صحيفة المثقف

ما بين الأسطوره والدين السماوي

اياد الزهيريوُصِفَ الأنسان بأنه حيوان ناطق، والنطق لايمكن أن يكون الا أستجابه  لعملية تفكير . فمنذ أن بدأ الأنسان بالتفكيرفي نفسه وفيما حوله من ظواهر طبيعيه، من نور وظلمه، وماء ويابسه ومطر ورعد وبراكين، ونجوم وشمس وقمر وموت وحياة ونبات، حاول الأنسان الأول رغم بدائيته بالتفكير، وحداثة تجربته بالحياة أن يبحث عن أسباب هذه الظواهر، ومن الذي يقف وراءها وجودياً، ومن هو المحرك لها . لا شك أن الأنسان رغم بدائيته لكن يمتلك قدره على التأمل والتفكير والقدره على الأستنتاج، ولكن عملية التفكير تحتاج الى تجارب تستتبعها عمليات تركيب لعناصر التجربه والتي تنتهي بأستنتاج يستقر عليها، ولكن الوصول الى حقيقة الأشياء تحتاج الى مخاض طويل لم يستطيع الأنسان الأول الحصول عليها بحكم قصر تجربته وقلة خبرته وعدم نضج تفكيره، فهو في بواكير عملية التطور الفكري، ولكن هذا لم يمنعه وبسبب ضغط ما تطرحه نفسه من تسائلات، وما يقلقه من ظواهر يجهلها، وتثير مخاوفه من أيجاد أجوبه تهدأ عليه روعه، وتدخل السكينه على نفسه، لكي يتلمس الطريق الصحيح والواضح حتى يحمي نفسه ويوفر أسباب العيش الأمين له، فكانت الأسطوره هي وسيلته لتفسير ما يحدث حوله، فكانت أو خطوه عقليه خطاها الأنسان، هو أن هناك باعث وراء ما يجري، وكما قلنا وبسبب قصوره في معرفة الباعث الحقيقي أتجه الى خياله في تصور هذا الباعث، ومن هنا بدأ نشوء الأسطوره التي أعتمدت على التأمل الذي أطلق فيه  العنان للخيال في أن يجد له حلاً في أيجاد المسبب الأول للظواهر الكونيه. لا شك أن الأسطوره تمثل البواكير الأولى لأس التدين لدى الأنسان، أي هو من نزع للتدين نتيجه لحاجه في نفسه تتوسل الوصول لحالة الأطمئنان والأمان في نفسه، ولكن هناك بعض الباحثين منهم العراقي خزعل الماجدي في العراق وفراس السواح في سوريا والكثير من الباحثين الأوربين الذين بحثوا في الأسطوره وعزوا نشوء كل الأديان الى ما جاء به الأنسان الأول من أساطير، فهذا التصور أحدث أشكاليه كبيره بأعتبار أن الأديان منها ما هو وضعي كالبوذيه والهندوسيه والكثير من الأديان البدائيه في العراق القديم في الزمن السومري والبابلي وفي الحضاره الفرعونيه، وكذلك عند الأغريق والرومان حيث عُبد بها الشمس والقمر والنجوم، وهناك من عبد الأم الكونيه التي هي الة الخصب، كما عبدو الأرض والمياه، ولا نستطيل بالأمثله لأن الأسطوره التي لها علاقه بالدين شملت كل الشعوب على الكره الأرضيه، وهنا ليس محل تفصيلها، ومن يريد المزيد فليبحث في كتب تاريخ الأديان ومباحث الأسطوره وهي كثيره جداً، هنا نحن نسعى لفك الأشتباك الذي سببه لغط بعض الباحثين في دمج الأديان التوحيديه السماويه مع الأديان الوضعيه، بدواعي وحدة جذورها بنظرهم، وهذه مغالطه خطيره، فتشابه بعض الطقوس لا تعني وحدة الجذور، وشراكة المنبع . هذه المحاولات التلفيقيه من بعض الباحثين ساهمت بأثارة كثير من الضبابيه حول نشأة الدين . من الثابت ومن خلال دراسة تطور الأسطوره نجد أنها الأساس وحجر الزاويه لكثير من الأديان التي نشأت عند الكثير من المجتمعات البدائيه، فمثلاً من ينكر أن الآلهه عشتار والآلهه تموز الأبن، والآلهه عستارت وأبنها الألهه أدونيس في التاريخ القديم لسوريا، والألهه الأغريقيه أبولو، وزيوس، وديمتر والكثير من الألهه التي لا تعد ولا تحصى في حضارة المايا والأزتيك في أمريكا، بأنها آلهه جاءت من نسيج خيال الأنسان القديم وقد تطورت عبر الزمن، وأنتقلت عبر الأحتكاك بين الشعوب. فالألهه عشتار ترى لها نفس المعنى في كل من سوريا القديمه واليونان وكريت والحضاره الرومانيه ولكن بأسماء مختلفه، كما يمكننا معرفة تشابه طقوس القربان وتقديم الضحيه على مذبح الألهه في الكثير من الأديان في العالم وهي مراسيم متشابه في القصد والتي تهدف الى أرضاء الألهه وكسب ودها وتجنب غضبها مقابل تقديم القربان الذي يكون على شكل أبن ألهه كما في التضحيه في الألهه الأبن تموز وذلك بذهابه للعوالم السفلى وكذلك الأمر نفسه مع أدونيس حيث يُقصد من ذلك تجديد الدوره الزراعيه وأستمرار الخصب في الطبيعه، كما أننا يمكننا ملامسة التضحيه بالأنسان سواء كانوا ملوك  أو ناس عاديين من أحرار وعبيد سنوياً من أجل أرضاء الألهه وطرد الشرور وجلب الخير والخصب لهم، وهذه الظاهره تواجدت في كل بقاع العالم فقد تجدها في الحضاره الأغرقيه والرومانيه وفي أفريقيا وفي أستراليا والهند وهناك الكثير من القصص التي تبرز طريقة تقديم القرابين من أجل دفع المفسده وجلب المنفعه أعتقاداً منهم بأن الضحيه هي من تدفع ذلك وأن هناك الهه للشر يجب أرضاءها وأتقاء شرها. طبعاً لو دققنا في هذه العقائد لرأينا أن عنصر الخوف من الطبيعه أو الألهه التي تقف وراءها، بالأضافه للجهل بما يدور ويحدث هو المحرك الأساس والدافع للأيمان وراء هذه الأساطير. أن نشوء هذه الأديان لا نشك أبداً في تأثير عنصر الأسطوره في نشأتها وتكوينها، بل هي نتيجه منطقيه لجهل الأنسان وخوفه، ولكن الخطوره تكمن في ربط الأسطوره بالديانات التوحيديه السماويه، والتي أدت الى أختلاط الحابل بالنابل، والذي جعل من السهل تصديق ما يقوله هؤلاء الباحثون من خلال  ألصاق الكثير من الأساطير وتسللها الى الموروث الديني للأديان السماويه بفعل بعض رجال الأديان أو من المنتسبين أليها وذلك بفعل التفسير والتأويل التي يصدرونها لتوضيح النصوص الأصليه المنزله سماوياً، أعتقاداً منهم بأن ما يسقطونه من هذه الأساطير هو لتوضيح وشرح ما غمض من النصوص المنزله، وأن هذه الأساطير كانت تمثل ماده علميه ومعرفيه آنذاك وهي محاوله علميه لتفسير النص الديني، وعندنا نحن المسلمين الكثير من أستخدام الأسطوره في تفسير القرآن الكريم، وخاصه الأسطوره المنسوبه للتوراة، وما يطلق عليه بالأسرائيليات ومن هؤلاء ممن أدخل الأسطوره في تفسير النص الديني الأسلامي هو كعب الأحبار والطبري، وهناك بعض المصادر تُشير الى ضلوع عبد الله بن عمر أبن العاص، الذي جلب من الشام بحكم تجارته معها الكثير من المصادر ذات المنحى التلمودي، وهؤلاء ممن أستخدموا الأسطوره بكثافه في تفسير تاريخ نشوء الخليقه، طبعاً لم يتوقف توظيف الأسطوره على تلكم الأشحاص، بل هناك الكثير الكثير ممن جعل الأسطوره جزء من التراث الديني الأسلامي في حين هو تراث لا يمت للدين بصله وأنما تسلل له بشكل متعمد أحياناً، وبشكل غير مقصود أحياناً أخرى، وأعطي مثال على دخول الأسطوره الى تبني بعض المسلمين لأسطورة وقوف الكره الأرضيه على قرن ثور، وكان هذا الأعتقاد سائراً لوقت قريب، وطبعاً لعب الخيال الشعبي الكثيرفي ذلك، ونتذكر كيف كان الناس في المجتمع الجنوبي العراقي يقولون أن قوس قزح هو سيف الأمام علي (ع)، وهناك الكثير من الظواهر التي أستمد الناس تفسيرها من الأسطوره ذات الأصل اليوناني، وقد لصقت الكثير من الحكايات والأساطير الشعبيه ذات المنشأ الأغريقي وحتى السومري الى موروثاتنا الأسلاميه . هنا سنتناول بعض الممارسات والطقوس وحتى بعض الأعتقادات التي زحفت لنا من الأديان الوثنيه القديمه، والبعض الأخر ترحل لنا بفعل التلاقح الثقافي مع الثقافات الأخرى، كما لعب الأحتكاك بين تلك الثقافات والمنتمين للديانات التوحيديه السماويه دوراً كبيراً في تشابك وتداخل الكثير من المفاهيم والقيم والطقوس، كما هو الحال في وقتنا الحالي حيث تأثر الكثير من المسلمين بالثقافه الغربيه وقد نقل الكثير منهم  المفاهيم والتصورات والمعايير الى ثقافتنا الأسلاميه، وحتى أن الأمر وصل الى أدخال معايير غربيه في تحليل وتفكيك وتقيم عقائدنا، فعلى سبيل المثل نرى الربط الغير منطقي الذي لم يجد الأسباب الكافيه لتبرير الباحث فراس السواح في كتابه (لغز عشتار) الى أن الديانه اليهوديه تستمد جذورها من الديانه الكنعانيه، وكان مبرره في ذلك هو أن كتّاب التوراة قد لعنوا كل آلهة الكنعانيين الا الأله (أيل) وهو كبير الآلهه الكنعانيه، وأني لم أرى في عدم لعنه دليل أحترام وتبجيل لهذا الأله، فهناك الكثير من الناس ممن لا تحترم شخص أو عقيده لكنه لا يلعنه، كما لو أنتقلنا الى الديانه المسيحيه لرأينا الأمر نفسه حيث ربط المدونون المسيحيون عقيدة المسيح المخلص بعقائد وتصورات الديانات البدائيه التي سبقتها زمانياً . أن فكر الخلاص التي يضحي فيها المسيح عيسى (ع) بنفسه في سبيل خلاص المنتمين له من الخطيئه ورفع كل ما أقترفته نفوسهم من أثام، وهذا بالحقيقه هو صدى لأسطورة عشتار عندما ضحت بأبنها وزوجها بنفس الوقت تموز بالذهاب الى العالم الأسفل من أجل أدامة الخصوبه وأستمرار الدوره الزراعيه وهو عين ما قامت به عستارت السوريه مع أبنها أدونيس، وذات الأمر حدث مع الألهه السومريه (أننا) التي ضحت بالأله الأبن دوموزي، وهو يشبه ما ضحت به الألهه ديمتر اليونانيه مع أبنها بيرسفوني، حيث أن أننا وديمتر ضحيا بالألهه الأبناء بالذهاب الى العالم السفلي من أجل تجديد دورة الحياة وأحياء الخصوبه، وهذا الأمر كررته الكثير من الديانات في أفريقيا والهند وفي أمريكا في حضارة المايا والأزتيك، حيث يضحى بأشخاص، وأحياناً بملوك لأعتقادهم أن فيهم من روح الألهه،فيضحى بهم من أجل أدامة الخصوبه ودفع الكوارث الطبيعيه الممكن حدوثها، كما هناك من يقدم كل سنه شاباً وسيماً على مذبح الآلهه، وفي زمن الأغريق يقتل واحد أو أثنين من الأرقاء، حيث أن هذه القرابين تكون سبباً لحماية المجتمع من غضب يمكن أن يداهمهم، وشراً يمكن أن يستطير عليهم، كما يدفع كل ما هو ينذر  بالنحس من بيئتهم . نحن لا نستبعد تأثر هؤلاء المدونون المسيحيون بهذه الثقافه ومحاولة ألصاقها بالعقيده المسيحيه خاصه ونحن نعرف أن الأنجيل كتبه مدونون رهبان بعد فتره طويله من غياب السيد المسيح، وهو كتاب منتحل تعكس لغته أسلوباً تقريرياً من قبل الأخر على السيد المسيح، وهذه الحاله لم تكن مشكلة الديانه اليهوديه والمسيحيه فقط بل تسللت الى الدين الأسلامي أيضاً فأتخمت الكثير من التفسيرات والتأويلات للنصوص القرآنيه بالكثير من الخرافات والأساطير الأسرائيليه على يد كعب الأحبار وغيره، كما دخلت الكثير من الأساطير اليونانيه بعد الترجمه في زمن الدوله العباسيه، وأعبترها بعض مفكري ومفسري تلك الحقبه بأن هذه الأساطير تمثل ماده علميه يستعان بها في تفسير الكثير من النصوص التي تتطرق الى النشأه الأولى للكون وخلق الأنسان، حتى أننا نتذكر بعض الأساطير على ألسنة العامه من الناس من مثل أن الكره الأرضيه واقفه على قرن ثور، ولو تتبعنا مصدر هذه الأساطير لوجدناها من صميم الميثلوجيا اليونانيه القديمه، كما يمكننا الذهاب الى حالة الأخصاء للذكور الذين يسعون الى الخدمه في المعابد الوثنيه والتي يرمون من خلال الأخصاء التماهي مع روح الآلهه ذات الطبيعه الأنثويه، والتي تدعى بالأم الكبرى، فنرى ما يماثل هذه الممارسه في الديانه المسيحيه أيضاً، حيث يخصي بعض الرهبان أنفسهم من أجل التفرغ لخدمة الرب داخل الكنيسه، وعدم الأنشغال بمظاهر الدنيا وعدم الأنغماس بمتطلبات الجسد . من الأشياء الملفته للنظر والتي تثير الكثير من الهواجس في مدى تماهي رجال الكنيسه مع الديانات ذات المنشأ الأسطوري هو أن تلك الديانات تبني تصوراتها الأساسيه على الألهه الأم، وهي ذات طبيعه أنثويه، وهي التي أولدت الأله الأبن كما أولدت عشتار تموز، وكما في أسطورة الأله (جيا) التي أنجبت الأله الأبن (أورانوس)، وعلى ذات المنحى قام رجال الكنيسه بالموائمه بين هذه الأسطوره وبين ولادة السيده مريم العذراء لأبنها الأله الأبن على حد زعمهم، ومن السهوله بمكان أكتشاف المحاكاة لهذه الأسطوره من قبل رجال الكنيسه والتي حولوها الى عقيده من صلب عقائد المسيحيه في حين أن الديانه المسيحيه هي من الديانات التوحيديه الكبرى ولكن ما أدخله مدونو هذا الدين وأرباب الكنائس، مما سبب تحولاً وأنقلاباً كبيراً في جوهر الديانه التوحيديه المسيحيه، ولو دققنا لرأينا أن أرباب  الكنيسه قد أدمجوا الكثير من الطقوس أليها،  وهذا ما نراه في مراثي مريم العذراء لموت السيد المسيح أقرب ما يكون لمرثى عشتار لموت تموز كما ينقلها الباحث فراس السواح في كتابه لغز عشتار في الصفحه (308) وهي مراثي نُسجت على منوال المراثي الأدونيسيه القديمه، حيث يضعوا نفس الأكاليل والنباتات على تابوت أدونيس والمسيح، ويكون هناك نواح للنساء، وهكذا تتسلل المراثي من الديانات القديمه الى المسيحيه، حتى أنا نرى ذلك في طقوس التطبير عن المسلمين الشيعه، وهي ظاهره طقسيه لم تكن من أصل الدين على الأطلاق ولكن هناك بعض المصادر تذكر الى أن أصلها جاءت من المسيحيين الأرذودكس في جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابق وقد نقلها من كان على أحتكاك معهم من المسلمين الشيعه،  ولكن التدين الشعبي هو من فرضها في الواقع الشيعي رغم تحريم الكثير من علماء الشيعه لها، وهكذا ترتبط الكثير من الأساطير بالدين التوحيدي في طريقه تعسفيه لا تمت للدين السماوي بصله على الأطلاق، وهنا يمكن ألأشاره الى ما قرره مجمع أفسوس الذي أنتصر فيه التيار الغالب المؤمن بالأمومه، والذي قُرر فيه أن مريم العذراء هي أم الله، وهذا اللقب جعلها في مصاف ما أدعته الأديان القديمه بأم الألهه، كما هو مع عشتار في الحضاره العراقيه القديمه مثلاً وفي كثير من الثقافات القديمه الأخرى بمصر وسوريا واليونان القديمه، وهذا الأمر أنسحب حتى في عملية التجسيد للعذراء مريم، حيث أنها مجسده بتماثيل مصنوعه من الجبس والخشب ويكون الأله الأبن في حضنها، وهو مانشاهده في رسم الأم القمريه الكبرى أيزيس وفي حضنها أبنها الوليد الألهي، وهي من نقوش الحضاره المصريه القديمه.ولو نظرنا في هذا لرأينا أن مجمع أفسوس، وبحضور 150 أسقفاً، هم من قرروا مبدأ عقيدة الأمومه الألهيه، وليس عيس (ع) . كما أننا يمكننا الأنتقال الى جماعات أسلاميه أدخلت بعض الممارسات التي لا صله تماماً للأسلام بها، وهي ممارسات تعود لأديان وعادات بدائيه عند شعوب لا أسلاميه، حيث يقوم أتباع هذه الأديان بحركات راقصه يبغون منها طرد الشرور وأرضاء الألهه، وهي حركات أشبه بالحركات الراقصه وأحياناً حركات مهوسه مصحوبه بالأصوات المجونه، وهذا ما نشاهده عند بعض أتباع الطرق الصوفيه، وخاصه عند قبور رؤساء هذه الطرق، في حين لم يذكر التاريخ أن النبي وأصحابه وأهل بيته قد أتو بهذه الممارسات، وهي ليست موجوده أصلاً في النصوص المقدسه من كتاب وسنه، ولكنها ممارسات مُرَحله من أديان وعادات شعوب أخرى، وبعضها من شعوب وجماعات دخلت الأسلام، وأستصحبتها من موروثها القديم قبل دخولها الأسلام،  والآن في وقتنا الحاضر نشاهد الكثير من المشاهد التي يبتدعها الجمهور وما يترشح من مخيلته، وما تستمر في ممارسته لها عبر الزمن، والذي تحوله الممارسه المستمره عبر الزمن الى شيء مقدس، وهكذا الكثير من العقائد تلتحق بها الكثير من الطقوس من جراء أضافات العقل الشعبي الذي يميل الى الممارسه الحسيه في أداء طقوسه، حاسبه ذلك تعبيراً عن الحب الشديد لمن يعتقد به، وهذا الأمر يتصاعد كلما كان هناك تراخي ومجامله من المؤسسات الدينيه أزاء هذه الممارسات التي سوف تأخذ صيغة القداسه عبر الزمن، وتصبح جزء لا يتجزء من الدين، وهذا ما ينقلنا حقيقةً الى قول الرسول محمد (ص) في حديثه الشريف، والذي يستشرف به هذا اللون من التشدد وما يمكن أن يلحق بالدين من أضافه لا تمت له بصله ( أن هذا الدين متين، فأوغلوا به برفق). يتبين لنا من خلال هذا المبحث أن الأفكار والممارسات العباديه يمكن أنتقالها، وأستنساخها من دين وثقافه معينه الى دين أخر عبر ما يتناقله الناس من أفكار وممارسات قد علقت بهم، وأحياناً أستحسنوها عن حسن نيه ظناً منهم أنها أضافه لا تسيء للدين بشيء، من غير أن يدركوا تأثيرها المستقبلي على الدين نفسه، ونحن في تاريخنا الحديث رأينا الكثير من المحاولات لبعض الكتاب والباحثين الأسلاميين ممن حاول أن يدخل الفكر الأشتراكي للفكر الأسلامي، وهو بالحقيقه فكر لا يمت للأسلام بشيء، كما فعل الدكتور مصطقى السباعي في كتابه (أشتراكية الأسلام) حيث حاول به أن يصف الأسلام بالفكر الأشتراكي، وهكذا الكثير من الأفكار والممارسات التي أُدخلت للأسلام، وهي بالحقيقه لا تمتد له بصله بأي حال من الأحوال، وهي كما قلنا أضافات تعلق به عبر الزمن بطرق عديده، منها ما نسميه بالدين الشعبي، وهي ممارسات تترشح من الجمهور البسيط ويأخذ أستمرارها بحكم العاده درجة المقدس، ومنها ما يضيفه بعض رجال الدين، كما عمل رجال الكنيسه، وكما عمل مجمع أفسوس حول مسألة الأم الأله، وهناك الكثير من الأمثله في هذا الصدد سواء في الديانه المسحيه أو الأسلاميه أو اليهوديه، وهو الأمر نفسه حدث في أستنساخ ممارسات بين الديانه البوذيه والهندوسيه . أن الخلاصه التي وددت الأشاره أليها أن الديانات ذات المنشأ الأسطوري لا علاقه لها، ولا جذور مع الديانات السماويه التوحيديه، بأعتبار أن الديانات البدائيه هي ديانات وثنيه، ومتعددة الألهه، وتجسيميه، في حين أن الأديان السماويه التوحيديه تؤمن باله واحد لا يشبهه شيء، كما أن الأديان التوحيديه السماويه لا تؤمن الا بالله الذي يتسم بالرحمه والمغفره والحب لبني البشر، في حين أن الأديان البدائيه ذات المنشأ الأسطوري تؤمن بأن هناك آلهه متعدده،منها ما يسمى أله الشر، وهذا ما يتنافى تماماً مع أله الرحمه التي تقدمه الأديان السماويه التوحيديه.

 

أياد الزهيري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم