صحيفة المثقف

لقاحات كورونا بين الحقائق والأوهام

عبد السلام فاروقعام جديد سوف يهلّ والمخاوف تتجدد من عودة شبح الوباء فى صورته الأولى المرعبة التى رأيناها فى ووهان الصينية منذ ديسمبر 2019. غير أن العالَم اليوم بات متأهباً بأسلحة مختلفة كالوعى الجماهيري والتحفز الحكومى والبحث العلمى الذى توصل فى عدد من البلدان لعدة علاجات ولقاحات تم البدء فى إنتاج بعضها كاللقاح الروسي، والشروع فى إنتاج البعض الآخر كلقاح فايزر وسانوفى وغيرهما.

ثمة تساؤلات محورية وعاجلة تملأ ساحات الرأى العام العالمى الآن.. ما حقيقة فاعلية اللقاحات والعلاجات الآسيوية بدءاً من اللقاح الروسي والريمدسفير وغيره من مضادات الفيروسات، وهل أثبتت فاعليتها كما يشاع؟ وإذا كانت فعالة فلماذا الانتظار؟ ماذا عن تكلفة تلك اللقاحات والعلاجات والأمصال، ألن تكون علاجاً قاصراً على المقتدرين والأغنياء والموسرين بعد أن أكدت الأنباء ارتفاع تكلفة الأمصال ، فهل تستطيع الدولة توفيرها بتكلفة أقل؟ إن الأنباء تتحدث عن نحو 42 مصلاً يتم تطويرها فى مختلف البلدان وشركات الأدوية العالمية والجامعات الكبري ومراكز الأبحاث، وقد سبقت شركة فايزر التى تحوز ثقة عالمية لدى سائر المؤسسات الطبية بالإعلان عن لقاح فعال قامت بتطويره. فما حقيقته؟ وهل يسهم حقاً فى تقليل مخاطر الوباء فى موجته الثانية التى بدأت مع زحف الشتاء والطقس البارد؟ كلها أسئلة ما زالت تشغل بال الجميع دون إجابات شافية.

سلسال العلاجات

أقرت منظمة الصحة عدداً من العلاجات التى ساهمت ومازالت تساهم فى تقليل مضاعفات وباء كوفيد19 كعقار "ريمديسفير" مضاد الفيروسات المستخدم فى علاج الفيروسات الخطيرة كالمتلازمة التنفسية والإيبولا، وعقار الديكساميثازون أحد مشتقات الكورتيزون . وكلاهما له تأثير محدود فى علاج بعض حالات كورونا.

وقد توقفت المستشفيات والمؤسسات الطبية عن استخدام عقار "هيدروكسي كلوروكين" بعد أن تم استخدامه لمدة طويلة بعد تصريحات ترامب المتسرعة بفاعلية العقار، وما نتج عن هذا التصريح من استخدام خاطئ ومفرط أدى لوفاة بعض الحالات. حتى منعت منظمة الصحة العالمية استخدامه لعلاج وباء كورونا.

وفى مدغشقر كشف الرئيس أندري رجولينا فى أبريل عن مشروبٍ من شاي الأعشاب سُمي "كوفيد أورجانكس" ادّعى أنه علاجٌ فعال للوباء، فى حين حذرت منظمة الصحة العالمية من تناول هذا المشروب كعلاجٍ لكورونا.غير أن الغريب فى الأمر أن مدغشقر قد سجلت نسب شفاء مرتفعة وصلت إلى نحو 96.5%!

أما عن اللقاح الروسي الذى أعلن عنه الرئيس بوتين فى أغسطس تحت اسم: "سبوتنيك7" فهو طبقاً للمزاعم الدعائية أنه لقاح يمنح مناعة مستدامة وأنه فعال بما فيه الكفاية طبقاً لبوتين ، وأن ابنته تناولت اللقاح دون أن تظهر عليها أية أعراض جانبية. وأن روسيا سوف تقوم بإنتاج ملايين الجرعات الشهرية بحلول عام 2021. تأتى تلك التصريحات فى ظل موجة تفشى كبيرة لفيروس كورونا فى روسيا تبلغ نحو 15 ألف إصابة يومياً ، فى حين تخطى الشفاء بها حاجز المليون حالة بنسبة 77%.

لقاح فايزر

لم يأتِ اللقاح الأمريكي الأخير من فراغ، بل سبقته أبحاث ولقاحات لمراكز بحثية أمريكية أخرى؛ فقد طور علماء في كلية الطب في جامعة واشنطن لقاحاً جديداً لفيروس كورونا أقوى عشرة أضعاف من اللقاحات التي تم تطويرها مؤخراً باستخدام خلايا مناعية من متعافين من "كوفيد- 19". وذكر موقع صحيفة ميترو البريطانية، إن اللقاح يعمل على تنشيط الذاكرة الحية للخلايا المناعية، لتصبح أسرع في إنتاج الأجسام المضادة حال إعادة إصابة الشخص بالفيروس مرة ثانية. وفيما أثبتت التجارب على الحيوانات فاعلية المصل، فإن الأنباء حول فاعليته على البشر ما زالت متضاربة خاصةً بعد شائعة وفاة برازيلى جرّاء التجارب السريرية للمصل، وهو ما يثير المخاوف تجاه المصل ومدى إمكانية تلافى أخطاره وآثاره الجانبية فى المستقبل القريب! فماذا عن لقاح شركة فايزر؟

إنه اللقاح الذى أعلنت عنه الشركة الأمريكية العملاقة فايزر بالاشتراك مع شركة "بيونتك" الألمانية برئاسة العالم (يوجور شاهين) . وطبقاً للشركة أن المصل بإمكانه أن يمنع الإصابة بمرض كوفيد-19 لدى أكثر من 90 %من الأشخاص. وقد شارك في الاختبارات على اللقاح 43 ألف شخص في 6 دول. ويُعطَى اللقاح على جرعتين، تفصل بينهما ثلاثة أسابيع. وفي مقابلة مع بي بي سي، قال شاهين إنه واثق من أن اللقاح سيقلل انتشار العدوى، كما سيمنع ظهور أعراض المرض لدى من يحصلون عليه. والشركة لديها اتفاق لبيع 100 مليون جرعة من لقاحها لحكومة الولايات المتحدة ، بالإضافة لإمكانية إمدادها بنحو 500 مليون جرعة إضافية. وأعلنت شركة "فايزر" قبل أيامٍ إنها ستبدأ تجربة لقاحها على الأطفال حتى سن الـ12 عامًا.

العائق الكبير الذى ظهر لاحقاً أمام عالمية التداول لمثل هذا العقار بدا أولاً فى طريقة النقل العسيرة له؛ إذ أن الجرعات لا يتم نقلها إلا فى عبوات خاصة فى درجة حرارة تصل إلى سبعين تحت الصفر! وهو ما يعوق استخدامه وتداوله فى البلدان الحارة أو ذات الإمكانيات الصحية المتدنية. ثم أن هناك عائق ثانٍ أهم: وهو عائق الوقت؛ إذ أن الشركة أعلنت أن أولويتها الحالية تصب فى مَدّ أمريكا بمتطلباتها العاجلة للمصل فماذا عن باقى بلدان العالَم؟

السباق مستمر

السباق اليوم على أِشده للمسارعة بإنتاج لقاح لوباء كوفيد19 ، وهو ما بدا من الإعلان الذى خرجت به شركة "موديرنا" الأمريكية للقاح مضاد لكورونا بنسبة فعالية بلغت 94.5% . وهو ليس اللقاح الوحيد الذى وصل إلى مراحل متقدمة ؛ فمن بين اللقاحات الأخرى التي تخوض اختبارات المرحلة الثالثة هناك عقار شركة "جونسون آند جونسون" ومجموعة "أسترازينيكا" وشركة سانوفى.

كل هذا يبشر باقتراب وجود مصل نهائى فعال قد يسهم فى القضاء على كورونا ولو جزئياً.

 

عبد السلام فاروق

         

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم