صحيفة المثقف

شِعرٌ على شِعرٍ!!

صادق السامرائيالشعر مرآة وجود أمة، وإنْ قالوا أن الشعر ديوان العرب، ففي حقيقته يرسم ملامح شخصية العرب، وما يتصل بها من عناصر مكانية وزمانية، وتفاعلات ذات تداعيات ومعطيات تصوغ وجودها وتشكّل كيانها، وجوهر ما فيها من القيم والضوابط والمعايير والأخلاق.

وشعر الأمة صورتها الواضحة الصادقة، ولكل أمة شعر يمثلها ويعبّر عن مراحل وجودها في نهر التأريخ الدفاق.

وشعر العرب المعاصر يمثلهم أصدق تمثيل، ويرسمهم بتفاصيل مسهبة تكشف عن العورات والمثالب والغفلات.

فشعرنا ينتسب إلى وجودنا الكالح المرير، وهو بكائي دامع، رثائي يتمادى باللطم وجلد الذات، والإنتقام من الحاضر والتنكر للمستقبل، ويندحس في ظلمات الغوابر والأجداث.

شعر مَواتٍ وإنقراضٍ ونسفٍ للذات!!

ولهذا فأنه شعر لا يُقرأ، وينتظر أن يُرمى في نفايات الأيام، لمناهضته إرادة الحياة وقدرات تقرير المصير.

وهو شعرٌ بائد، لا يعرف الحضور خارج زمنه الخامد؟!!

ولا يُقارن بشعر الأمة في عصور توقدها وسطوعها الحضاري، الذي يمثل معاني الأنفة والقوة والإقدام والقدرة على صناعة الحياة، ويتميز بالشهامة والفخر والكبرياء المديد، وتمثلَ في شعراءٍ بَسطوا إرادة كلماتهم على العصور من بعدهم، ولايزالون أحياء بأشعارهم، ويمدوننا بقدرات التحدي والبقاء.

أما (شعراء) اليوم فمعظمهم من مأبّني الأمة، والمُجيدين للبكائيات، وتبرير الويلات، وإستلطاف النكبات، ونصوصهم أفكارٌ مُضْطَرِبات.

فتحية لشعراء أمة تكلموا بلسان القوة والعزة والإباء، وليستفيق شعراء يكتبون بمداد الدموع والآهات والداء!!

 

د. صادق السامرائي

30\10\2020

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم