صحيفة المثقف

على أحمد باكثير.. رائد القص التاريخي

يسري عبد الغنييعد "على أحمد باكثير" واحداً من رواد الأدب الإسلامى والقصة الإسلامية فى العصر الحديث، وله إسهامات جيدة فى مجال المسرحية والرواية والشعر، فكان "باكثير" نموذجا للأديب الملتزم بالرؤية الإسلامية للكون والحياة والوجود دون ضوضاء ولا افتعال.

ولد "على أحمد باكثير" فى مدينة "سوروبايا" بإندونسيا عام 1910 وظهرت مواهبه مبكراً، فنظم الشعر وهو فى الثالثة عشرة، وتولى التدريس فى مدرسة النهضة العلمية وتولى إدارتها وهو دون العشرين من عمره.

هذا الروائى الشهير الذى أثرى المكتبة الأدبية العربية بروائعه الخالدة التى تمسك من خلالها بقيم دينه ورفض السير فى ركاب الأدب المزيف.

أبدع "باكثير" عشرات الأعمال الروائية والمسرحية والشعرية، فله العديد من الروايات المتميزة من أشهرها الرواية التاريخية "وإسلاماه" التى أصدرها عام 1945 والتى يسرد فيها سيرة حياة السلطان قطز منذ ولادته وحتى مماته وأحوال البلاد التى عاش فيها وملوكها وصراعهم مع التتار والصليبين ورواية "الثائر الأحمر" والذى يروى فيها أحداث حقبة من التاريخ الإسلامى، تقع بين 200-300ه، ومن أشهر أعماله أيضاً المسرحية "سر الحاكم بأمر الله" و"سر شهر زاد" التى ترجمت إلى الفرنسية و"مأساة أوديب" التى ترجمت إلى الإنجليزية.

كما كتب "باكثير" العديد من المسرحيات السياسية والتاريخية ذات الفصل الواحد وكان ينشرها فى الصحف والمجلات السائدة آنذاك، والتى حصل على اثرها على العديد من الجوائز والاوسمة، منها جائزة وزارة المعارف عام 1944 عن مسرحية "السلسلة والغفران" التى تشبه إلى حد كبير مسرحية شكسبير "واحدة بواحدة" وجائزة وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1950 عن مسرحية "أبو دلامة" وجائزة وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1943 عن مسرحية "سر الحاكم بأمر الله" وجائزة وزارة المعارف عام 1945 عن رواية "وإسلاماه" وجائزة السيدة قوت القلوب الدمرداشية عام 1944 عن رواية "سلامة القس"، وغيرها؛ كما منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى عام 1963، ومنحته هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى فى اليمن الجنوبية –سابقاً- وسام الآداب والفنون عام 1985.

ولـ "باكثير" العديد من الريادات فى الشعر والرواية والمسرح، فهو أ ول كاتب عربى يرمز رمزاً إيجابياً للحركة الإسلامية فى الرواية التاريخية العربية، وأول من عالج قضية فلسطين فى المسرح العربى و أول من كتب مسرحية شعرية بالشعر المرسل فى اللغة العربية مثل مسرحية إخناتون ونفرتيتي، كما انه أول من نشر مسرحية شعرية اجتماعية وكانت المسرحيات الشعرية قبله ذات مواضيع تاريخية، مثل مسرحية "همام فى بلاد الأحقاف".

نُشر عن "باكثير" العديد من الكتب منها كتاب " الخروج عن النص فى علاقة باكثير والمسرح المصرى" للكاتبة عبير سلامة وكتاب "على أحمد باكثير ناقدا أدبيا"، تأليف الدكتور أحمد باحارثة، وكتاب "اشراقات عن باكثير" للكاتب "عبد القوى الحسيني" وغيرهم.

كما سمُيت على اسمه الكثير من الشوارع والمدارس والجمعيات مثل شارع "على أحمد باكثير" المتفرع من شارع الرصافة بالإسكندرية وجمعية أصدقاء باكثير الثقافية بالقاهرة ومؤسسة باكثير للآداب والفنون.

كانت أغلى أمانيه أن يتوفى ويدفن فى مصر، كما عبر عن ذلك فى أنشودته الرائعة التى كتبها فى حب مصر قبيل وفاته، وفيها يقول:

من يرى مصر ولا يعشق مصرا

جنة فى الأرض للرحمن أخرى

وترى فى كل شبر منه ذكرى

كبدى من حب مصر الدهر حرى

ما شفاها ما تعب الشفتان

توفى باكثير فى مصر فى 10 نوفمبر 1969، إثر أزمة قلبية حادة بعد أن ترك ورائه ارثاً رائعاً من أهم الأعمال الأدبية المتميزة، ودفن بمدافن الإمام الشافعى فى مقبرة عائلة زوجته المصرية.

 

بقلم: د. يسري عبد الغني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم