صحيفة المثقف

الكسيحُ وعُكّازُهُ

احمد الحليتتوطّدُ عَلاقةٌ من نوعٍ خاصٍ

بين الكسيحِ وعُكّازِهِ

يتراءى له فيهِ وجهُ أبيهِ

الذي غادرَ الحياةَ  مبكّراً

تاركاً إيّاهُ وحيداً

في مهبّ الريحِ  والعواصف

لا أحدَ يعلمُ عمقَ الأواصرِ

ما بينهُ وبينَ عُكّازِهِ

يستعرضُ شريطَ الذكرياتِ

حين جاءوا به إليه أولَ مرةٍ

ظلّ كلُّ واحدٍ منهما

يختلسُ نظراتٍ متفحّصةً

إلى وجهِ صاحبِهِ

الذي سيكون رفيقَ دربِهِ

كان بوسعِهِ أن يأتمنَهُ على كلِّ شيءٍ

ويودِعَهُ أسرارَهُ

يُفضي إليهِ بشجونِهِ وأحزانِهِ

التي تهزّ كيانَهُ

وحينَ يختليانِ معاً

في هدأةِ الليلِ

بعدَ رحلةِ عناءٍ في النهارِ

يربتُ على كتفِهِ

مواسياً ومعتذراً

من أذىً حاقَ به بسببِهِ

بوسعِهِ أن يُصغي

إلى همسِهِ المضمَرِ وحنينِهِ

الذي يعصفُ بوجودِهِ

إلى أمّهِ الشجرةِ

وإلى لحظاتٍ طافحةٍ

بالنشوةِ والعنفوان

تحومُ فيها من حولِهِ

فراشاتٌ ويشدو طائرٌ

محاولاً استمالةَ أنثاهُ

التي تقفُ نافرةً

على غصنٍ آخر

وتغرورقُ في عيني العُكّازِ

دمعةٌ حرّى

حين يتذكّرُ أوقاتاً ثمينةً

كان ينوءُ فيها بثقلِ الثمار

***

أحمد الحلي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم