صحيفة المثقف

قراءة في كتاب: قصائد سرية جدا للشاعرة هيفاء الأمين

قاسم ماضي"قصائد سرية جداً" للشاعرة هيفاء هاشم الأمين، ديوان جديد هو إفصاح للعوالم الداخلية وانحيازها إلى قصيدة التفعيلة في قصائدها المرسومة بريشة عربية .

تنحاز الشاعرة اللبنانية " هيفاء هاشم الأمين " إلى قصيدة التفعيلة، التي اشتغلت عليها في هذا الديوان الذي يحوي بين طياته ثمانية وعشرين قصيدة شعرية رومانسية، التزمت فيها الشاعرة " الأمين " الأصالة مع محاولات للتجديد والبحث .وأظهرت براعتها من خلال لغتها المكثفة،والتي تحمل دلالاتها الكثيرة في عالمها الشعري الجمالي والإبداعي، وهي محاولة منها لتختلف عن شاعرات عصرها

وأكون ُ أحلى من كثيرٍ حولنا  

 وأكف ُ كل قصيدة ٍ ما قلتها ص46

و بعد جهود حثيثة ومتابعة لما هو سائد من الشعر العربي بعصوره المختلفة،إنطلقت شاعرتنا من مجموع قصائدها لتقول كل محاولاتي هي لتقديم ما هو جديد في تقنيات الشعر العربي قديمه وجديده، ولها الحق أن تكتب ماتشاء، وكيفما تشاء الذي تصب فيه رؤاها ومراداتها،بوصف الشعر وأقصد الشعر العربي واحداً من أهم أنواع الأدب في اللغة العربية ولأن الشاعرة " الأمين " اهتمت بنشر ثقافتها في عالمنا المعاصر انطلاقا من " ابن منظور " الشعر منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وأن كان كل علم شعراً "1

لا تقطف الورد كلا لا تشوهه ُ

فقاطفُ الوردَ قد يدمي أنامله ُ" ص77

وهي تخوض غمار تجربتها الشعرية بصبر وأناة،وتشتغل قصائدها على روح المحبة والانفعال المتزن . حتى تدخلك في عالمها الجمالي الشعري الذي يرتكز على فلسفتها الخاصة والتي بنيت في إطار هذه الفلسفة التي رسمتها عبر صورها الشعرية، وهذا البوح الأنثوي يمنحها هذا الحزن والألم والتفاؤل المغمس بالعاطفة المشحونة بحب الآخر، لكي تقدم للقارئ العربي عبر قصائدها المتميزة والمثيرة للجدل، والحاملة لموضوعات حساسة ومختلفة للعقلية التي يحملها الآخر .

وأنا التي تجفو وتكسر ُ قلبها

وهي التي سارت بلا عقل ٍ إليك َص96

2056 هيفاء هاشم الامين

 والشاعرة " الأمين " غاصت في واقعنا المعاصر كثيراَ،ورسمت أجواء  قصيدتها بروح التفاؤل وعنفوان الحب، وقصائدها تمتاز بالرصانة الأسلوبية، وتنوع الأغراض الشعرية داخل القصيدة، حتى تجد قصيدتها معبرة ومكتنزة فيها من الكثير من وهج العاطفة الإنسانية وهي تعبر عن دواخلها بطريقة واضحة ومكشوفة، وهي تقول عبر هذه القصائد أنني هنا أعبرعن جهدي الشعري الخلاق الذي رسمته بحرفية واعية والذي جمع بين الكثير من المزايا الجمالية والمعرفية وكذلك الملموسة . يقول الناقد الدكتور" رمضان الحضري " في مقدمة الديوان ص3

" تسير الشاعرة " هيفاء هاشم الأمين " في درب ليس مستحدثا،لكنه ليس قديما كذلك، فهي تكتب الشعر كما ينبغي الشعر العربي أن يُكتب، هي أمينة جداًمع الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي،لم تشأ أن تخونه، ولكنها لا تستطيع أن تتبع فكره في عصرها بما يمكنها ص4      ويأتي ديوان " قصائد سرية جدا ً " للشاعرة العربية " هيفاء هاشم الأمين " ليعبر عن هذه الفكرة جيدا ً فالشاعرة التزمت في موضوعاته وحدة الموضوع الشعري فهناك الموضوعات الواقعية، والرمزية، وكذلك الرومانسية التي انطلقت منها لتؤكد أصالتها في تشكيل نصوصها الشعرية حيث أصبح الحزن والبوح وبث الألم المخزون في دواخلها واضحا في عدة قصائد من هذا الديوان الصادر عن دار نشر " شعلة الإبداع .

ياحب في الريحِ لا يبقى إذا غضبت

وإن تهب رخاءً سوف َ تحُييه ِ

هل أسكن ُ الديرَ إني بتُ حائرة ً

أم أكتب ُ الحُبَ في شيء ٍ و أرميهِ ؟ ص3

وهذا الانسجام المرسوم بدقة بين فكرها وعاطفتها والتي اشتغلت عليه الشاعرة " الأمين " اتاح لها فرصة كبيرة في إطلاق الخيال وتوليد العديد من الصور الجديدة والمبتكرة كما جاء في قصائد منها " أسيرة، يضيع دربي، خط أحمر، ظلي " وغيرها من القصائد في هذا الديوان .

كأني لا أكادُ أميز ُ نفسي  

وكيف أكون ُ حيًا في انكساري ص69

تقول في مقدمة الديوان " حينما تتصاعد أنفاسي للسماء تلامس قمم الفرح والدهشة، فأغمض عن كل شيء يزعجني وأحملق في دفتري وأمسك قلمي وأغمس روحي في محبرتي، وأقص حكاياتي التي تركت أحرفها فوق هدأة مكتبي . ص7

أتعود بعد تشتتي وشجوني

وترد ُبعدَ تحرقي وجنوني ؟ ص92

وهي تحاول أن تبدع بلغة شعرية عبر خلق علاقة بين عالمها الشعري ولغتها التي انطلقت منها لتكونا عالمها الخاص بها، لأن الشاعر يبني صرحه التخييلي باستخدام الأساليب البلاغية وطرق التشكيل، ولهذا ظلت تحافظ على إيقاع لغتها المحبوكة ومستوى ايقاعها الموسيقي، ومن المسلم به لدى الباحثين "أن لغة الشعر هي لغة الاشارة " والشاعر هو من يمزج صوته بصوت الطرف الآخر وأقصد "الخارجي" حتى يمنح القارئ فرصة تأملية . واعتقد أن التجديد لا يكون إلا بالجهود المتواصلة والتجربة الدائبة مع وعي به،وكذلك اللجوء إلى ثقافات أخرى يتنافذ معها ويتمثلها .وهي شاعرة مواكبة لما يحدث في واقعنا العربي .

إني إذا غفت العيونُ أراكم

فلأن عيني صابها سهد ُ ص 49

***

قاسم ماضي - ديترويت

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم