صحيفة المثقف

على الرحب تجري الحرب

سامي العامريتـــــــقولين لا أطيارَ تحتاجُ مَهْبِطا

أطائرةٌ والشِّعرُ ليس ســـــوى قَطا؟

 

فقلتُ صحيحٌ غيرَ أني ســـــــئِمتُها

بلاداً ومُـــــــــــحتاجٌ جواداً لأنشَطا

 

وها أنتِ هذا اليومَ صـــنتِ رغائبي

فلا طائراتٌ كــــــــي تطيرَ فأسقُطا!

 

نثرتِ علــــــــــى كفيَّ حَبّاتِ حنطةٍ

فَمُدَّتْ مناقيــــــــــــــرُ الغيومِ لتلُقطا

 

وداعاً بلادَ الشكِّ والقهرِ والأســـــى

نفذتُ بجلدي وارتحلتُ (مُزَغْرِطا)!

 

وما هـــــــــــــــي إلا ليلةٌ أو هزيعُها  

وهاجت بيَ الأشـــــواقُ نِمراً مُرَقَّطا

 

ولا بد مــــــــــــــــن هذا وذاك فإنما

زلالٌ فِعالُ الكُفرِ لو حاكمٌ ســــــــطا

 

عَلِقتُ كســـــــــيفٍ بين برقٍ ورعدةٍ

أفـــــــــي غيمةٍ أبقى الدهورَ مُخَّيَطا؟

 

وقد تَبعدُ الأنسامُ عـــــن نِسوةِ القُرى

فتهفو وكانــــــــــت للحواجب مِلْقَطا

 

وفوق ( أبو غْرَيبَ ) اســـتبدتْ لقالقٌ

بأجنحةٍ قُدْنَ المدارَ ليسْــــــــــــــخَطا

 

ويهوي فــــــــــــــؤادي نابضاً متدفقاً

ويعلو فيغفو فوق صـــــــدريَ مُحْبَطا

 

ويوماً دعاني النايُ نصفَ هُنيـــــــهةٍ

قطاراً وناداني:  تأخَّـــرتَ يا قِطا (*)

 

وكنا وكنا آهِ كنا ولـــــــــــــــــــــم نكنْ

لبعضٍ ســـوى الأحلامِ، والغبطةُ الغِطا

 

تُدَفِّئنا شمسُ الشمـــــــــــــوسِ  بمَوقِدٍ

وليــــــس حديثَ الإفك يُروى تَخَبُّطا!

 

على الرحب تجري الحرب والربح وافرٌ

ثلاثُ سجـــــــــــــايا لا كما الشيخ بَسَّطا

 

وفيــــــــما روى فالخمرُ في الخُلدِ أنهُرٌ

فوا لـــــــــــهفة الملهوف عَبَّ ففرِّطا!

 

وشقراءُ يا عيني، تميـــــــــــــس بدَلِّها   

فتغويك كالأســــــــــــماك حتى لَتلْبطا!

 

ولحمٌ لطِيرٍ مَـــــــــــــن سيذبحُها غداً

ومَــــــن ذا يوافيكم ليشوي ويَسْمطا؟

     

خيالٌ ولا أقــــــــــــــسى وأغلظَ نشأةً

بوصفِ جِنانٍ مثلَ مَـــــــن قد تَمَخَّطا

 

تعاليتَ ربَّ الليلِ والحُسنِ والنـــــدى

وربَّ الــــــــــهوى إنْ شَفَّنا وتسلَّطا 

 

تُحيُّرني دنيـــــــــــــايَ مليونَ حَيرةٍ

فأبسمُ  للدنــــــــــــــيا ابتساماً مُحنَّطا

 

بلادٌ تعيش الحربَ حتـــــــــى بسلْمِها

جروحاً وحَسْبُ اليأس واللهو مِشْرَطا

 

ولـــــــم توقِفِ القتلَ المريعَ عقودُهم 

  لتجذبَ عَدواهُ الفضـــــــاءَ تَمَغْنُطا

 

وتُجارُ دِينٍ كلُّهمْ بات مُســــــــــــرِعاً

يحاذرُ أن يســــــــــــــهو بِعَدٍّ ويغلطا 

  

وكـــــي ينهبوا طولَ البلاد وعرضَها

تعاطــــــــــــت أياديهم عُقاراً مُنشِّطا 

 

إلـــــــــــــى أن تباهوا، كلُّ ذيلٍ بلونهِ

فطار عبيدُ المالِ غيماً مــــــن الخُطى

 

لراعي الرصـاص الحيّ، والفجرُ دالقٌ

فزخرَفَهُم بالذلِّ ثـــــــــــــــوباً مُخَرَّطا

 

وسَــــــرَّحَ بالزيت المضيءِ شعورَهم

كمن مشَّطوا ذئباً مـــــــن البَر أمْعَطا!

 

مفاســـــــدُ لا تُحصى انتشتْ بعراقهم 

وقــــــــــــــــد بعثرتْهُ أرخبيلاً مُفَرَّطا

 

وشعبٌ يَفُتُّ الخبزَ، والحربُ صـــحنُهُ

وقد قاءَ مِمَّــــــــــن قد رعاها وخطَّطا

 

وثورةُ تشـــــــــــــــرينٍ تعود خيامُها

تُناوِحُ والأفراسُ تهتزُّ مَـــــــــــرِبطا

 

ولم تتورطْ فــــــــــــــــي المَجرَّة أمةٌ

بوحشِ كورونا كالشـــــــيوخ تَورُّطا 

 

وبَعدُ! فإنْ هـــــــمْ قتَّلوا الناسَ حَيطةً!

 فقتلُ إلهِ النـــــــــــاسِ أصبحَ أحْوَطا

              ***

سامي العامري - برلين

كانون الأول ـ 2020

...........................

(*) يا قِطا: بكسر القاف ترخيم قطار عند النداء مثل : يا حارِ أي يا حارث !

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم