالة الترامبية الفوضوية على أرض الواقع بأى طريقة ممكنة سواءً باللجوء للمحكمة العليا التى لم تسعف ترامب، أو باللجوء للاحتجاجات الفوضوية.

الأكثرية من المتفائلين يهونون من شأن حالة التنمر والتحفز تلك التى أصابت حملة ترامب وأنصاره فى الشوارع، وأنها حالة غضب عارضة سرعان ما تهدأ بعد إعلان النتائج رسمياً . إلا أن بعض المتشائمين حذروا من بوادر اقتتال بين أنصار الفريقين ، وأن الانقسام الحادث فى الشارع السياسي الأمريكي ينذر بما لا تُحمد عقباه. خاصةً وأن تسليم السلطة سوف يتأخر حتى يناير القادم بحسب التقاليد والبروتوكولات. فماذا عساه يحدث من جانب ترامب وأنصاره خلال شهرين من الآن؟

ثمة قِلة قليلة من الأكثر تشاؤماً يهمسون بأن الظاهرة الترامبية قد تظل مؤثرة حتى بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض وأنها قد تستمر لسنوات كثيرة تالية كمؤثر دائم على مناهج الساسة وأساليبهم، وعلى الشارع الأمريكى والواقع الاجتماعى المنقسم.

فهل تظل الظاهرة الترامبية فى الواقع الأمريكي بعد ترامب؟ دعونا نرى.

 

عبد السلام فاروق

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم