صحيفة المثقف

أهِبُ نفسي إليكِ

عاطف الدرابسةقلتُ لها:

أهِبُ نفسي إليكِ

قصيدةً اسطوريَّةَ اللُّغةِ

والإيقاع

حاولي إن تقرئي السُّطورَ

وما بينَ السُّطورِ

ابحثي في ليلِها

عن أسبابِ عزلتِي

وانطوائي

واستخرجِي بعضَ صُورِي

وأفكاري

وخبِّريني مَن سرقَ ناري

ونَسَلَ الضُّوءَ من بَرقي

والصَّوتَ من رعدي

وجفَّفَ في حقولِ المعرفةِ

مائي ..

 

أهِبُ جسدي إليكِ

روايةً عبثيَّةَ التَّأليفِ

والتَّكوينِ

لا بطلَ فيها .. ولا شخوص

فقد ماتوا قبلَ التَّأليفِ ..

 

أهِبُ عقلي إليكِ

كأساً فارغةً إلَّا من جنوني

ومن أحزاني ..

 

أهِبُ نفسي إليكِ ؛

لأتحرَّرَ من عقائدي

ومذاهبي

وطوائفي

وأغلالِ أفكاري ..

 

أهِبُ نفسي إليكِ ؛

لأُولدَ مرَّةً ثانيةً

أخرسَ

أتحدَّثُ بلغةٍ صامتةٍ

كلَّما ألقيتُها على الخُرسِ

تولَّدت منها نارٌ

لا تُشبهُ النَّارَ

وتدفَّقَ منها ماءٌ

لا يُشبهُ الماءَ

فلا ماؤُها يُطفئُ

ولا نارُها تشربُ الماء ..

 

أهِبُ نفسي إليكِ ؛

لأمحوَ كلَّ أخطائِي

وأمدَّ حِبالَ وَصلِي

مع الموتى

وأنفخَ في الطِّينِ

فيُبعثَ الموتى أحياء ..

 

أهِبُ نفسي إليكِ ؛

لأستعيدَ ملامحي القديمةَ

ووجهيَ الأوَّلَ

وعقليَ الأخيرَ

فقد سئمتُ من الاستعاراتِ الفاسدةِ

والمجازِ البليدِ

ومتاهاتِ الطَّريقِ

فحينَ أضعتُ ملامحَ وجهي

ضاعَ وطني

وفقدتُ في عينيَّ الضُّوءَ

وفقدتُ الطَّريق ..

***

د. عاطف الدرابسة

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم