صحيفة المثقف

العميد طه حسين وحركة النقد في العصر الحديث

يسري عبد الغنييعود إلى طه حسين كثير من الفضل في تحريك الركود الذي كان يحيط بالنقد الأدبي في مطلع القرن العشرين، وقد طرح طه حسين حول دراسة الأدب كثيرًا من الأسئلة، وأثار عدد من القضايا، كما دعا إلى تطبيق بعض مناهج النقد الغربي على الأدب العربي، ومن أهم القضايا التي أثارها طه حسين، ونشأت عنها مناقشات واسعة أحيت الدراسة الأدبية النقدية: قضية (انتحال الشعر)، وقضية (الشك) في وجود بعض الشعراء، وبخاصة الشعراء الذين عرفوا بقول الشعر العاطفي العفيف الذي يعرف بالشعر العذري.

على أن لطه حسين جوانب أخرى مهمة فيما يتصل بطريقة تناوله للأدب العربي، فقد طبق المناهج التي استفادها من المستشرقين، وكانت تعلق أكبر الأهمية بالبيئة التي أحاطت بالأدب من ظروف سياسية واجتماعية وجغرافية.

وطه حسين إلى جانب ذلك صاحب حس لغوي موسيقي مرهف، وقد وقف وقفات طويلة عند كثير من قصائد الشعر القديم، في كتبه (حديث الأربعاء) و (حديث الشعر والنثر) و(مع المتنبي) ، وقد أضاءت هذه الوقفات جوانب الشعر، وحببت إلى الناس قراءته.

كذلك اهتم طه حسين اهتمامًا كبيرًا بالشعر في العصر الحديث، وقدم فيه نظرات تنهض على أساس القراءة المتذوقة، والفقه اللغوي الصافي، وإن كان أحكامه لا تحظى باقتناع كل النقاد.

ومن العسير القول: بأن طه حسين صاحب نظرية نقدية كاملة ومتميزة، فلقد كان يستخدم مناهج عدة، فيها الحس بالتاريخ، والتذوق اللغوي، وفيها الاهتمام بالحياة الاجتماعية، وبمسيرة الكاتب الشخصية، وهو لم ينفذ إلى النفوس عن طريق دعوته إلى نظرية محددة، بمقدار ما نفذ إليها عن طريق خبرته الواسعة بالتراث العربي وفهمه النافذ لنصوص الشعر وتقريب كل ذلك إلى أذهان الناس وتذليل سبله أمامه، ويكفي لكي تطلع على طريقة تذوق طه حسين للنص الأدبي وتقديمه إلى القارئ أن تقرأ على سبيل المثال كتابه: (مع المتنبي).

 

بقلم/ د. يسري عبد الغني

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم