صحيفة المثقف

فصل الدين عن الدولة مقولة بائسة

اغتنموا الفرص فانها تمر مر السحاب، والفرصة لا تاتي بموعد بل بتفاعل بعض الظروف مع بعضها في زمان ومكان معين فالشاطر من يحسن اغتنامها والعكس في العكس، ولكن هنالك فرص مصطنعة يعتقد الجاهل انها فرصة او انها من استحقاقاته وشاهدنا على ما نقول، هنالك برامج مرئية او مسموعة لها شهرتها في ما تتناوله من مواضيع او ما تجريه من لقاءات وهذه البرامج يسخر لها جهد ومال لغايات بعيدة المدى وعندما ياخذ صداه يبدا بتحقيق الغاية التي من اجلها تم اعداده .

اخص بالذكر البرامج التي تتناول الشان الاسلامي والسياسي الموجهة ضد الاسلام، فانها تستضيف اشخاص اشبه بحنون في تحليلاته وانتقاداته للتراث الاسلامي من خلال كتاب الفه كاتب اسلامي قد يحمل صفة فقيه شيخ داعية، ولكن تحصيل حاصل ان الكتاب يمثل وجهة نظره وليس الاسلام الا ان فطاحل هؤلاء البرامج يعممون الامر على الاسلام خذوا مثلا برنامج تبثه الحرة اسمه (مختلف عليه) اعداد وتقديم ابراهيم عيسى المصري، ومن يبحث في التراث الاسلامي عن المختلف عليه فانه سيجد الكثير بحكم المذاهب والملل وتعدد القراءات مع المدسوسين والمزيفين ولكن اللافت للنظر هو الشخصيات التي يستضيفها لكي تنتقد الدين عامة والاسلامي خاصة، وهؤلاء ليس لديهم ثقافة معينة تخدم البشرية فقط يحمل الدكتوراه في قراءته النقدية والتنكيلية ولكن لو سالت ماهي خدماته للبشرية سوف لا تجد له رصيد، والاسماء كثيرة ولكن القاسم المشترك لهم الاسلام والرد سيكون دفاعا عن الاسلام . 

تحت خيمة المقولة البائسة (فصل الدين عن الدولة) تنفتح قريحته في التفلسف والانتقاد وهم اصلا يجهلون ماهية الدين ولكن لنتماشى مع ما يعتقدونه / فمن اين جاء الدين؟ القران والسنة، هذا اولا، والمقصود من الدين حسب رايهم هو العبادات (صلاة، صوم، حج، وما الى ذلك)، وهنا نبدا في التساؤل، هل القران اقتصرت اياته على هذه العبادات فقط ؟ ان فيه ايات لا علاقة لها بالعبادة (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ  حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا  حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا، مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ، ومئات الايات على هذه الشاكلة، اين العبادة فيها؟ ـ سبق وان كتبنا مقالا عن هذا الفرع ـ، ناتي للمصدر الثاني هو السنة اي الاحاديث النبوية، هذه الاحاديث التي هي بالالاف اجمالا وحتى لو نقحت فلتكن الف او خمسمائة، فهل كلها تتحدث عن العبادة ؟ في كتاب كلمة الامام الصادق عليه السلام 125 حديثا تقريبا عن السياسة وكلها منبعها رسول الله والقران بالاضافة الى العلم والطب والاساس فيها هي الاخلاق ، فهل نقول للامام الصادق لا يحق لك الحديث عن السياسة والطب والعلم ام نشطره شطرين وتلغي العلمانية الشطر الذي يدحض افتراءاتها .

الاسلام جاء اولا لبناء الانسان وهذا الانسان عندما يتمترس بالاخلاق الحسنة فانه يبدع في العلم، وبناء الانسان يعني بناء الاسرة، وبناء الاسرة يعني بناء المجتمع، وهنا بدات الحركات المعادية للاسلام بهدم الانسان حتى يتحقق لها ما تريد وهدمه يبدا من نسف التعاليم الاسرية التي تنمي العلاقة بين افراد الاسرة بشكل صحيح، وحتى يتم لهم ذلك تراهم يستهدفون المراة اولا، ومن ثم اباحة الجنس بكل اشكاله  حتى تتفسخ العلاقات الاسرية السليمة بل زادوا على ذلك اباحوا زواج المثل .

هذه المفاسد لا يتطرق لها الجهبذ الذي يستضيفه صاحب برنامج مختلف عليه، ولكن يحاول حقن برنامجه ببعض المخدرات بالتطرق الى مفاخر اسلامية لا تستهدف المباني العلمانية حتى تجعل المشاهد يعيش الاضطراب والاهتزاز في الراي .

لنترك ما قلناه ونتماشى معكم الدين العبادة اي العبادة لله عز وجل، سؤالنا فهل يرضى الله ان يعبده من هب ودب ؟ مثلا يتزوج مثليا وياتي ليعبد الله ؟ يزني ويسكر وياتي ليصوم؟ يظلم ويكذب ويمارس موبقات السياسة ويذهب للحج، كيف بكم انتم تقومون بالاختبارات والتحري اذا ما اردتم شخص ما يشغل وظيفة معينة لانكم تريدون شخص وفق مؤهلات خاصة وهذا من حقكم فهل يحق لكم ولا يحق لله عز وجل؟ وعندما يستوفي العبد شروط الاخلاق وتقبل عبادته فانه يبدع في حياته اليومية وممارساته العلمية والعملية ويؤسس عائلة متماسكة وهي نواة لمجتمع راق .

لم اجد علماني سئل او تطرق لنهج البلاغة مثلا او رسالة الحقوق للامام السجاد عليه السلام، وهذا ما يلجم افواههم فلا يتطرقوا له.

 

سامي جواد كاظم

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم