صحيفة المثقف

النقيصتان

امان السيد تَمرَّ في صُورتك الأخرى في هذا العالم..

"شاتي" من بنغلادش، وهي من جهةٌ من دنيا غارقة بالنقص..

شاتي تجهد في خدمة بيوت تُراكِمُ أقذارها، وهي تجهد في خدمة عقول تنسج العناكب فيها وَهَنها.. شبيهتان تطويان الحياة تحت إبطيهما تُجدّفان لمنارة تتمنيان أن فيهما ترتكب ثوابها الأكمل.. من تربي ابنتين تتركهما ليُفرِع عُوداهما بعيدا، فتُسكت حنينها اللاذع بعِراك في العمل، حتى لتشعر أنك أمام جندي في معركة يُسابق ليَدكّ رقبة خصمه قبل أن يطحنها له.. صورة مقابلة نَسَّبوها الأصيلة لانتمائها إلى الرفّ الأعلى من التّصنيف الدّنيوي، تجاوزت صاحبتها أعْتى الدروب شِدّة، لكنها أدركت متأخرة أن المِجنّ عاد يُناورها، ليعيد ترتيب رحلة حياة لم يعد يراها تليق بها، وليتركها نَهبَ لُجَج لن تتلذّذ باستقرارها..

كلتاهما وجهان لرغيفٍ يُخبز، ليُقمَّرَ..

الذكورة  في عالميهما سلطة خاوية يتّخذ منها الورق خليلةً خفيةً..

تتمتم شاتي: العمل مُضنٍ، والكرامة حكمة.. دَعي العمر يَغُصْ  كالسفينة في قعر البحر..لا  تُلاحقيه، كِنانةُ الذَّكر تتّسع للكثير من السّهام، وأنا أرفض أن أكونَ السّهم، أو الكِنانة.. تُحدّد البوصلةُ أنّ الأرض يتوازى فيها المدّ والجَزر، والسفن تغرق لتكون يوما فيلما سينمائيا يتهافت عليه الهَاوُون..

قبلتان لكعبة واحدة.. تقول "شاتي" وهي تُصارع البَلاط : "بنغلادش" رَديفُ القتل والذبح والتّدمير.. مولانا يذبح، والشيخ يذبح.. صوتٌ ما يردّدُه الصّدى:

اللغة الوحيدة المشتركة في العالم الإنسانيّ هي.. الذّبح!

***

أمان السيد – سيدني

.....................

من كتاب "أبعد من القيامة" صدر عن دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة.

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم