صحيفة المثقف

كورونا ضد التعليم!!

عبد السلام فاروقالدروس الخصوصية اليوم باتت الملاذ الوحيد فى مدارس بلا تعليم أو شرح. لا أعلم كيف تفتق ذهن وزارة التعليم عن فكرة التعليم بدون شرح، ولمصلحة من؟

تلك الوزارة التى أدمنت التصريحات المربكة المتناقضة التى يحار الجميع فى تفسيرها بما فيهم مسئولى الوزارة أنفسهم! التعليمات الواضحة أن الشرح ممنوع فى الفصول، والمعلم ممنوع من تحضير الدرس على النهج الذى اعتاد أداءه طوال عمره . حتى أن بعض المدرسين تم تحويلهم للتحقيق لمجرد أن توجيه المادة قبض على المدرس وهو يمارس الشرح فى الفصل رغم التعليمات المؤكَّدة والواضحة من الوزارة بالامتناع التام عن مثل هذا الشرح لأن وقت الحصص لا يكفى !

الغريب أن التصريحات والتعليمات تؤكد على الناحية الأخرى أن الامتحانات فى موعدها، وأن التقييمات الشهرية ونصف السنوية باقية على أساس الامتحان التحريري المعتاد، فكيف يتفق هذا مع ذاك؟

حجة الوزارة تشجيع القنوات التعليمية التى ليس لها فائدة تُذكَر، ولا تكفى بطبيعة الحال بديلاً عن الشرح التفصيلى والمتابعة اليومية فى الفصول المدرسية .

الحجة الأكبر التى يتوارَى خلفها النظام التعليمى الفاشل (كوفيد19). وكأن كورونا هو الذى أفسد علينا التعليم كأشياء كثيرة فسدت بفعل فاعل، والمتهم ظلماً وباء كورونا . والحقيقة الواضحة أننا نسير عكس الاتجاه السليم بفضل وزير يتشبث بمنظومة تطوير أثبتت فشلها الذريع. وأهدر من أجلها ملايين الجنيهات دون جدوى حقيقية.

إن الذى حدث أن جميع الأسر المصرية باتت تعانى أشد المعاناة من تكلفة الدروس الخصوصية التى تضاعفت بسبب احتياج معظم الطلاب لأغلب المواد الدراسية بعد انعدام وجود الشرح بالمدرسة، ولأن الدرس الخصوصي بات ملاذاً وحيداً ورسمياً تشجعه الوزارة .فقد أصبحت الدروس تمثل عبئاً ثقيلاً على الجميع، وبات التعليم على ما فيه من مثالب هو الشبح الذى يطارد البيوت. فأى تعليم بقيَ فى مدارس بلا شرح ومعلمين لا همَّ لهم إلا تحفيز الطلاب على حجز الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية؟!

لماذا تصر الوزارة على ابتكار حلول عقيمة فى كل مرة؟ ولماذا لا تكتفى بتقليد النموذج العالمى للتعليم عن بعد فى زمن الجائحة؟ لماذا الإصرار على تعذيب الأسر المصرية والطلاب، ومن قبل هذا هدم التعليم حتى لدى المعلمين أنفسهم، بعد أن استناموا لطريقة التعليم منزوع الدسم والشرح. والتى أسلمتهم لحالة غريبة من الكسل والانتهازية ذات الطابع الرسمى؟!

يا أيها المسئولون عن التعليم فى مصر ارفعوا أيديكم عن التعليم قبل أن يتم القضاء على البقية الباقية منه. وإذا كانت خططكم ومناهجكم قاصرة عن تحقيق التطوير المزعوم  فاكتفوا بالنماذج التقليدية المعروفة التى أثبتت فعاليتها وما أكثرها. ألم تكتفوا بتحويل التعليم إلى بيزنس و"سبوبة" تتهافت عليها المدارس الخاصة والدولية ومدارس اللغات ؟ ألم تشبع البطون من عائدات مجموعات تقوية يعود أكثرها على المسئولين الكبار بينما تتبلغ المدارس بنسبة قليلة من هذه العائدات؟

 التعليم بات اليوم طريقة للتعذيب والابتزاز بدلاً من أن يصبح وسيلتنا لغد لا أعرف كيف أتفاءل بأنه سيغدو مشرقاً يوماً ما!

 

عبد السلام فاروق

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم