صحيفة المثقف

عود على الامثال الروسية (19)

ضياء نافعالترجمة الحرفية – كل شئ يمكن ان تجده في العالم، عدا الاب والام.

التعليق – الله ! ما أجمل هذا المثل، هكذا صاح صاحبي عندما سمع المثل الروسي هذا. أيّدته انا طبعا، وقلت له - لا يوجد عند الانسان – اي انسان – أعزّ وأقرب من الوالدين.

**

الترجمة الحرفية – اللسان الطويل ليس من أقرباء العقل.

التعليق – طبعا، اذ لو كان من أقرباء العقل لما أصبح (طويلا !). الصورة الفنية في هذا المثل مبتكرة بكل معنى الكلمة، وهي في غاية الطرافة والدقة ايضا. هناك امثال وحكم كثيرة عند مختلف الشعوب حول اللسان، وكلها تؤكد، ان اللسان الطويل ليس من أقرباء العقل فقط، وانما من ألدّ أعداء العقل ايضا. لنتذكر نموذجا واحدا من تلك الامثال، وهو المثل العربي – اللسان أجرح جوارح الانسان.

**

الترجمة الحرفية – لا تسأل الاطرش عن تغريد البلبل.

التعليق – قال صاحبي وهو يضحك، انه بعض الاحيان يسأل الطرشان حول تغريد البلابل متعمدا، كي (يتمتعّ !) بثرثرتهم ويحدد مستوى (طرشهم الثقافي !)، ولهذا فانه ليس موافقا على ما يدعو اليه المثل الروسي. ضحكت أنا، وقلت له، ان المثل لا يجبرك على ان تخضع له، خصوصا اذا كنت (تتمتع !) بالحديث مع (الاطرش بالزفّة)...

**

الترجمة الحرفية – العيش و الحياة ليس مع الثروة، وانما مع الانسان.

التعليق – هذا جواب حازم وصارم ورائع ل (اللواتي !) يبحثن عن زوج غنيّ ليتمتعن بثروته، بغض النظر عن كل شئ آخر، وكم من مآسي حدثت بسبب هذه المفاهيم (التجارية !) في المجتمعات كافة، وليس فقط في مجتمعاتنا...

**

الترجمة الحرفية – دون ان تتذوق، لن تعرف الطعم.

التعليق – مثل منطقي واضح المعالم، وهو ينطبق على كل شئ في الحياة، ف (النظرية دون تطبيق ميّتة) كما يقول المثل الاغريقي الفلسفي القديم. لنتذكّر مثلنا البسيط والعميق – التجربة احسن برهان...

**

الترجمة الحرفية – ليس الحصاد من الندى، وانما من التعرّق.

التعليق – الحصاد يأتي نتيجة عمل الانسان وجهده، اي (من عرق جبينه) كما يشير القول العربي المأثور. المثل الروس هذا – واقعي وحقيقي ورمزي ايضا.

**

الترجمة الحرفية – بالدموع لا يوجد حلّ للمصيبة.

التعليق – تسيل الدموع عند المصائب غصبا على الانسان وبلا ارادته، والدموع تخفف الضغط الهائل للمصيبة على النفس الانسانية، ولكن الدموع ليست حلّا لمعالجة المصيبة طبعا. المثل الروسي منطقي جدا، وهو يذكّر الانسان بضرورة التماسك والتحلّي بالصبر عند المصائب...

**

الترجمة الحرفية – البحر يحب الشجعان.

التعليق – والشجعان يحبون البحر ايضا. نحن نتذكّر ونتعاطف طبعا مع ابيات الشعر التي ذهبت مثلا، عندما جاءت معذّبة الشاعرالاندلسي (...من غيهب الغسق) وسألها – (... أما خشيت من الحرّاس في الطرق؟)، فقالت له الحبيبة الشجاعة يكل ثقة - (...من يركب البحر لا يخشى من الغرق).

**

الترجمة الحرفية – كل انسان حدّاد سعادته.

التعليق – نعم، هذا صحيح، و(الحدّاد!) يصنع كل شئ بالعمل اليدوي الشاق والصعب، اذ انه يتعامل مع الحديد. مثل جميل وعميق، ويؤكد على ان سعادة الانسان من صنع عمل ذلك الانسان، عمله الشاق والصعب، الذي يشبه عمل الحدّاد وهو يطاوع الحديد.

 ***

أ.د. ضياء نافع

.......................

من الطبعة الثانية المزيدة لكتاب: (معجم الامثال الروسية)، الذي سيصدر عن دار نوّار للنشر في بغداد وموسكو قريبا.

ض. ن.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم