صحيفة المثقف

ما بين خيلكِ

عبد الفتاح المطلبيما بينَ خيـلِكَ والمضـاميرِ

خطوٌ تذرَّعَ بالمعـــــــاذيرِ

 

أتركتَها تلـــــــــوي أعنتَها

صوبَ الحوادثِ والمقادير

 

أم أنّها جَمَحَــتْ بفارسِها

فكَبتْ بهِ من غيرِ تَحْذِيرِ

 

أو ربما تَبِعَــــتْ سَجِيّتَها

تشقى ولا تعـدو بمذعورِ

 

فتميلُ صاهِلةً وَيردَعُهــــا

زمن الجوائح والأعاصير

 

وسرى بها حذرٌ وحجّتُها

أنْ لا تَراها عيـنُ ناطُورِ

 

وكأنها جِــــــنٌّ رأى شُهُباً

تهوي إليهِ بحــــربةِ النورِ

 

ولطالما قد خبـــأت  أملاً

بالصدرِ في طيّاتِ تامورِ

 

وهَفَتْ إلى كَرْمِ الهوى سَغَباً

وترقبت نــــومَ النــــــواطيرِ

 

عنقودُ آثــــــــــامٍ يُعلّلُها

والريحُ  تنفخُ بالمزاميرِ

 

حتى إذا لاحتْ بشائرُهــا

وتجمعتْ مثلَ العصــافيرِ

 

ظنّت بأنّ اللّيــلِ ينقذُها

من كلّ مرتابٍ وموتورِ

 

فإذا الصباح أعـــــدّ عِدّتَهُ

وأضَلّ بالأنوارِ موشوري

 

وأتتك بالذكرى نوارسُها

بيضاً مفوّهـــــةَ المناقيرِ

 

تحكي الحكايةَ من بدايتها

مقصودُها لاشكّ تذكيري

 

وإذا بها في البالِ ترفدهُ

رفدَ المطـارقِ للمساميرِ

 

للهِ دَرُّ الذكريــــــاتِ فقد

أوفت وخانتني تعابيري

 

وتذكرتنا وهــي سادِرَةٌ

بالغيِّ كالصَـهباءِ بالزيرِ

 

وتشاغلتْ تمحو دفاترَهــا

مِنْ ذِكرَياتي أوتصاويرِي

 

وتعلّلَتْ أن الهــــــوى جَلَلٌ

فوجِلتُ من شيبي وتوقيري

 

ضَجَّتْ بنا الأحلامُ تدْفعُنا

في عالمٍ فَــــوقَ التفاسيرِ

 

فإذاالصَبابَةُ صــاهدٌ كَذِبٌ

وإذا الغَرامُ سَرابُ مَحرورِ

 

وإذا الأماني لمْ تَزلْ غَرِداً

يقفو أخاه إلــــى النّواعيرِ

 

لابأس أنْ تَحْظَى بسانحةٍ

وتقولُ للعنْـقاءِ بيْ طيري

 

طِيري  فللذّكرَى إذا هطلتْ

في القلبِ مَنـزِلةُ الأساطيرِ

 

وإذا النّوَى جاسَتْ بمِنْجَلِها

ورأيتِ بيدرَها أسىً،طيري

 

منهُ سأخبـزَ كـلَّ أرغفتي

والنارُ تلهبُ فـــي تنانيري

 

أصطادُ في صنّارتي حُلُماً

والماءُ ممزوجٌ بكـــــافورِ

 

قد شفَّ حتى كالزجاجِ غدا

فرأيتُ أســراباً من الحورِ

 

وعلى الضفافِ سمعتُ أغنيةً

من قلبِ عاشـــــــقةٍ وسنطورِ

 

فشربتُ من كـأسٍ سُلافتُها

من كرمةٍ تغفوعلى السورِ

 

عصَرَتْ بها في كلَّ خابيةٍ

خمراً حلالاً غيرَ محظورِ

 

قد قيلَ هذا ما وُعـــدتَ بهِ

من عالمٍ في الحلمِ مسحورِ

 

فاقطفْ من العنقود ناضجَه

كيف اشتهيت بدونِ تبذيـــرِ

 

لا تهبطي حتى أرى شجراً

فيه الأماني قيـــــــدَ تأشيرِ

 

وأقولُ حُطّي فالجِنــانُ هنا

حيثُ المُنى من غيرِ تعكيرِ

 

فأنا ومذ شـــاءتْ مشيئتهُ

ما خِفتُ إلاّ من محاذيري

 

أُهدي لكفِّ الليــلِ مطرقةً

وأنامُ في جــوفِ القواريرِ

 

لاخائفٌ منــــها ولا وجلٌ

فزجاجُها نــورٌ على نورِ

 

ولجأتُ للعُشّــــاقِ أسألُهُم

من ذا يسيرُ بنا إلى الطورِ

 

مَنْ؟ كفّهُ بيضـــاء تمنحُنا

ما جاء فــي متنِ الدساتيرِ

 

قد كنتُ أعشقُ كلَّ راهبةٍ

وأحجُّ مرّاتٍ إلـــــى الديرِ

 

حتى صبأتُ ورحتُ أسألها

مانفعُ ناقــــــوسٍ وتَزنيرِ؟

 

هلاّ سَمـــعْتِ رنينُهُ بدمــي

صقراً يحومُ على الزرازيرِ

 

فأجابني صوتٌ ألا كفرَتْ

ألواحُ عشـقـكَ غيرَ معذورِ

 

وغوى القصيدُ وربّ قافيةٍ

في البالِ فيها ألفُ شحرورِ

 

وتهيأت بالجــــــفنِ دامعةٌ

وتجرأت تُفــــتي بتكفيري

 

ودُعيتُ والداعـون أسئلتي

ووليمتي حَبّي وعصفوري

 

رحلَ الذي لمْ يأتِ واستترتْ

من لمْ تكنْ يومـــا بمنظورِي

 

أغرى السراجُ هوىً فأطفأهُ

وغدى ظهيــــــــراً للدياجيرِ

 

وجلستُ أصنــعُ من فتيلتِهِ

للروحِ شمعا وهي في النيرِ

 

وسمعتها همســـــاً تُعاتبني

أوَلستَ من يسعى لتدميري

***

عبد الفتاح المطلبي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم