صحيفة المثقف

المواقع صوامع!!

صادق السامرائيفي عصر التواصل المُسمى بالإجتماعي، تحوّلت المواقع والصحف والبوابات التي من المفروض أن تهتم بالمعرفة والثقافة إلى منصات للتفاعلات الإجتماعية، والترويحات والفضفضات الخالية من القيمة الفكرية والإبداعية، وصار كل موقع مغلق على بضعة أشحاص يتبادلون المديح والمجاملات، ليخدعون أنفسهم على أن ما يقدمونه إبداع.

وتسيّد هذا النشاط في المجتمعات المتأخرة المستورِدة لكل شيئ، والتي تستهلك ما تنتجه المجتمعات المتقدمة عليها، ولا تأتي بجديد وأصيل لخدمة مصالحها وإنطلاقها المعاصر، فإستلطفت سلوك التبعية والتدحرج الفتان إلى حيث تركلها الأقدام.

مواقع تحجّرت وتجمّدت وما عادت ذات قيمة وأثر في المجتمع، لأنها إنغلقت وتآكلت وما تفاعلت مع حركة الحياة العاصفة في أركان الدنيا الدوّارة المتسارعة الخطوات.

ويبدو أن وباء الكورونا قد ألقى بظلاله عليها فحوّلها إلى منافذ للتواصل وحسب!!

وأكتب في مواقع منذ بداية هذا القرن، وما وجدت لها نفعا وتأثيرا في الواقع المُعاش، فدورها كان أقوى في بداية إنطلاقتها، أما اليوم فهي روتينية تُلقى على صفحاتها الإنفعالات والتفاعلات السلبية الخالية من المعايير الأخلاقية والأعراف الثقافية، ولا تقرأ فيها ما يزيدك معرفة وعلما وينوّرك بجديد.

وعندما تبحث عن مقروئيتها تجدها قد تدنّت، وصار زوّارها بضعة عشرات أو هم فقط الذين يكتبون فيها.

وتتساءل عن منفعة وقيمة إستمرارها، وهل أنها هرمت وذوت، وإنتفت الحاجة إليها؟

فالموقع لا يمكنه أن يبقى إذا تجمّد وتحجّر وأهمل نوعية المادة المنشورة فيه، ولابد له أن يضع معايير ورؤى ومنهاج ثقافي معرفي متفاعل مع إرادة الحياة المتجددة وتطلعاتها المستقبلية، لكي يواكب ويصنع تيارا مؤثرا ومتوثبا متوافقا مع إيقاع خطوات الأجيال.

فهل للمواقع أن تعيد النظر برؤيتها ومناهجها التنويرية لكي تتواصل وتفيد؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم