صحيفة المثقف

قناديلُ على دربِ الضّباب

نبيل عرابيمَنْ قطعَ لكَ بطاقةَ هذا الحزنِ المتدلّي من عينيكَ،

مَنْ أَوْقدَ هذا التنّورَ المتوهّجَ في أنفاسِكَ،

مَنْ سَوّرَ هذا الحلمَ في باحاتِ ذاتكَ،

مَنْ  أَخْرَسَ هذا الصوتَ المُجَلجِلَ في عَصْفِ روحِكَ،

وكأنّ التاريخَ سُلالةُ ريحٍ تعبثُ بقسماتِ الحياة،

فتُعيدُ تركيبَ تفاصيلها،

كُلّما خطرَ لها،

وباللونِ الّذي تراهُ مُناسباً،

فوقَ صفحةِ مياهٍ أضْحَت راكِدَةً،

إلّا مِنْ لُصوصيّة الحُشرية وما تبقّى من حُبِّ الفضول،

وكأنّ التاريخَ كتابُ أَرَقٍ،

لا يخجلُ من تقليبِ صفحاتِ الزّور المُستترِ بشوكِ الصبرِ المُتسلّقِ دوماً في الحَنجرة، والعين، ونمطِ العيشِ الرّتيب...

وكأنّ فصولَ السنةِ الواحدةِ تشكو ألَمَ الفراق فيعودُ الخريفُ زائراً، ويُقيمُ الشتاءُ طويلاً، ويعتذرُ الربيعُ عن موعدِهِ، كعادتهِ، ويرحلُ الصيفُ إلى غيرِ عودة...

وكأنّ العدَّ العكسيَّ على أصابعِ اليدِ الواحدةِ يُكرّرُ نفسَه، كُلّما نما في الكَفِّ بُرعمٌ وكلّما حزمَ الطفلُ الشقيُّ أمتعتَهُ إستعداداً لأكثر من احتمال سفر، على دربٍ بانت ملامحُها في أكثر من قنديل، وغابت إنحناءاتها مع مواسم الضباب الآتي من احتراقٍ عبثيٍّ هادىء...

فغدا الدربُ الضبابيُّ صبحاً..

ومساءً..

لايهتمُّ لأمرِ القناديلِ المعتادةِ على شُحِّ مخزونها وانحسارِ نورِها، والإكتفاء بتعليقها دون الإهتمام للفتِ الأنظار إليها.

***

نبيل عرابي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم