صحيفة المثقف

لملمة البيت الشيعي.. الغاية والهدف؟!

تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تغريدة رئيس التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، والتي دعى فيها لإعادة لملمة البيت الشيعي، الأمر الذي أثار عاصفة من التساؤلات، عن الهدف من وراء هذه التغريدة والجدوى منها،.

توقيت ذلك الموقف كان محيرا في مثل هذا الوقت بالذات، خصوصاً وان الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان تعرضت لكثير من الاهتزازات والتشرذمات، ما جعلها تتحرك بصورة مرتبكة وشائكة وغير منظمة.. ولكنها في نفس الوقت ظلت محافظة على عددها في الأغلبية النيابية في مجلس النواب، ولكن دون رؤية واضحة في كيفية تحقيق الأهداف على المستوى الوطني أو بما يخص طموحات ناخبيهم.

يرى كثير من المهتمين بالشأن السياسي العراقي أن هذا المفهوم، لم يعد يجدي نفعاً، مع حجم التحديات التي تواجه العملية السياسية عموماً، وسببت خسارة البلاد كثيرا، وربما لها دور ما في دخوله نفق الاقتتال الداخلي ولأكثر من مرة.

كما أنها إضافة لذلك ولّدت انقسامات طائفية وكانتونات، لعب فيها الساسة أقذر لعبة في سبيل تحقيق أهدافهم وأجنداتهم الخبيثة، في إبقاء البلاد رهينة سياساتهم الرعناء، وأسيرة طموحاتهم في السيطرة على مقدرات الشعب وآماله وأهدافه في العيش الكريم، ومع كل هذه الغايات لم يتوانى هولاء عن ضرب الوحدة الوطنية بكافة أبعادها، فعمدوا إلى التخندق خلف هذه الشعارات الكاذبة،وأشعروا المواطن بالخطر المحدق سواءً كان (كرديا-سنيا- شيعيا) ما جعله يعيش حالة الضياع في وطنه وانعدام الثقة بالآخرين .

أن مفهوم الكتلة الشيعية أمر غير مفيد لا للتشيع ولا للعراق عموماً على الأقل حاليا.. إذ إن هذا التخندق الطائفي والاختباء خلفه يعمق عدم الثقة بين جميع الأطراف، ويجعل البلاد تعيش تحت ضربات الإرهاب الخارجي بكافة أنواعه ومسمياته.

في المقابل هناك من يفسر هذه الدعوة على إنها محاولة للملمة كتلة الصدر بعد شعوره بالعزلة والتراجع القادمين.. لأن تياره حصل في الانتخابات الماضية على أصوات كثيرة، على أكتاف الاحتجاجات والحراك المدني والتي تطالب بالتغيير والإصلاح.. فقد كان ركوب موجة التيار المدني واضحا لايحتاج لدليل، وكانت نتيجته الحصول على مليون ونصف المليون صوت توزعت بين 700 ألف صوت للتيار المدني فيما حصل سائرون على 800 ألف صوت.

هذا قد يراه البعض بأن السيد الصدر وجد نفسه معزولاً عن المتظاهرين، الذين نددوا بمحاولاته الركوب على مطالبهم والحصول على مكسب سياسي، خصوصاً في المحافظات الجنوبية وبغداد، إلى جانب عدم قدرته على تسخير هذه التظاهرات وتجنيدها والسيطرة عليها، يضاف لها العلاقة السيئة مع السنة العرب والأكراد، لذلك لم يبق أمامه سوى التخندق الطائفي والاحتماء خلف الساتر الطائفي.

التخندق الطائفي لا أمل له ولن يكتب له النجاح لأنه سيعيدنت للمربع الأول، وستجعلنا أمام كانتونات طائفية لامجال فيها للحوار والتعايش بين المكونات، الأمر الذي سيجعل البلاد والعباد عرضة لأي خرق امني يهدد وحدة الأرض والشعب، لكن عملية تجاوز الطائفة والقومية سيجعلنا في مأمن من أي مخططات أو أجندات تهدد وحدة البلاد..

تفادي الخطاب الطائفي أيضا سيقوي أسس الثقة بين القوى السياسية عموماً، وتجعل المشهد الانتخابي القادم أكثر رصانة، وهو الذي صار محل تشكيك وإتهام بالتلاعب والتزوير.. إلى جانب أنها ستجعل من عملية اختيار الرئاسات الثلاث أكثر سهولة وشفافية، قبالة أي مخططات تحاول زعزعة الاستقرار السياسي والأمني في البلاد .

 

محمد حسن الساعدي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم