صحيفة المثقف

الروائي أمين زاوي وحديث عن مثقفي الأضواء ومثقفي الأنوار

علجية عيش(شخصية مستقلة كسرت كل الطابوهات)

يقسّم الروائي الجزائري أمين زاوي النخبة المثقفة إلى فريقين : فريق يمثل مثقفي الأضواء وفريق يمثل مثقفي الأنوار، وكلاهما مختلفان، يميل أمين زاوي إلى الفردانية ويقف ضد الأغلبية في مواجهته الإعصار، يختلف أمين زاوي عن باقي النخبة المثقفة الجزائرية التي أسالت حبرها في الحديث عن رجال السياسة ورجال عسكر توفوا وحملوا في صدورهم العلبة السوداء، فيما صبَّ هو اهتمامه على العلبة السوداء للإسلام la boite noir de l’islam وهو بذلك يسير على نهج المفكر الجزائري محمد أركون، الذي اهتم بالظاهرة القرآنية، ودعا إلى نقد النص الديني لاسيما والإثنان محسوبان على التيار العلماني لكن من وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر مالك بن نبي الإسلامية

وقد عبّر الروائي الجزائري أمين زاوي عبر صفحته بموقع التواصل الإجتماعي عن موقفه من الوضع الذي تعيشه الساحة العربية والمغاربية بالخصوص، وقال أنه في اعتقاده هو أن الطبقة السياسية المغاربية الكلاسيكية أظهرت فشلها، وحان الوقت لكي يتعامل مثقفي الاضواء مع أزمة شمال افريقيا المزمنة، من خلال استخدامهم خطابا جديدا وخلق جسور قوية بين شعوب المنطقة، كما حان الوقت لأن يأخذ مثقفو الأنوار بمسؤولية هذه الأزمات المزمنة التي تنخر منطقة شمال إفريقيا، ويفهم من هذا أن أمين زاوي قسّم النخبة المثقفة إلى فريقين: فريق يمثل مثقفي الأضواء وفريق يمثل مثقفي الأنوار، وكلاهما مختلفان، الفئة الأولى تركز على ظهورها أمام الكاميرات لتظهر أمام الرأي العام بأنها صاحبة موقف ولها رأي، وأن الحلول بيدها وتكاد أن تقول انها المخلص والمنقذ.

والفئة الثانية تنشط وتناضل بعيدا عن الأضواء، بمعنى أنها تعمل في صمت، وتتخذ من نشاطها أسلوبا تنويريا، لأنها صاحبة قضية وتناضل من أجلها، عكس الفئة الأولى التي تمارس الثرثرة السياسية فقط، دون تقديم الحلول والعلاجات لكل أنواع الباتولوجيا، سياسية كانت أو اقتصادية أو فكرية، بالرغم من ذلك فأمين زاوي يرى أن الإثنان لهما رسالة يؤديانها، حيث دعاهم للأخذ بمسؤولية هذه الأزمات المزمنة التي تنخر منطقة شمال إفريقيا، بالاستثمار في خطاب جديد واضح وبراغماتي ومد جسور صلبة وآمنة بين الشعوب دون إقصاء، لأن العصر اليوم كما يقول هو، هو عصر التكتلات الاقتصادية والثقافية واللغوية، وفي مقام آخر ينتقد أمين زاوي الدبلوماسية الجزائرية في عهد بوتفليقة الذي كان مسنودا بدبلوماسية قائمة على المال والتكتلات الإقتصادية والمصالح المشتركة، ويرى أن هذه الدبلوماسية فشلت في تحرير نفسها وظلت أسيرة خطاب حركات التحرر، الصراع اليوم بين تيارين أحدهما ظلامي وآخر تنويري، وليس اللغة هي حجر الزاوية وإنما "الفكر" وحده الذي يحدد أي نهج يسير عليه كل تيار.

لم أقرأ روايات أمين الزاوي ولكني أتابع ما يكتبه من مقالات ونشرها في مختلف المواقع العربية والمغاربية، وبخاصة موقع "الأنطولوجيا "، وله خرجات فجائية يصدم بها القارئ، وهو ما جعله موضع انتقادات لاسيما من النخبة الجزائرية، ولكن روايته التي بعنوان: "حريق في الجنة" incendie aux paradis (المرأة والدين والثقافة) ورغم أنني لم أقرأها، إلا أنه لاشك أنها تطرح عدة أفكار ورؤى حول حرية المرأة وما تواجهه من عقبات على مستوى ديني، ثقافي ورؤية المجتمع المتعصب لها، وخلاصة القول أن من يتتبع أفكار أمين زاوي يقف على أن هذا الروائي أراد أن يكون منفردُ الفكر حتى مع نظرائه المعارضين، ولذا يسعى لتكسير كل الطابوهات، ويكون مختلفا في طريقة تفكيره وأسلوبه الكتابي، بدليل أن الذي يقف على ما يطرحه من أفكار يدرك أن الرجل يمتلك شخصية مستقلة، حرٌّ في تفكيره، يعبر عن رأيه بجرأة، بعيد عن أي عقدة نفسية.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم