صحيفة المثقف

غورباتشوف الاتحاد و ترامب الولايات

انهيار الامبراطوريات واسبابها قد تختلف بين واحدة واخرى . وبلاتفاصيل لمراحل سقوط امبراطورية الاتحاد السوفيتي  بقيادة  غورباتشوف الذي جاء لينفذ هذا الدور الخفي والمعد له مسبقا من قبل راس المال العالمي والمتمثل في "الدولة العميقة العالمية" . فانتج روسيا الاتحادية بقيادة بوتن  وانهيار حلف وارشو والحرب الباردة. واضمحل معها صراع الهويات والمعتقدات داخل الاتحاد السوفيتي التي كانت متململة وكاتمة لانفاسها بسبب النظام الشمولي فيها .فتفرق الشمل الى دول  وانظمة متعددة الاعراق والانتماءات التي كانت ضمن مجموعة الدول الاشتراكية.

ظهر دور الصين الشيوعية المنفتحة اقتصاديا متجاوزة اخطاء الحزب الشيوعي السوفيتي . فاتجهت الى الاقتصاد الحكومي والمختلط والمجتمعي وفي قطاعات الانتاج العائلي  . كنموذج متحرك ومتغير وله اهداف واسعة تتناغم مع الخصخصة والحكومي.  توجهات لتطوير الصين الماوتسي تونكية الى مراحل تقترب من حركة راس المال العالمي  وتحاكي "الدولة العميقة العالمية" بانها هي الجاذب المستقبلي للاقتصاديات بالعالم ضمن توجهاتها لاستكمال علمانية الاقتصاديات ليستفاد منها الجميع .

في طريق واحد هو طريق الحرير والموحد لاقتصاديات المصالح  الدولية المتنوعة  . فاصبحت الصين محركا ومستثمرا جاذبا على مستويات غير مسبوقة في الانفتاح على جميع موانئ ومنافذ العالم. لكي تلبي متطلبات تصديرها لما يزيد عن 25 مليون حاوية سنويا من موانئهاالسبع الى العالم. لتشجيع جذب استثمارات عالمية، لكي تصبح الصين رائدة اقتصاديات العالم في الزمن المنظور.سيما وان عُملة اليوان الصينية يعادلها الذهب  في أوراق التبادل المالية في شنغهاي . كذلك اصبحت عملة  اليوان ضمن سلة العملات العالمية.

معطيات انهيار الولايات المتحدة بقيادة رونالد ترامب التاجر صاحب الصفقات الانية . والمتطفل على رؤى ومصالح "الدولة العميقة العالمية"مالكة الدولار والطاقة  والمعادن ومنابع المياه ووادي السليكون.واذرعها في انحاء العالم، اينما وجدت المواد الاولية لديمومة التكنولوجيات في العالم المستقر والامن. ظاهرة ترامب الغير مستقرة والطاغية بموقعها الرئاسي الرافض لنصائح الحكماء من حوله وطردهم اينما اختلفوا معه والذي يمثل سياسة الانهيار الممنهج وتحجيم وضع امريكا  كدولة عظمى احادية القطب بعزلة عالمية، وهو اتجاه  اللاعولمة. بل التقوقع في استثمارات داخل امريكا ليقلص حجمها العالمي كدولة وقوة عظمى. فتقزم وجودها ومشاركاتها مع جميع المنظمات والتشكيلات العالمية والاوربية . متبعا سياسة التوحد والعزلة .وهي احد المهام المطلوبة منه، لسحب كل مساهمات امريكا في الانشطة الصحية والمناخية والتجارية والاوربية واليونسكو وجميع المنظمات التي كان لامريكا فيها تواجد سياسي واقتصادي وانساني منذ عقود.وفرض حصارات لم يسبق لها مثيل لاجبار الدول ان تجد تبادلات بديلة لعملة الدولار .

ان الانقسام الايديولوجي الغير مسبوق داخل المجتمع الامريكي و، الذي اعتاد على الاندماج فيما بينه رغم الاختلافات العرقية والمعتقدات والتعايش الذي وحد الهويات الى هوية واحدة هي امريكا وولاياتها الخمسين. ترامب الخاسر بالانتخابات وجمهورالحزب الجمهوري الترامبي بحوالي 72 مليون الذي يمثل بغالبيته  اليمين المسيحي الانجيلي .مقابل الحزب الديمقراطي الموصوف  باليسار البايدني بحوالي خمسة وسبعون مليون ناخب ومؤيد وداعم. هو انقسام كتل اجتماعية هائلة تختلف في رؤياها العقائدية والاقتصادية وتفرز توجهات عنصرية تناقض كل ماتم بنائه من ممارسات ديمقراطية سابقا الى ظاهرة ماننطيها الترامبية.

وما يؤجج الصراع ويهدد الانهيارات المجتمعية هي بوجود امثال ترامب الذي يدعي فوزه ورفض ديمقراطية الانتخاب والاعتراف بالخسارة. والتطرف ضد الاخرين من اعراق اخرى ضمن المجتمع الامريكي.والاخطر انه الرئيس الخاسر والذي يمتلك كامل الصلاحيات لاي قرار يتخذه داخل او خارج امريكا قبل 20من يناير 2021 ليترك خلفه تعقيدات تواجه خصمه الفائز وهو تصرف المتهور الخاسر. الذي يُسرع في تعاظم الانقسامات الداخلية وترك اكثر من فراغ، في حال اتخاذه لقرارات غير مدروسة تزعزع الامن وتخلط الاوراق في الداخل او في منطقتنا ويشجع اسرائيل لاتخاذ حماقات مدعومة امريكيا وممولة خليجيا.

اضف لذلك البيئة والظروف الاقتصادية بجميع انقساماتها اصابها ضرركبير من خلال تبعات توقف المعامل والمرافق الاقتصادية وملايين العاطلين عن العمل .وصراع بين من يحمل السلاح مطالبا  العودة للحياة الطبيعية لما قبل فايروس كورونا . وهم اتباع ترامب وولايات متعددة التوجهات في هذه الظروف والبطالة التي تعم الولايات الامريكية. دور ترامب القائد قد ادى مهمته كما نفذها وسيتم قطف ثمارها بالزمن المنظور . كما كان دور القائدغورباشوف رغم اختلاف الادوات والامكنة.

الخلاصة:

مستقبل استثمارات راس المال العالمي المرتبط بمصالح "الدولة العميقة العالمية " يتجه الى الصين وحلفائها من اقتصاديات، مستقرة غير قلقة، تنمو باستمرار ومنها الهند والمنظمات الاقتصادية في بريكس (الصين، الهند، روسيا، البرازيل وجنوب افريقيا) مع منظمة شنغهاي الاقتصادية . وصندوق الاستثمار العالمي لدعم طريق الحرير من قبل: البنك الدولي الذي يمثل الخزانة الامريكية بالمال الخفي العالمي و صندوق الائتمان الاسيوي اضافة لصندوق دعم بريكس . لتمويل ثمانية ترليون دولار. لمستقبل واضح لتوجهات بدائل امريكا العظمى حاليا والتي ستكون الثانية في عالمنا الجديد مابعد كورونا . وسقوط ترامب ونجاح الصين في هدفها الاقتصادي واالجيوسياسي لما خطط له في يوهان الفايروس المشيطن سياسيا واقتصاديا. ينسجم مع العجز المالي وديون امريكا الداخلية والخارجية التي تقترب من 25 ترليون دولار.لتتحول الى قطب ثاني يلي الصين .

السؤال المحوري: اين نحن العرب من كل مايجري في هذا العالم ؟ متى نتخذ موقفا ونتموضع في حيز من الامكنة الشاغرة الان.؟ و بعكسه فلن يكون لنا موقع الا  كمتفرج في ساحات اللعب نشجع هذا ونسقط ذاك اشبه بالضائع الذي لايعرف طرق ومسارات  اضرار ومنافع  الخسارة والربح.

 

د. اسامة حيدر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم