صحيفة المثقف

اختلاف

عامر كامل السامرائيللشاعر اليوناني: يانيس ريتسوس

ترجمها عن المجرية: عامر كامل السامرّائي


هُنا، كثير مِنْ الأَشْياءِ عَلَيْنَا نِسْيانُها.

فَلَا نافِذة هُنَا، نَتَطَلَّعُ مِنْهَا إلى البحرِ.

والنَّظَرُ إلى البحرِ مِنْ نافذةٍ، مُخْتَلف

ليسَ كالنظرِ إِليهِ عبْرَ الأَسلاكِ الشّائِكةِ.

صَوْت طِفْل بَعْدَ وَقتِ الظَّهيرةِ - لا يُمكنُني سَماعهُ بَعْدَ الآن.

امْرأَةٌ عِنْدَ عتبةِ الدارِ

والدار - أين صَاروا؟

والخِزانة، المَليئَة بمَلابس شتويَّة

والصَّمْتُ الذي يَتَسَاقَطُ مِنْ ساعَةِ الحائِطِ عَلى الكُرسيِّ

وظِل يَد صَديقٍ، حالَما يَضَعُ زهرة في كأْسٍ - أينَ صَارَتْ؟

وَلَيْلَةُ السَّبْتِ، وَاَلْحاكي فَوْقَ حَافَّةِ النّافذةِ البَارِدَةِ

والقطُّ، في غَسَقِ مساءٍ بِلوْنِ النَفْتالين،

يتَمشَّى على سَطحِ المَنْزِلِ المُقَابِلِ

قِطٌّ أَسْوَد

مِنَ الضَّوَاحِي

فِي مَحْجَرِ عَيْنَيه قَطْرَتينِ مِنَ العُزْلَةِ -

هَذَا القِطُّ الأَسْوَدُ الحَزينُ عَلَى السَّطْحِ المُقَابِلِ،

يَتَمَشَّى بِهُدُوءٍ غَريبٍ عِنْدَ الغَسْقِ،

ويَنْخَسُ بِذيْلهِ القَمَر الأَبْيَض.

هَذا أَيضاً نَسِيناهُ.

 

البَرْدُ قارِصٌ هُنا عِنْدَ المَساءِ:

فالعُزْلةُ تُعَشْعِشُ في ظِلِّ الخَوْفِ

والْخَوْفُ يَكْمُنُ في النّارِ:

والنّارُ يَحْرِقُها الخَوْفُ،

بَيْنَمَا يَلْعَبُ المَوْتُ النَّرْدَ مع الحُرّاسِ

اَلْمُتَرَبِّعينَ عَلَى الأَرضِ في غُرَفِ الحِراسَةِ

 

حَتَّى القِطَطُ هُنَا مُخْتَلِفةٌ،

مُتَوَحِّشَةٌ، مَكْسورَةٌ، صامِتَةٌ،

لَا تَفْرُكُ رُؤوسُها بِأَذْرُعِنا

وَإِنَّمَا تَتَبَخَّترُ عِنْدَ رُكَبِنا، باحِثَة:

عَنْ المَوْتِ

وَعَنْ الحُزْنِ

تَبْحَثُ عَنْ اَلْإِصْرارِ، والِانْتِقامِ،

تَبْحَثُ عَنْ الصَّمْتِ، عَنْ الحُبِّ

وَتَبْحَثُ عَنْ الحَياةِ فِي أَعْيُنِنا

تِلْكَ القِطَطُ، التي لا يُداعِبُها أَحَد،

قِطَطٌ تَوَحُّشَتْ،

قِطَطُ مَاكْرُونِيسُوسْ* الصّامِتَةُ.

وَقَمَرُ آبَ مُعَلَّقٌ فَوْقَ رؤوسنا

مِثْلُ كَلِمَةٍ تَحَجَّرَتْ في حلقِ اللَّيْلِ

لَا يَنْطِقُ بِهَا أَحَد.

 

مَاكْرُونِيسُوسْ 1949

...............................

* المدينة التي تم نفي الشاعر فيها (المُترجم)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم