صحيفة المثقف

تَنَفَّسِ الصُّعَداء

نبيل عرابيتنفّسِ الصّعداء،

فالخبزُ المحمّصُ لم يحترقْ بعد،

ولم تفقدِ العينُ مجرى الدّمْع..

**

تنفّسِ الصّعداء،

فالحرّيّةُ تأبى سَجْنَها في شُجَيْرَةِ صبّارٍ لا تعرفُ رحابة الصحراء،

والغرسُ الموسميُّ يَعِدُ ولا يَفي دوماً..

بحجّة أنّ الأرضَ

لا تَرغبُ بالإنجابِ هذا العام،

وهي تردّد:

" سئمتُ تكاليفَ الحياةِ ومَنْ يَعِشْ.."

مَنْ كانَ يتوَقّعُ

أنّ الأرضَ تسأمُ.. من الحياةِ، وهي نبعٌ الحياة!

**

تنفّسِ الصّعداء،

وقَدْ تَقٌطَّعتْ بِكَ السُّبُل،

وهانت روحُكَ على الشّريطِ الشّائك،

فَدَمُكَ بلونِهِ القاني..

يحتجبُ إذا جَنَّ الليلُ،

والغَيْمُ.. مظلّةٌ للعذاب..

**

لا تَحْتَسِبْ عدَدَ الزَّفَراتِ،

لا تَكُنْ واثِقاً من عددِ الأصابع،

فقد تتنفّس أكثر من اللازم،

وقد تفقدُ شيئاً من أصابعك،

وأنتَ تقرأ جداولَ اليقين..

**

تنفّسِ الصّعداء،

وأفسِحِ المجالَ لأنفاس أخرى،

تأكّدْ من سلامةِ جهازكَ التنفسيّ،

ومِنْ كُلّ جُرْحٍ تسبّبتْ به ..

الرّياحُ المُتغلغلةُ..

في الفَمِ..

في الحنجرة..

في الصّوتِ...

**

تنفّسْ..

قبلَ أن يُصبِحَ التنفّسُ مُحَرّماً،

وقبلَ أنْ تَلْفُظَ رئتاكَ رمقَ مخزونِها،

فالعُمْرُ كالنّقْرِ على مفاتيح موسيقيّة،

لا بُدَّ وسيُنهي العازِفُ مُداعبتها،

ليسبِقَ..

نفسَ الصّعداء الأخير...

***

نبيل عرابي

..........................

- الشطر الأوّل من بيت شعري لزهير بن أبي سلمى.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم