صحيفة المثقف

الجرح الغائر!

يسري عبد الغنيفى طرح نشرته دورية (نيويورك ريفيو) التى تعد من أهم الوسائط الإعلامية الأمريكية المعنية بالقضايا الثقافية اعتبر الكاتب والأكاديمى دافيد شولمان أن إسرائيل تحاول "إضفاء المنطق على اللامنطق" ولن تؤدى سياسات حكومتها فى الضم والاحتلال إلا لإصابة الكيان الإسرائيلى بالتفسخ الأخلاقى والانحطاط فيما تعرضت الدولة لما وصفه بـ"قرصنة المستوطنين".

وكأستاذ جامعى إسرائيلى وناشط ثقافى وصاحب إسهامات أكاديمية مهمة فى حقل الدراسات الدينية يبدى دافيد شولمان انزعاجا من اقترانه بدولة باتت تقترن فى الأذهان بفكرة الاحتلال.. مؤكدا أن "إسرائيل الآن باتت أسوأ كثيرا من إسرائيل التى جاء إليها منذ نحو 50 سنة".

فمع أنها لم تكن ايامئذ "مجتمع اليوتوبيا" أو بريئة من الكراهية..غير أن كل ذلك لا يقارن بالمشهد الحالى فى إسرائيل حيث استفحلت الكراهية وتفشت العنصرية وتكاثرت تجلياتها المريرة فى المجال العام وعبر وسائل الإعلام.

والدال فى هذا السياق كما يقول دافيد شولمان إن الكاتب والمحلل الأمريكى المتخصص فى قضايا الشرق الأوسط ناثان ثرال، دعا فى كتاب جديد صدر بعنوان "اللغة الوحيدة التى يفهمونها" إلى ضرورة تبنى توجه يرغم إسرائيل ولو بصورة قسرية على حل النزاع مع الفلسطينيين.

فالاستنتاج الذى خلص له صاحب هذا الكتاب الجديد أن أساليب الولايات المتحدة فى استرضاء إسرائيل والتى تتضمن الدعم المالى الكبير إلى جانب المساعدات العسكرية الهائلة لن تجدى فى تغيير الذهنية الإسرائيلية التى تؤمن بأن "أى تضحيات ضرورية من أجل السلام ستكون أسوأ بكثير من العمل على استمرارية الوضع الراهن".

وبوضوح يقول ناثان ثرال فى كتابه الجديد" إن أية استراتيجية تقوم على افتراض أن إسرائيل تتصرف بصورة منطقية لن يكتب لها النجاح" فيما يؤكد على أن التوجه الإسرائيلى لاستلهام نظام الحكم العنصرى البائد فى جنوب أفريقيا وإقامة "دولة ابارتيد تحكم الفلسطينيين" إنما يقوض تماما صدقية أى حديث حول "الديمقراطية الإسرائيلية".

ولا ريب أن للقدس رمزيتها المهمة فى سياق التراث المشترك "لأبناء إبراهيم" بقدر ما تشكل الممارسات الاستفزازية الإسرائيلية تحديا خطيرا لهذه الرمزية ودلالات التراث المشترك، وتصب فى مربع تحفيز ذهنية التطرف والعنف ومنح ذرائع للإرهاب.

ولئن بقت دموع زهرة المدائن جرحا غائرا فى قلوبنا فإننا لن نتخلى عن الحق ونحن نردد مع الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش :" النشيد لنا سننتصر..الضلوع منازل للعشق - ننتصر".

 

بقلم. د. يسري عبد الغني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم