صحيفة المثقف

وظائف العقل الواعي والعقل اللاواعي

احمد عزت سليمالعقل الواعي: انّ الوعي أو(العقل) هو المظهر العقلي المألوف لنا أكثر من غيره من المظاهر العقلية، وظيفته الرئيسة تتلخص بالتالي:

1 - إدراك المعلومات الواردة من البيئة المحيطة ومن داخل الإنسان.

2 - ربط المعلومات المأخوذة من البيئة عن وظائف الجسد بأخرى ماضية أو التخزين من المعلومات المصنفة في ملفات الذاكرة الموجودة في اللاوعي أو في العقل الواعي،وإذا لم يكن الشيء المدرك موجودا في الملفات القديمة في الذاكرة، فإن الوظيفة الوحيدة التي تتم في تلك اللحظة هي تخزين المعلومات الجديدة.

3 - تقييم الربط (الوظيفة 2) بما يتناسب مع مصلحة الشخص على أفضل وجه.

4 - اتخاذ القرارات باتجاه الفعل أو اللافعل.

وكما نلاحظ فإننا نقضي ساعات اليقظة متنقلين بين هذه الخطوات الأربع السابقة: الإدراك, الربط, التقييم, اتخاذ القرارات... والعملية تتصف بالسرعة المذهلة والدقة المتناهية اعتمادا على المعلومات المعطاة.

وهذه العملية تهدف عموما إلى مصلحة الفرد ولا يمكن أن تؤدي إلى عكس ذلك إلا في حالتين:

الأولى:عدم القدرة على إدراك الشيء وهذا تقصير في الحواس ووسائل الاتصال بالبيئة.

الثانية: المعلومات المعطاة مغلوطة، سواء من المصدر الخارجي، أو ملفات الذاكرة في اللاوعي، وتعتمد هذه على دقة عمل العقل اللاوعي وظيفياً..

2 ــ اللاوعي (العقل الباطن):

للعقل الباطن وظيفتان:

1 - التحكم في جميع الوظائف التلقائية في الجسد (الوظائف اللاإرادية)،حتى لو غاب الوعي بفعل النوم أو الإغماء أو التنويم بأنواعه المغناطيسي والإيحائي،فإنه يستمر في تشغيل مختلف وظائف الجسم اللاإرادية.

2 - تخزين كل ما يحدث للفرد في شكل ذاكرة وكجزء من هذه المقدرة على التخزين فإن باستطاعة العقل الباطن دفع أفعال الفرد وأفكاره بصورة تلقائية أو مبرمجة في أنماط سلوكية تسمى ~العادات. (1)

وكما أن الدماغ البشرى " نظام حي مفتوح وديناميكية "فهو أيضا جزء من نظام أكبر. لها، والنظم الفرعية المكونة متكاملة تتفاعل بطريقة دينامية وتغيير لخلق نوعية غير القابل للاختزال للنظام ، وهي مشتركة (متطابقة إحصائيا) الخبرة. هذا يذكرنا بأن تاريخ كل فرد يعكس مزيجا لا يتجزأ من كيفية والبيئة، والأحداث العشوائية، والجنس، ومزاجه وكلها عوامل تساهم في خلق الخبرات التي تقود إلى التكيف والتعلم بشكل متكرر وتشكيل التنمية للفرد وكما أنها تخلق العالم الداخلي الخاص بها من استجابات التوتر التي تزيد من تفاعل أدمغتهم ومدى الاستجابة الفسيولوجية ومع الخبرات الحياتية المكتسبة ، وأن تطور العقل والعلاقات والتغيير الدماغ عبر الزمن، يقود إلى وظيفة تنظيمية العقل ويظهر ضمن تفاعلات العمليات العصبية والشخصية ، ومن خلال العلاقات فإن العقل أن ينظم تدفق الطاقة والمعلومات داخل الهيئات وبين الناس وبما يقود إلى عمليات الإدراك الاجتماعى وتنظيم الحالات الجسدية وتعديل العاطفة، وتنظيم الذاكرة، والقدرة على التواصل ، لتمثل ولتلعب الخبرة الشخصية دورا تنظيم خاص في تحديد تطور بنية الدماغ في وقت مبكر في الحياة وظهور المستمر من وظائف المخ في مختلف مراحل العمر وبما يبنى دينامية القدرة على رؤية العالم الداخلي الذات والآخرين. وتدفق الطاقة والمعلومات والخبرات التعاونية المشتركة، ويمكن ملء الحياة مع شعور دمج الاتصال والمعنى والتعامل الكيفى مع الممتلكات المادية ، ومن خلال هذه العمليات تتشكل أبعاد ثلاثة للعقل هى التنظيميحكم تدفق الطاقة والمعلومات داخل المجتمع بكل تنظيماته من الفرد والأسر والمجتمعات المحلية والمجتمعات وتؤثر على فاعلياتها، ومن ثم يتشكل البعد الثانى وهو التوعية والوعى، ووالبعد الثالث التجربة-ذاتية (2)

يرى العالم"فيري وارن" ومعه"بينجهام" ان القدرة العقلية هي"القوة على أداء الاستجابة،وتشتمل على المهارات الحركية،كما تشتمل على حل المشاكل العقلية". وبها المفهوم تصير الاستجابة موقفا مشخصا لهذه القدرة من حيث ان الاستجابة لا يقوى عليها الفرد إلا بفضل هذه القوة الواعية وان الاستجابة لا تخلو من هذه القدرة او القوة التي تتجلى فيها القدرة العقلية ، أما العالم"ثرستون" فيرى ان القدرة العقلية هي صفة يحددها سلوك الفرد،أي بمعنى أنها صفة تتحدد بما يمكن ان يؤديه الفرد او ما يقوم به". فهي (القدرة العقلية) صفة تظهر نتيجة لأداء معين،وبهذا فإنها تمثل سلوكا ظاهريا يمكن ملاحظته وبالتالي قياسه ، جاء ضمن تعريفات معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية د. احمد زكي بدوي التعريف التالي:" القدرة العقلية تعني مقدرة الفرد العقلية على إنجاز عمل ما او التكيف في العمل بنجاح..وهي تتحقق بأفعال حسية او ذهنية،وقد تكون فطرية او مكتسبة (عن طريق التعلم)،كما ان هناك قدرات عامة،وهي تمثل عامل مشترك بدرجات متفاوتة مع جميع القدرات الخاصة او مع مجموعة منها" واعتبر الباحث فؤاد البهي السيد ان الأداء العقلي "هو القدرة العقلية،والأداء المزاجي..وان الانفعال هو سمة الشخصية،والأداء الحركي هو المهارة اليدوية"

وقد تناول الكثير من الفلاسفة والمفكرين ماهية العقل الإنسانى فهو مجموعة المعاني الكلية الذهنية التي تكون مقدمات تُستنبط بها المصالحوالأغراض.  وما ذهب إليه القاضي عبد الجبار المعتزلي (ت: 415هـ) في قوله: العقل «عبارة عن جملة من العلوم مخصوصة، متى حصلت في المكلف صح منه النظر والاستدلال والقيام بأداء ما كلّف به»، وهو الهيئة المحمودة للإنسان في حركاته وسكناته، كما في قول الرازي (ت: 606هـ): «أنه غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، والنائم لم يزل عقله وإن لم يكن عالمًا» وكما يبين ابن سينا في قوله: «العقل: جوهر مجرد عن المادة من كل الجهات، وهو المحرّك بحركة الكل على سبيل التشوق لنفسه. ووجوده أول وجود مستفاد عن الموجود الأول» و في قوله: «نور يُعرف به حقائق الأشياء على ما هي عليه في نفس الأمر» (3)

وينقل ابن الجوزي[4]: في كتابيه: (الأذكياء)، و(ذم الهوى) ما قاله الغزالي، ويضيف مبيِّنًا ماهية العقل: "يعرف العقل بسكوتِه وسكونه ومراقبته للعواقب، وليس العقل محسوسًا، وإنما يدل عليه ظاهرُ قول العاقل وعمله". ويقول: "إنما تتبيَّن فضيلة الشيء في ثمرته وفائدته، وقد عرَفْتَ ثمرة العقل وفائدته، فإنه هو الذي دلَّ على الإله، وأمر بطاعته وامتثال أوامره". ويُعرِّف النَّسَفي العقل بقوله: "هو قوَّة للنفس بها تستعدُّ للعلوم والإدراكات، وهو المَعْنِي بقوله: غريزة يتبعُها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، وقيل: هو جوهر تُدرَك به الغائبات والمحسوسات بالمشاهدة". ويقسِّم النَّسَفي العقل إلى غريزي واستدلاليوالعقول عنده متفاوتة بحسب الفطرة: منها العقل البديهي، كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، وهذا العلم لا يحتاج إلى دليل أو تفكير. ومنها العقل الاستدلالي: كالعلم بأن الدُّخَان علامة على وجود النار. ومنها العقل الاكتسابي، وهو أعمُّ من الاستدلالي، وهو يقوم على الاختبار بالحواس. ومنها يجيء بالإلهام ، وهو ما يلقى في القلب مباشرة.

 

بقلم: أحمدعزت سليم

عضو إتحاد كتاب مصر

.....................

المراجع:

1 - دانيال J. سيجل ، Mind, Brain, and Relationships  ، الطبعة الثانية 2012.

2 ــhttp://almothaqaf.com/index.php/derasat/67168.html

3 ــ http://www.alukah.net/culture/0/64948/

4 ــ http://acpss.ahram.org.eg/News.aspx?Serial=158

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم