صحيفة المثقف
غسان كنفاني
إهداء إلى زوجته الدنماركية (آن)
وإلى ابنه فائز وإبنته ليلى
لأنً الشمسَ تلتحفُ الغبارا
لأنَ الليل َ يزدردُ النهارا
حملتُك َ في دمي نارا َ ونورا ً
يشعَ فكنتَ شمسا ً لا تُجارى
خرجتُ صباحَ نعيك َ لا لشئ ٍ
سوى أنْ أظفرَ الأمجادَ غارا
خرجتُ لأملأ َ الدنيا فخارا ً
وأقذفَ من جحيمِ الصدْرِ نارا
رثيتكَ لا رثاء َ الفقْدِ لكن
رثاء ً أستثيرُ به ِ السكارى
لأبعثهم إلى الدنيا جديدا ً
وأخلع َ عنهمُ الثوب َ المُعارا
أريهم ْ أنّ في النيرانِ طُهْرا ً
لأنفسهمْ وفي الأفياءِ عارا
***
منارَ الثائرينَ وضعْتُ خطْوي
على درْب ٍ جُعلت َ لهُ مدارا
جعلتُك َ مُلهمي فعرفْتُ معنى ً
خفيّا ً لا حديثا ً مُستعارا
لقدْ علمتني كيفَ التحدّي
وكيف َ يغيّرُ البطلُ المسارا
عشقتَ الموتَ لم ْ ترهبهُ يوما ً
لأنَّ الموت َ كان َ لك َ انتصارا
نهضت َ تحيكُ مِنْ موت ٍ نسيجا ً
كتبت َ عليهِ منْ دمك َ الشعارا
على سوحِ الملاحمِ منك َ ذكرى
وصلُّ الرملِ تعرفهُ الصحارى
صمدتَ بوجهِ مظلمة ٍ عنيدا ً
تكيلُ لها على الضعف ِ اقتدارا
تحضّنتَ المصائبَ في خشوع ٍ
فصرْتَ لكلِّ قدّيسٍ مزارا
وثبّتَ الخطى والصدرُ دام ٍ
فلمْ تُطقِ الهزيمةَ والفرارا
أنرتَ بنورِ فكركَ كلَّ داج ٍ
ترامى فوقَ بارقة ٍ ستارا
ورحْتَ تمدُّ منْ عمرٍ تقضّى
ضعيفِ الروحِ يحتضرُ احتضارا
فكنتَ الجسْرَ يعبرُ منهُ عزم ٌ
وحزم ٌ يستطيلان ِ افتخارا
صمدتَ كنبتة ٍ في عصْفِ ريح ٍ
تعاصتْ أنْ تلين َ لها انكسارا
هوَ الإيمانُ لا يثنيه ِ طاغ ٍ
عتا عن أخْذه ِ للحقِّ ثارا
تظلُّ خوارقُ الأرواح ِ تسري
ويحصدُ ظالمٌ ما قدْ أثارا
ويشمخُ من جديدٍ صرْحُ نورٍ
تجازوَ في حقيقتهِ الدمارا
***
تألّقْ في العلى غسّانُ نجما ً
فقدْ أحرزتَ في الدنيا انتصارا
وذكركَ بيننا حيٌّ عليه ِ
معاني المجْدِ تزدهرُ ازدهارا
فيومكَ مهرجانٌ للمعالي
وإجلالٌ لمُحْترقٍ أنارا
جنينا ما غرسْتَ ثمار كدٍّ
أفضتَ بهِ لتمنحنا الثمارا
وقد وجد َ الذي يبغيه ِ قبلا ً
هوىً منْ بعدما ضاقَ انتظارا
ترسّمنا خطاكَ على طريق ٍ
فدائيٍّ فكنتَ لنا اعتبارا
فكانت ثورة تنقضُّ رُعْبا
على باغ ٍ وتسْتعرُ استعارا
***
جميل حسين الساعدي
.....................
غسان كنفاني: شاعروصحفي فلسطيني اغتاله جهاز المخابرات الإسرائيلي( الموساد) في 8 يوليو 1972, في منطقة الحازمية, قرب بيروت, عن طريق تفجير سيارته .